رعد العراقي
الخسارة أمام المنتخب الإيراني في الجولة الثانية من التصفيات الحاسمة المؤهلة لكأس العالم قطر 2022 كشفت حقيقية أن المستوى الفني لأغلب لاعبي منتخبنا الوطني بدأ في الانحدار السريع وخاصة بعد انتشار وباء كورونا وتوقف النشاطات الرياضية لفترة طويلة واستمرار حالة الهبوط والتراجع
حتى مع معاودة المباريات المحلية والبطولات القارية والدولية لأسباب قد تتعلّق بثقافة اللاعب أولاً وإلاجراءات الفنية المتخذة في الأندية للمحافظة على مستوى لاعبيها أثناء فترة التوقف إضافة الى ضعف الدوري المحلي كلها كانت عوامل مخفية ساهمت في ظهور المنتخب الوطني بشكل ضعيف لا يقوى على مقارعة منتخبات مثل كمبوديا وهونغ كونغ والنيبال وغيرها في وقت كان قبل ظهور الوباء متصدراً لمجموعته في التصفيات التمهيدية وقاهراً لمنتخب إيران صاحب التصنيف الأول آسيوياً!
تلك الجزئية المهمة غابت عن أذهان اللاعبين والكادر الفني والإداري للمنتخب وحتى عن اللجنة الفنية في الهيئة التطبيعية التي لم تتحرّك في حينها لتدارك تداعيات غياب اللاعبين عن التدريبات بإصدار التعليمات للأندية لاعتماد منهاج تدريبي عبر شبكات التواصل والمحافظة على الحالة البدنية والذهنية ضمن مديات معقولة تفادياً لتراجع المستوى الفني الذي يتطلّب زمناً طويلاً لإعادة ترتيب هيكل المنتخب الى وضعه الفني المعتاد واستعادة روح الفريق وحالة الانسجام التي كان عليها سابقاً.
في حين أن بقية المنتخبات الآسيوية لم تشهد تأثيراً كبيراً وحافظت على حالة التواصل وارتقت باجراءاتها نحو متابعة لاعبيها واستمرار تطبيق منهاجها الإعدادي طيلة أيام الحظر الصحّي ثم سارعت الى تأمين مباريات تجريبية عدّة استطاعت فيها إعادة التوازن لمنتخباتها والحفاظ على وحدة والشكل الفني لها.
إذن ما حصل من تراجع خطر للأسود يتحمّله الجميع بدءاً من أغلب اللاعبين ممّن لم يدركوا أهمية تمثيلهم لمنتخب الوطن، وتناسوا مسؤوليتهم في الارتقاء بمستواهم عبر اختزال الزمن والمداومة على التدريب والتركيز الذهني حتى خلال تواجدهم داخل المنازل ومروراً باللجنة الفنية التي لم تطرح رؤية فنية أو تناقش كيفية المحافظة على وحدة الفريق وتجنّب انهيار البناء الفني والنفسي له وتسريع عملية الإعداد الصحيح الذي يؤمّن استعادة ولو جزء من مستواه المعهود قبل ظهور وباء كورونا، وأخيراً فشل الكادر الفني السابق بقيادة كاتانيتش في إيجاد أو فرض الحلول للخروج من مأزق انفراط عقد المنتخب!
كان دور رحيم حميد كمساعد محيّراً ومُبهما سواء في الوقوف على مستوى بعض اللاعبين وهو الأقرب اليهم أو التحرّك نحو مناقشة المدرب بإجراء تغييرات جوهرية باستقطاب لاعبين أكثر جاهزية بعيداً عن المسمّيات، والأغرب انه لم يتحرّك أيضاً ويُبدي أي رأي حتى بعد الظهور البائس للمنتخب في آخر ثلاث مباريات في التصفيات التمهيدية التي جرت بالبحرين وتنازل فيها منتخبنا عن صدارة المجموعة، بل أنه عرض ذات الأسماء على المدرّب الجديد ديك أدفوكات برغم علمه بتواضع وهزالة مستوى أغلب اللاعبين!
كما أن الأمر ينسحب بالتأكيد، على ضعف الجانب الإداري بقيادة باسل كوركيس وتعرّضه لهفوات بدأت تتكرّر وتؤثر على نسق الإعداد إضافة الى اتساع حملات التشكيك والاتهامات التي توجّه له بدوره في التأثير على اختيار اللاعبين المحلّيين أو المغتربين وبغض النظر عن صحّتها من عدمها إلا أنها بدأت تشكّل حالة غير صحّية لأجواء المنتخب.
باختصار.. الحكمة تتطلّب التحرّك سريعاً من قبل وزير الشباب والرياضة والاتحاد القادم سواء بقيادة عدنان درجال أو شرار حيدر لما يمتلكون من تاريخ يحتّم عليهم إنقاذ ما يمكن إنقاذه باستغلال الوقت المتبقّي قبل مواجهة المنتخب اللبناني في الجولة الثالثة من التصفيات من خلال إجراء سريع وحاسم بتغيير المدير الإداري للمنتخب لإزالة كل الضغوط وقطع دابر الاتهامات، وأيضا إيجاد بديل لمساعد المدرب المحلّي بشخصية قادرة على احتواء والانسجام مع أدفوكات وتمتلك رؤية فنية تسهم في تقييم امكانيات اللاعبين وخاصة المحلّيين وعرض البدائل الجاهزة من المواهب الشابّة والمتطلّعة لاقتناص فرصة تمثيل المنتخب بعد استبعاد كل اللاعبين ممّن أثبتوا خواء خزينهم الذهني والبدني، والأهم تشكيل لجنة خبراء فنية في الاتحاد القادم تتولّى مسؤولية المتابعة وتقديم المشورة والاستعانة باسماء مؤثّرة مثل (أنور جسّام وهادي مطنّش ود.حارس محمد ونزار أشرف) وغيرهم ممّن يُشهد لهم بالحيادية والحرص وصواب الرؤية بعيداً عن أي تأثير أو حسابات أخرى!