TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: إمام الحرية

العمود الثامن: إمام الحرية

نشر في: 17 أغسطس, 2021: 11:49 م

 علي حسين

هل ينتمي أولئك الذين يسرقون أموال وأحلام العراقيين ومستقبلهم إلى القيم والمثل العليا التي جاء بها الإمام الحسين؟

هل يستطيع من يدَّعون حب إمام الأحرار الوصول، ولو قليلاً، إلى خصاله وفضائله؟ لا أظن أن هؤلاء الممتلئين غلظةً وقحطاً روحياً يمكن أن يكونوا يوماً جزءاً من مسيرة الحسين، فمثل هؤلاء يسيئون إلى قيم العدل التي نادى بها سيد الشهداء، لأن الاعتزاز الحقيقي بالحسين يفرض على أصحابه أن يقرأوا سيرة هذا الرجل العظيم، ويتوقفوا عند قصته مع الحق والعدل، لقد أدرك الحسين منذ أول سهم أطلق من معسكر يزيد أن هذه الأرض إنما أعدت للباحثين عن المحبة واليقين، ولم تعد للمزورين وناهبي قوت الفقراء، والمرائين ومنتهكي الأعراض وذئاب الطائفية. اليوم يستعيد البعض من ساستنا "الأكارم" ذكرى الإمام دون أن يدركوا ماذا تعني ثورته، وأظنهم لم يقرأوا يوماً ما قاله الحسين حين رفض أن يتولى أمر العباد رجل ظالم مثل يزيد : "من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحُرَم الله، ناكثاً لعهد الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغيّر عليه بفعل ولا قول، كان حقاً على الله أن يدخله مدخله، ألا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلوا حرام الله، وحرموا حلاله ".

اليوم علينا أن نعيد خطاب الامام الحسين عن العدل والحق والحرية، ونحن نواجه سياسيين ومسؤولين لا يعرفون معنى أن ينهض الإنسان باسم الحياة، مسؤولون وسياسيون يبكون الإمام جهاراً ويجلسون مع يزيد سراً، يريدون منا أن نُثني على من يمارس الخراب، ونرى المآسي ونغمض أعيننا عنها، ينسون أن إمام الحرية علمنا أن الكلمة دليل يكشف الغُمَّة، وقال لنا إن تضحياته ما هي إلا كلمة تضيء الدنيا، وتزلزل أركان الظلم، وتشيد عصر الحرية، وكان وهو يتجه لإعلاء كلمة العدالة، قد حذّرنا من ذليل يستحلي العلم، ومن لسان ينطق بما يأباه الضمير، من حكام يكذبون ويغدرون ويفتكون، ومن ضعاف ينافقون ويزورون.

اليوم نتذكرك يا إمام الحرية، ونحن نرى ساسة يتحدثون ليل نهار عن القيم الدينية، وأخلاق الحاكم، ورضا الله والعباد، ومصطلحات وعبارات ضخمة، لكن أكثرهم لا يؤمنون بما يقولون، سياسيون تعددت صورهم وأشكالهم، بعضهم لبس عباءة الفضيلة ليداري رذائله، روائح فسادهم ملأت أروقة مؤسسات الدولة وتسربت منها إلى الشوارع والأقضية والنواحي والمدن، وتحول بعضهم إلى مصيبة وقعت على رؤوس الناس، يتحدثون في ثورة الحسين لكي يخدشوا نصاعة وجهها وروعة مبادئها، وليجردوها من أهم ما جاءت به من معاني الرحمة واحترام الحياة، يدافعون عن الفساد والمفسدين والمرتشين، ويؤلبون فئة على أخرى، ويقيمون الدنيا ويقعدونها من أجل الحفاظ على كراسيهم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. عدي باش

    قال الإمام الحسين : الكلمة .. فرقان بين نبي و بغي ، و كذلك الموقف من محاربة الفساد و الطغيان

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram