علي حسين
عرفت السينما عبر تاريخها الذي تجاوز القرن بسنوات، الكثير من النجوم الذين ملأوا الشاشة سحراً وأناقة وأفكاراً، من العبقري شارلي شابلن إلى سبينسر تريسي يقدم لنا عجوز همنغواي يصارع البحر باسماً رافضاً الاستسلام إلى اليأس، إلى كيرك دوغلاس في وسبارتاكوس كواحد من أبرز أبطال الثورات الطبقية، مروراً بريتشارد برتون يعلن احتجاجه على الماضي،
ولن ننسى عراب السينما مارلون براندو والوسيم آﻻن ديلون ديلون، واسماء كثيرة ملأت حياتنا بالبهجة ، وكان منهم جان بول بلموندو الذي رحل عن عالمنا قبل يومين لتقرر فرنسا أنها ستقيم تكريماً وطنياً لنجمها المحبوب ، والذي وصفه الرئيس الفرنسي بالكنز الوطني .
سيقول البعض يالك من كاتب رعديد تنسى أننا في بلد تتحوّل محافظاته كل يوم بقدرة وكفاءة مسؤوليها إلى محافظات"فاشلة"، مسموح فيها سرقة المال العام، وتفشي الرشوة والمحسوبية ومعها المخدرات "الصديقة"، وممنوع فيها صوت الاحتجاج لأنه رجس من عمل الشيطان!. وأتمنى عليكم أن تعذروني فقد كنت أنوي الكتابة عن التضحية والإيثار الذي قدمه السيد عادل عبد المهدي وهو يواجه المؤامرة "الإمبريالية" مثلما أخبرنا عدد من النواب في أحاديث بعضها مضحك ومعظمها يدعو إلى الرثاء، فالرجل اليوم غارق في البحث عن المتآمرين، فيما غالبية الناس لا تزال تضرب أخماساً في أسداس ولم تعد تعرف من قتل أكثر من 700 متظاهر؟.
لماذا ندعو الناس إلى الانتخاب؟ هل من أجل المفاضلة بين عبد الحسين عبطان والخبير الأمني محمد الكربولي؟! ماذا حدث بعد تسعة عشر عاماً من ممارسة الديمقراطية في بلاد الرافدين؟ حدث أنّ العشائر قررت أن تفرض سلطتها بالقاذفات!
لا أدري ألم تتعب أحزابنا "الموقّرة" من الشعارات والكلمات المتقاطعة مثل الإصلاح والتغيير؟ أيها السادة اسمحوا لي أن اقترح عليكم اقتراحاً ساذجاً لا تعقيد فيه ولا شعارات، لماذا لا تنسوا مصطلحات الشفافية والديمقراطية والاستحقاق الانتخابي، لنؤسِّس لدولة لا مكان فيها لأحزاب طائفية ومؤسسات فاشلة .
ياسادة القضية لا تحتاج إلى بيانات وشعارات ومزايدات فقط لو تتركون إدارة البلاد لأناس أكفاء يستطيعون أن يرسموا البسمة والثقة على وجوه الناس. ولا إلى تهديد ووعيد. يحتاج فقط إلى صدق في مواجهة النفس وفي الاعتراف بالفشل.
لذلك، أنا حزين لغياب جان بول بلموندو أكثر من حزني على إصرار البعض على حرمان الشعب العراقي من عبقرية أحمد الجبوري "أبو مازن" لأنني في الحالة الأولى افتقدت ممثلاً أخّاذاً ، كان علامة من علامات بغداد ، حين كنا نصطف لمشاهدة صوره معلقة على جدران سينما غرناطة ، التي تحولت بفضل " الشفافية والاصلاح " الى مكب للنفايات ، أما في الحالة الثانية فإن نموذج ابو مازن يثير الأسى والضحك .