ميسان / مهدي الساعدي
تماسه المباشر مع المرضى يجعله في خطر التعرض الدائم للإصابة بالفايروسات المختلفة على الرغم من اتخاذه احتياطات الوقاية التي يوصى بها كإجراءات وقائية مثل ارتداء الكمامة واستخدام المعقمات والكحول بصورة مستمرة ولكنها لم تحمه من شر الاصابة بفايروس كورونا.
عماد رسن 42 عاما يعمل في صيدلية داخل احد الأحياء الشعبية في مدينة العمارة وموظف في احد المراكز الصحية في المدينة بصفة معاون صيدلي وقضى في وظيفته ما يقارب 22 عاما بعد تخرجه من المعهد الطبي ويزاول عمله في الصيدلية بعد إتمام عمله المهني والوظيفي في المركز.
اصيب عماد بفايروس كورونا أسوة بالغالبية من زملائه العاملين في المؤسسات الصحية لتعاملهم بصورة مباشرة مع المرضى وعلى اعتبارهم خط الصد الاول ضد هجوم الفايروس الذي قاد حملات متتالية دقت على أثرها نواقيس الخطر لازدياد الاصابة بين مواطني المحافظة ولكنه تشافى منه. وعلى الرغم من التوصيات والارشادات التي توصي بالتطعيم والتلقيح ضد الفايروس الذي لا يستثني أحدا من الاصابة لكن عماد ما زال يمارس عمله دون تلقي اللقاح على الرغم من توفره في المكان الذي يعمل فيه ولم يكن الشخص الوحيد من الوسط الصحي يرفض استخدام اللقاح بل يوجد مثله الكثير.
ما زال العديد من الكوادر الصحية والطبية يرفض فكرة التطعيم والتلقيح ضد فايروس كورونا الى درجة خلفت عند الكثير من العامة عدة تساؤلات وعلامات استفهام عن السبب الذي يدفع جنود خط الصد الاول الى رفض استخدامه ومعرفة بيان الدوافع والأسباب الجوهرية لديهم لرفضه.
احمد ساهي (اسم مستعار) لطبيب تخصص في دائرة صحة ميسان يقول في معرض الرد عن رفضه تلقي اللقاح "ما زلت أؤمن بفكرة ان اللقاح غير آمن التأثيرات المستقبلية وعلى المستوى الشخصي أرفض تلقيه الا بعد ضمان عدم التأثير من قبل الشركات المصنعة وهذا بطبيعة الحال يحتاج الى سنين من الدراسات والبحوث النظرية والتجريبية ولا امانع من استخدامه لأي شخص فهذا امر يعود إليه اولا واخيرا".
فكرة الرفض تعدت الحدود (الجندرية) للعاملين في المجال الصحي. ندى أصيبت بالفايروس مرتين لعملها في احد المراكز الصحية بصفة ممرضة تبدي رأيها بالموضوع "رغم إصابتي ولمرتين بالفايروس الا اني امانع استخدام اللقاح فثقتي بالعلاج اكبر من ثقتي باستخدام التطعيم على اعتبار ان العلاج مأمون المضاعفات الثانوية لدرجة كبيرة وتجربتي على المستوى الشخصي معه كبيرة ولكن الموضوع يختلف جذريا عن اللقاح". الرأي الذي يلتزم به البعض لم يؤثر على آخرين من العاملين في المجال نفسه فعلي علوان الممرض الصحي البالغ من العمر 51 عاما له رأي مختلف تماما "كنت من الرافضين لتلقي اللقاح ولكني عملت في ردهات عزل للمصابين بالفايروس في مركز كوفيد في المحافظة وكنت على تماس مباشر مع المصابين ورأيت حالة تردي الكثير منهم وانا اعاني اصلا من داء السكري فوجدت خلاص نفسي من فكرة الاصابة بالمرض في تلقي اللقاح".
وفي نفس المكان الذي يعمل فيه علي يوجد من يخالفه بالرأي المعاون الطبي كاظم جبار يعلق على الموضوع بجدية اكبر "تخلت الشركات المصنعة للقاح عن تحمل اي مسؤولية تجاه اي مضاعفات قد يسببها اللقاح ووضعت الناس في حقل تجارب لاستخدام اللقاح عليها وارفض ان اكون ميدانا للتجارب لأي لقاح او علاج مهما كان نوعه ومستوى تأثيره".
وبعيدا عن القطاع الصحي والعاملين فيه وقريبا من الموضوع ذاته تأثر الكثير من العاملين في القطاعات المختلفة بآراء الرافضين لتلقي اللقاح من أبناء الوسط ذي العلاقة، يعبر حيدر وهو رجل أمن برتبة رائد في الشرطة عن رأيه "عندما أرى غالبية العاملين في القطاع الصحي يأخذون اللقاح سيكون لي رأي آخر في الموضوع ورأيي حاليا من رأيهم وقد سمعت منهم ان اللقاح يسبب العديد من التأثيرات الجانبية منها التجلطات وهم اهل الاختصاص".
عزوف الغالبية من مواطني محافظة ميسان عن تلقي اللقاح رغم توفره بأنواعه المختلفة في المؤسسات والمراكز الصحية في المحافظة ولد قلقا كبيرا لدى المعنيين والمتابعين للشأن الصحي مما دفع بوفد منظمة الصحة العالمية برفقة وفد وزارة الصحة العراقية لزيارة المحافظة في 11 / من شهر تموز الجاري "من أجل تنفيذ فعاليات توعوية صحية حول أهمية التلقيح بلقاح كوفيد 19 لمنع انتشار فايروس كورونا في مناطق المحافظة والتعريف بضرورة اللقاح وأهميته الكبيرة في حماية المواطنين" بحسب ما افاد المتحدث الرسمي لدائرة صحة ميسان محمد الكناني.
الفعاليات التثقيفية والورش حول الصحة والوقاية من الاصابة بالفايروس وللتعريف بأهمية اللقاح استمرت لأيام عديدة واستهدفت رجال الإعلام ومنظمات المجتمع المدني في المحافظة وكانت بتنظيم دائرة الصحة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية والفريق الاعلامي للوزارة تلتها حملة تلقيح في المدينة الترفيهية في المحافظة وبمشاركة الكوادر الصحية العاملة في وحدات التحصين ولكنها لم تسجل أيضا اقبالا كبيرا. قلة الإقبال على تلقي لقاح فايروس كورونا رغم الفعاليات والندوات والورش التثقيفية ولد الاستغراب لدى العاملين في مركز صحة المحافظة "نلاحظ في محافظة ميسان ضعفا كبيرا في الإقبال على أخذ اللقاح وهو لقاح آمن وفعال اما الدول المتقدمة قامت بالتلقيح وبنسب عالية أدت إلى توفير الحماية لهم ولعوائلهم". يقول مدير عام دائرة صحة ميسان الدكتور علي العلاق في تصريح نقله مكتبه الاعلامي.
ويضيف "الكثير من الدول تعاني من النقص في اللقاحات والعراق لدية ثلاثة أنواع منها ذات المناشىء الرصينة المتوفرة في جميع المؤسسات الصحية وهو مجاني وإن عدد الملقحين في العراق وصل إلى أكثر من مليون ولم تسجل اية اعراض جانبية لخطورة اللقاح" .
ازدياد الاصابات بين مواطني المحافظة خصوصا إثر الموجة الثالثة للفايروس دفع النقابات والاتحادات الاعلامية والثقافة والفنية لتبني حملات اعلامية مكثفة لحث المواطنين ودفعهم تجاه منافذ التلقيح من أجل تلقي اللقاح وحماية نفسه وعائلته من خطر الاصابة بالفايروس حيث كان لنقابة الصحفيين ونقابة الفنانين واتحاد الحقوقيين وغيرها في المحافظة دور كبير ومميز في تدعيم ثقافة التحصين ضد المرض في المحافظة. الاقبال الواسع على منافذ لقاح فايروس كورونا المنتشرة في المراكز الصحية في عموم المحافظة كان بادرة انفتاح وتوجه أولي بعد العزوف عن تلقيه من قبل الكثيرين حيث "وصل عدد الملقحين ضد فايروس كورونا ليوم الأحد 25 / من شهر تموز فقط 2205 مواطنين من أبناء المحافظة وهي اعلى نسبة تسجلها دائرة صحة المحافظة بعدد الملقحين خلال الأيام الماضية". بحسب ما أفادت به شعبة الإعلام في دائرة صحة ميسان.
ولعل البوادر ستفتح سبلا جديدة في تقبل اللقاح من قبل الكوادر العاملة في المجال الصحي بعكس ما يراه عماد رسن ورفاقه ويساعدها في تغيير نظرتهم عن اللقاح والتطعيم.
يقول عماد "أنا لا أولي اهتماما اصلا للإصابة بالفايروس سبق وأن أصابني ولم اعر له اهتماما ليقيني وثقتي بالادوية والعلاجات المتوفرة عشت معه لأكثر من اسبوع ومارست حياتي بصورة طبيعية بالرغم من الحجر الذي فرضته على نفسي وان أصابني مرة اخرى سأعيد الكرة عليه باستخدام العلاج أيضا وهذه بكل صراحة أسبابي التي تدفعني لعدم التلقيح".