TOP

جريدة المدى > عام > مرويات داعش.. سرديات عن الجنس والعنف

مرويات داعش.. سرديات عن الجنس والعنف

نشر في: 4 سبتمبر, 2021: 10:33 م

ناجح المعموري

صدر كتاب " نساء عراقيات " للدكتورة لاهاي عبد الحسين عن دار المدى بداية هذا العام. ومعروف أن لاهاي من أبرز من اشتغل في الفضاء السوسيولوجي وخصوصاً " الجندر "

وهي عالمة ذات عقل موسوعي مقتدرة على اعتماد الفحص للظواهر اعتماداً على ما يساعد البحث عن التكون والنضج عبر الوثائق والاحصائيات، لذا دائماً ما تكون كتاباتها متمتعة بالضبط والدقة.

نهضت د. لاهاي بتقديم اهم البحوث حول المرأة العراقية موظفة علم اجتماع المرأة من اجل التعريف بميدان حساس وخطير، لانه يمثل مجالاً اكثر حيوية في بلد تهيكلت مشاكله حول الحياة التي دائماً ما تكون المرأة عنصراً اجتماعياً فاعلاً ومركزياً. وتثير قضايا المرأة عدداً من الافكار حسب توزعهن المجتمعي المتنوع وسيادة الاختلاف البيئي والديني والطائفي وهذا ما المحت له د. لاهاي عندما اشارت لاهمية ما تكرس عتبة حيوية في ميدان دراسات النساء، تلاه تقديم تصور نظري حول ما اصطلح عليه بالرؤية في الاشكالية التي تواجهها المنظمات النسائية العربية عموماً. منظمات تعمل في ظل أنظمة سياسية شمولية كلية تقسر الجميع على التسليم بمنطقها وايديولوجيتها مما يؤدي الى شل اي تحرك جاد، مسؤول للنهوض بأوضاع المرأة.

يعتمد مثل هذا المشروع الواسع والموزع على مجتمعات مدينة، ريف، نائية، مجاورة للمدن، صناعية، زراعية يعتمد على ما تنطوي عليه النظرية الاجتماعية واعني به توفر الثقافة والمعرفة التي تميز الباحث وانا مؤمن بأن لاهاي متميزة في هذا المجال. لذا تمكنت من تقديم كثير من القراءات عن النساء العراقيات وذهبت بما يشبه المغامرة لوجود التضاد بين المفكر الاجتماعي ــ واعني لاهاي ــ ومؤسسات الاجتماعية وعيون السلطة المراقبة التي لا تعرف موقفاً الا المعاقبة، ولأن مسعى علم الاجتماعي معرفي فهو ذاهب للاختلاف والمغايرة مع السلطة ودائماً ما تتجاور المعرفة مع السلطة من اجل توظيف الهيمنة كما قال غرامشي. المعرفة والسلطة والتضاد بين الاثنين يفضي الى توصلات حقيقية. لان أهم ما يعني السوسيولوجي هو النتائج التي تمثل الخلاصات النهائية للحقائق التي تقدم لنا تصورات جوهرية عن ميدان، او الميادين التي تعمل بها المرأة. لذا انا واثق بأن ما قدمته د. لاهاي حول ظاهرة التمييز الجنسي في العراق على مستوى التعليم والعمل والوظيفة للفترة من 1967 - 1988 اشتملت تلك الفترة في سنواتها الثماني الاخيرة على الاثار المدمرة للحرب العراقية الايرانية 1980- 1988.

اكدت عالمة الاجتماع د. لاهاي على قلة وانعدام الدراسات الخاصة بالمرأة وميادين عملها في مجالات عديدة، فكيف تتوفر فرص البحث وللاقتراب لموضوعة التمايز الجنسي ود. لاهاي عارفة بأن الاهتمام بالمرأة اكثر تمظهراً بالمجال السياسي والثقافي.

والتقطت توصيلاً ذكياً من دراسة خيري العمري التي توصل فيها لحقيقة اجتماعية لاحظ فيها ان المرأة في العراق، عاشت ضمن نظام صارم للعزل الجنسي، حتى العقود الاولى من القرن العشرين، ومعروف ان نظاماً من هذا النوع بحكم الطريقة التي تأسس في ضوئها والمقومات التي تقرر ان تستند اليها، لا يوفر الا القليل والمحدودة من الفرص للنساء من اجل التطور ولنمو.

واجريت هذه الدراسة بدعم من البرنامج الانمائي للامم المتحدة ودائرة حماية المرأة التابعة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية وشاركت 28 باحثة اجتماعية في جميع البيانات التي صارت قاعدة لهذه الدراسة. اضاءت هذه الدراسة العنف الذي واجهته النساء في جغرافية متعينة، كاشفة اشكال العنف والاغتصاب. ووجدت بأن المحكيات المروية هي سرديات مأساوية ذهب ضحيتها اعداد من افراد العائلة واشارت الدراسة الى ان اعمال العنف الجنسي ليست جديدة، بل معروفة زمن الحروب والنزاعات والاضطرابات المجتمعية ولم تحظ بالعناية والاهتمام العلمي والاكاديمي والسياسي. انا اقترح التوصل الى نوع من العلاقة مع منظمات ثقافية والجامعات لاختيار عينات من مرويات العنف والتعريف بداعش ورسم حدود المزاولات التي واجهتها المرأة واشاعة رأي عام والتعاون مع منظمات المجتمع المدني وحقوق الانسان وضرورات محاكمة القتلة في جماعات داعش. ووجدت ممكنات توحيد بعض المرويات وصوغ مسرحيات، تمثيليات تعرض في المدارس والكليات وتصوير افلام سينمائية واجراء استطلاعات وثائثقية وتقديمها في مهرجانات السينما العالمية.

وجدت في كتاب د. لاهاي عبد الحسين جهداً مهماً كاشفاً عن عقل معرفي استطاع توظيف الوقائع المجتمعية ومعاينة الظواهر التي عاشتها الجماعات، وهو من المصادر السوسيولوجية شديدة الاهمية. المشكلة كيفية توسيع التعرف على هذه الدراسة وآليات تقديمها على نطاق واسع.

المثير للاستغراب الكشوفات التي قدمتها دراسة حول " جعفر ابو التمن " تمركزت على الابقاء على تجهيل او تغيب مجتمعي لكنية المرأة ودورها البارز في دعم ثوار ثورة العشرين على الرغم من وجود داعم ديني لنشاطهن في توفير الطعام او الملجأ والتقط د. علي الوردي لذكائه ما تميزت به المرأة الدينية غير المحجبة وهن يواظبن بالذهاب للمدارس والوظائف في مؤسسات الدولة.

انا اعتقد بأن الاحصاءات غير الخاضعة للتوصيف والبعيدة عن المجال الاجتماعي المجدد " الخاص والعام " المؤسسات الكبيرة وتلك الخاضعة لحضور المقدس وهيمنة المزاولات الدينية تخضع المرأة للانضباط والمراقبة. وقدمت د. لاهاي توصيفاً اجتماعياً للتميز الجنسي وهو العلاقة التي تنشأ بين ادارة المؤسسة وفق النظام الاجتماعي وجماعات المرأة بآلية غير موضوعية ولا عادلة، لكنها تتبدى عن ضرر ملاحق للافراد والجماعات وذلك بسبب الاختلاف والتباين انطلاقاً من الجنس ومستوى الدخل، البطالة والتوزيع المهني والتفضيل في مختلف المجالات.

المثير في دراسة التمييز الجنسي اعتماد العالمة الاجتماعية على طريقة قياس احصائي، مثل طريقة معدل الاناث الى الذكور " اي عدد الاناث في اي مجال من مجالات المشار اليها لكل مائة من الذكور " كما استخدمت طريقة انعدام التشابه للعزل الجنسي حيث امكن ذلك الى جانب النسب المئوية ص92/93.

قرأت باهتمام كامل الفصل الاخير، الدراسة الخاصة بالعنف القائم على اساس الجنس ضد النساء / دراسة اجتماعية لعينة مختارة من الناجيات من اعمال العنف في العراق.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

كوجيتو مساءلة الطغاة

علم القصة: الذكاء السردي

موسيقى الاحد: 14 رسالة عن الموسيقى العربية

تصورات مغلوطة في علم السرد غير الطبيعي

أوليفييه نوريك يحصل على جائزة جان جيونو عن روايته "محاربو الشتاء"

مقالات ذات صلة

رواء الجصاني: مركز الجواهري في براغ تأسس بفضل الكثير من محبي الشاعر
عام

رواء الجصاني: مركز الجواهري في براغ تأسس بفضل الكثير من محبي الشاعر

حاوره: علاء المفرجيرواء الجصاني من مواليد العراق عام 1949، -أنهى دراسته في هندسة الري من جامعة بغداد في عام 1970، نشط في مجالات الاعلام والثقافة والفعاليات الجماهيرية داخل، -العراق حتى العام 1978، وفي الخارج...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram