TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: كم عاكوب سنتحمل؟

العمود الثامن: كم عاكوب سنتحمل؟

نشر في: 1 أغسطس, 2021: 11:13 م

 علي حسين

لا أعرف على وجه الدقة ما هو العمر السياسي والوظيفي لمحافظ نينوى السابق نوفل العاكوب، ربما عشق هذه المهنة منذ ريعان الشباب، أو أنه تعلق بها في السنوات الأخيرة! لكنه حتماً لايزال يعد نموذجاً للانتهازية السياسية ولشعار الولاء وليس الكفاءة.

تصلح قصة العاكوب، مثالاً نموذجياً لكيفية تحول موظف بسيط إلى مالك لعشرات الملايين من الدولارات، وفوق هذا إلى مسؤول يتحكم بمصير ملايين الناس، العاكوب الذي كان مجرد رقم ضمن عدد نفوس العراقيين التي وصلت إلى أربعين مليون، تحول إلى خبر اول تتلاقفه الصحافة بعد ان فرضت عليه الحكومة البريطانية في عقوبات لسجله في مجال الفساد المالي والسياسي

قفز نوفل العاكوب الى قائمة اصحاب الملايين بدعم وتشجيع من جهات سياسية كانت تريد من خلاله ان تنهب اموال اعمار مدينة الموصل ، وقد تمكنت من ذلك واخذنا نشاهد فديوات للعاكوب وهو يعيد لنا مقولات"حكيمة" يعيد الحياة من عيّنة "المطرك" و"التمضرط"مع الاعتذار للقارئ الكريم ، ومرة يبكي على اموال البلاد التي نهبت ، ومرة اخرى نجده في صورة "رجل الخير والتقوى"، بعدها يفاجأ المواطن العراقي الباحث عن لقمة عيشه وعن كهرباء لا تنغصها القطوعات وأمزجة المسؤولين أن العاكوب لفلف اكثر من خمسين مليون دولار امريكي عدا ونقدا من اموال المحافظة .. تحت شعار " اني والمحافظة جيب واحد " .

لا أعلم ما هو شعور مقاتل الشعبي، خاض حروبًا من أجل تحرير الموصل على عصابات داعش واستشهد رفاقه وزملاؤه، وهو يقرأ خبر سرقات العاكوب ومعه بالتاكيد قافلة من المسؤولين الذين نهبوا البلاد ، أغلب الظن أن أي مقاتل يعرف معنى الوطنية، سيشعر بالأسى على التضحيات التي قدمت والتي قطف ثمارها اشخاص من عينة نوفب العاكوب " ، فيما لا تزال عوائل الشهداء تقف في طوابير انتظار من يعيد لها الامل بالعدالة الاجتماعية .

تسخر منا الأقدار الآن، حيث تصبح صورة " نوفل العاكوب " بديلا لصورة المقاتل الذي ضحى بنفسه، لنجد أنفسنا أمام مشهدٍ أكثر سخرية، وإهانة لتضحيات العراقيين جميعا.

ألقي القبض على العاكوب ، لكن زمن " العواكيب " لم ينته بعد، وعصر خلط السياسة بالشطارة ما تزال سوقه مزدهرة، وهناك في الظل عشرات مثل "نوفل العاكوب " ممنوع الاقتراب من حصونهم المنيعة. أيها السادة ثمة شيء أكثر بشاعة من القتل في السياسة، الفساد. ولهذا نجد أن للنزاهة قاعدة واحدة لا تخطئ، إما العيش إلى جانب البسطاء، أو التحول الى ملياردير من اموال الفقراء .

وما بين سرقات العاكوب ، ودموع امهات الشهداء ، ينحشر العراق الجديد، إذ تمضي عمليات تجريفه إنسانياً، وحرقه أخلاقياً، بحيث لا يبقى فيه إلا ناعقون وناعقات من عيّنة ببغاوات البرلمان.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. Khalidmuften

    العاكوب الصغير انكشف امرها فمتى يتم الكشف عن العاكوبات الكبار وفضحهم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram