اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: سياسي عراقي جدا

العمود الثامن: سياسي عراقي جدا

نشر في: 6 سبتمبر, 2021: 01:01 ص

 علي حسين

عندما سُئل المستشار الألماني هلموت كول عن الصورة التي يتمنى أن يتذكره الناس بها قال: "مواطن ألماني"، قبل أربعة أعوام رحل عن دنيانا الرجل الذي قال لشعبه، وهو يشاهد جدار برلين يتهدم قطعة قطعة: "أعيدوا قراءة التاريخ بهدوء، القضية الكبرى ليست ما فعله الجدار بنا، المسألة الكبرى هي ما سنفعله بعد إزالة الجدار".

ربما سيقول البعض، ما لنا ومال ألمانيا وجدارها ومستشارها الراحل، ومستشارتها التي ستتقاعد ونحن نخوض هذه الأيام معركة الانتخابات التي يرفع فيها الجميع شعار المدنية ومحاربة الفساد الذي لكتشفنا انه يأتينا من الفضاء الخارجي ، وأقول إن ما تعلّمته في الصحافة والكتب، يؤكد أن الاهتمام بالأحداث الآنيّة لا يمنعنا من تسليط الضوء على ما يعيق التقدم نحو المستقبل، المشكلة اليوم أن هناك شيئين في العراق، لايمكن السيطرة عليهما، بعض "لطفاء" الفضائيات، والثاني تقلبات الساسة التي جعلتهم مرة يجلسون ويتسامرون مع السفير الأمريكي، ومرة يطالبون بطرد كل أمريكي من العراق ، بالتأكيد لا أحد كيف ؟ .

عندما توحدت ألمانيا من جديد، قبل نحو ربع قرن، كان الثمن تريليون دولار دفعتها بون، المدينة التي دمرتها الحرب العالمية الثانية، وقد اقتضى نهوض الألمان من ركام الموت والخراب وجود رجل دولة يدرك مسؤوليته تجاه شعبه، فوقع الاختيار على "كول" الذي سمي فيما بعد "مهندس ألمانيا الجديدة" لأنه استطاع وخلال سنوات قليلة أن يجعل من هذه البلاد، واحدة من أقوى اقتصاديات العالم.

وصف كثير من المؤرخين كول بالثعلب والداهية، فهو يستغل الحنكة التي تعلمها من والده محصل الضرائب للوصول إلى أهدافه، وحين قال له ميتران يوماً إن ألمانيا ستعود دولة عظيمة مرة أخرى، ابتسم وهو يرد: "لانريد دولة عظيمة، لأن ألمانيا العادية ستصبح يوماً أهم دولة في أوروبا. ومن دون صرخات هتلر، ففي السلم فقط يمكن لنا أن نبني بلداً مزدهراً" .

على أية حال، مثلما أنا استذكر الألماني هلموت كول، فأنا أيضاً معجب بنباهة القائمين على أحزابنا، فأجمل ما فيهم أن أعضاءهم ينشطون هذه الأيام لقطع الطريق أمام أية فرصة للسير في طريق المستقبل، ونراهم منهمكين بكل قواهم في إعادة تصحيح المسار الديمقراطي لهذه البلاد، بالدعاء ليلة القدر على كل من يتمنى أن يحمل ساستنا صفة "عراقي جداً".

أرجو أن لا يظن أحد أنني أحاول أن أعقد مقارنة بين بلاد ميركل وبلاد أصحاب الفخامة، لكنني أحاول القول دوماً، إنه لا شيء يحمي الشعوب من آفة الخراب سوى مسؤولين يعرفون معنى التواضع وينظرون إلى العراقي باعتباره شريكاً لهم في الوطن، وليس مجرد نزيل لا يحق له حتى الصراخ .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. سمراء

    (وليس مجرد نزيل لا يحق له حتى الصراخ) . في ظل الوجوه العميلة والمدعية والمنافقة سنظل مجرد نزلاء بل أقل من نزلاء

يحدث الآن

تركيا.. إقرار قانون لجمع الكلاب الضالة

تقليص قائمة المرشحين لخوض الانتخابات مع كامالا هاريس

وزير التعليم يخول الجامعات بمعالجة الحالات الحرجة في الامتحان التنافسي للدراسات العليا

اليوم..مواجهة مصيرية لمنتخبي العراق والمغرب

تعرف على الأطعمة التي تحفز نشوء الحصى في الكلى

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

العمودالثامن: نائب ونائم !!

العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

العمودالثامن: الكهوف المظلمة

 علي حسين درس العلامة جواد علي أخبار وأحداث ابن الأثير وحفظها واطّلع على معظم ما كتب عنها وكل ذلك في إعجاب شديد وحب صادق، وكان جواد علي ابن الكاظمية يعرف أن الموصلي "...
علي حسين

بيانات جديدة عن حالة الأمن الغذائي في الشرق الأوسط: ثلاثة بلدان في المنطقة تعاني من المجاعة بينها العراق

د. فالح الحمـراني أظهرت منطقة الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة معدلات عالية بارتفاع نسب المجاعة وسوء التغذية، فضلا عن أعراض مثيرة للقلق للغاية تتعلق بزيادة نسبة السكان الذين يعانون من السمنة. ويرجع هذا الاتجاه...
د. فالح الحمراني

نظرة في الميدان السياسي العراقي.. إلى أين يفضي؟

عصام الياسري أسفرت انتخابات مجالس المحافظات العراقية في ديسمبر كانون الأول 2023، عن مكاسب كبيرة للأحزاب الطائفية الماسكة منذ العام 2003 بالسلطة. وبضعة انتصارات طفيفة فقط للقوائم المناهضة للمؤسسة ولم تفز الأحزاب السياسية المعارضة...
عصام الياسري

التعديل والأهلية.. جدل الفقه الجعفري مع قانون الأحوال الشخصية في العراق

علي المدن مرة أخرى تفشل مساعي تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق بعد أن سبقتها محاولة أولى عام 2017 تقدم بها النائب حامد الخضري. وكما أعلنت تحفظي في المرة الأولى، وكتبت مقالين نشرتها في...
علي المدن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram