محمد حمدي
يعلو حديث المال والاحتياجات في عالم الرياضة ومؤسّساتها على أي حديث آخر، وطالما كانت الاتحادات الرياضية على اختلاف مسمّياتها أولمبية وغير أولمبية، فردية وجماعية، فهي المسؤولة عن رياضة الانجاز العالي، والمشاركات الخارجية، فلا شكّ بأن الادعاء أو الشكوى من قلّة المصروفات المالية المخصّصة للاتحادات هي السبب، وطالما كانت الحكومة هي المانحة الوحيدة للاتحادات، فهي وحدها من تتحمّل مسؤولية غياب الانجازات الرياضية.
ولكن بالعودة الى الوراء قليلاً ومسايرة الركب الاقتصادي في تسميات مخصّصة جداً ومهنية ومنها الميزانية الانفجارية، والانفاق الهائل، والميزانية التقشّفية، وضُعف الانفاق، ينبغي هنا أن يتم التقسيم وفقاً للمصروفات بين شحيح وكريم مبذّر، وبالتالي فإن النتائج لابد أن تتأرجح هي الأخرى بين الرياضيين في الاتحادات الرياضية، وبالتالي يكون العُذر مقبولاً عندما نغادر جميع المشاركات الأولمبية بخفي حنين ولا نتائج تذكر!
اتذكّر أنني وخلال أحد البرامج التلفازية اضطرّني رؤوساء أحد الاتحادات الفردية الذي بالغ في الفقر وقلّة الانفاق مع إن مصروفاته على المعسكرات الخارجية باعترافه شخصياً تفوق حجم دولة بقدر العربية السعودية والإمارات! مع ذلك ادرجت له الأمثلة في الانجازات الأولمبية لدول أفريقية تحت درجات خط الفقر والصفر باضعاف مضاعفة، ولكنها كسبت بحدود تسع عشرة ميدالية في أولمبياد ريو 2016 وأولمبياد طوكيو 2020 ولم يرهقوا ميزانية دولهم بمعسكرات في تركيا ومصر ولبنان وتايلاند، المشكلة كما في كل مرّة هناك من يتوقع أو يعد المحاججة من الإعلام الرياضي على أنها استهداف مُمنهج ومدروس ومقصود في الوقوف مع عناصر المعارضة والجبهة المضادة.
المشكلة الكبرى هو أن طريق الاتحادات المنفرد هو الطريق الوحيد للتمثيل الخارجي كما أنها أي الاتحادات الرياضية هي المسؤولة بصورة مباشرة عن نشر اللعبة المعنية بإدارتها، وهي فى سبيل ذلك تحتاج إلى انفاق مالي فيما يتعلّق بتوسيع قاعدة الممارسة الرياضية أو تحقيق إنجازات رياضية سواء كان ذلك على النطاق الوطني أو القاري أو الدولي ومن ثم فإن قراءة المستقبل المتعلّق بحجم الانجاز الذي ينشده أي اتحاد رياضي سواء كان أولمبياً أو غير أولمبي يحتاج الى تخطيط تمويلي يقوم به الاتحاد بالتوافق مع الستراتيجية الفنية للاتحاد المتعلّقة بقدرات الاتحاد الرياضية والتعاضد المؤسّساتي الحكومي بهذا الاتجاه.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن علاقة الدولة بالاتحادات الرياضية تكمن فى علاقة التمويل المالي لتلك الاتحادات واحكام عمليات حوكمة الرقابة المالية الخاصه به الأمر الذى يستلزم أن تكون عمليات التقييم المؤسّسي لتلك الاتحادات قائمة على عمليات ربط الانفاق المالي بالنتائج المتحصّلة وهو المطلوب، ولكنه غير ممكن مؤسّساتياً مع إن المساعي تتكرّر في كل عام ومناسبة وتوضع الخطط برسمها الجميل على الهواء فقط.
وهذا الأمر يحتاج إلى الإشارة إلى فكرة وفلسفة إدارة اللجنة الأولمبية الوطنية ومتابعتها الستراتيجيات الفنية التي تضعها الاتحادات فيما يتعلّق بحجم الانجاز وقاعدة الممارسة الرياضية والكلام على الورق أيضاً جميل وجميل جداً والتطبيق غير ممكن بالمرّة!
وعليه فإن كل مرحلة من الخطة الستراتيجية التي تستهدف انجاز محدّد تحتاج إلى سيولة نقدية الأمر الذى يحتّم على وزارة الشباب والرياضة أن تكون مشرفة وواضعة للخطط وشريكة ومراقبة وهو أمر ثبت عدم جدواه أيضاً ويكون سبباً لعشرات المشاكل التي لا مجال لذكرها يضاف لها مشاريع الاستثمار والرعاية التي لم تنضج هي الأخرى.