طالب عبد العزيز
في النصف الثاني من أيلول تتحررُ مدننا في الجنوب من حرارة الصيف، فتترفق الشمس في النهار، وتطيب النسائم في الليل، فتشرع الاسرُ البصرية بالخروج، للترويح الى الحدائق العامة- على قلتها- حيث يتجدد الشعور بأنَّ المدينة، التي تلتهب بالنفط، وتضطرب بالصراع، على موانئها ومنافذها وأراضيها، ويقصدها أصحاب المصالح المختلفة في مزاحمة واضحة لسكانها، بملاينهم الثلاثة قد تصلحُ لممارسة العيش أحيانا.
على كورنيش شط العرب بالبصرة، حيث تعمل إحدى الشركات المحلية على إعادة تهيئته ثانية وثالثة، فقد طمرت الآليات جزءاً من شاطئه من جهة العشار، بما أحدث توسعة مناسبة في رصيفه، وتم اكساء شاطئه بالحجر، وشيدت مسناة كونكريتية، صُلبة ستمنع تآكله، ومع أنَّ العمل لم ينته بعد، إلا أنَّ مظاهرالجمال بدأت تتضح، وربما ستكون الصورة أوضح في غضون الاشهر القادمة، فمسافة الكورنيش هذه تبدأ من صدور نهر العشار، عند نقطة البنك المركزي، وتنتهي في صدور نهر الخورة، عند نقطة كازينو شط العرب ستكون واحدة من أجمل مناطق الترفيه في المدينة.
جراء ذلك، سيضمن المحافظ اسعد العيداني فوزه، في الانتخابات القادمة، لا محال، فالرجل عمل بما لم يعمل به كلُّ المحافظين، الذين سبقوه، وهذا حديث البصريين بعامة، ففي فترة حكمه التي لم تتجاوز ثلاث السنوات، صرنا نرى ضواحي جديدة، وطرقاً جميلة، ونشاطا اقتصاديا وتجاريا ملحوظا، وشبكات للصرف الصحي وو في مناطق مختلفة من المدينة، وهناك آفاق كثيرة لأنشطة قادمة.
لكن، تبقى عقدة الانهار الثلاثة، التي تخترق مركز المدينة (الخورة، العشار، الخندق) واحدة من أصعب العقد، التي تواجهه مثلما واجهت المحافظين السابقين له، حتى لتبدو وكأنها لن تتحق إلا بمعجزة الهية، إذ ما زالت صورة الانهار هي الاكثر تقززاً عند المارة، فرائحة الماء تزكم الانوف، وصورة النفايات من اقبح ما يشاهده المواطن والسائح، وكل ذلك بسبب مياه الصرف الصحي التي تُلقى فيها، وإذا كنا نمرحل الخراب في الانهار الثلاثة نقول: كان نهر الخندق هو أول صورة للقبح، ومن ثم تلاه نهر العشار، وتلاهما نهر الخورة، ولم يتوقف الامر عند الحد هذا فقد دخل نهر السراجي منطقة التلوث والقبح وسيلحق به كلُّ انهار ابي الخصيب(الشعشاعي، باب الهوى، مهيجران، حمدان، ابو مغيرة، نهر خوز، باب سليمان وكل الانهر الصغيرة المتفرعةعن شط العرب الغربي، والامر يشمل انهار الشط الشرقية (الصالحية والتومة) بعد حركة البناء الواسعة هناك، وتحويل الاراضي الزراعية هناك الى شوارع ومساكن ومحال تجارية.
أيّ شروع بتأسيس مدينة سيكون خراباً وبلا معنى، مالم يبدأ بشبكة الصرف الصحي، نحن نتحدث الآن عن مئات آلاف من الدونمات الزراعية، التي تحوّلت خلال السنوات الاخيرة الى بيوت وشوارع ومدن سكنية، وكلها تستخدم الانهر تلك لتصريف مياهها الثقيلة والخفيفة، ترى كيف ستصبح المنطقة هذه بعد سنوات؟ وإذا كان مركز المدينة يعاني من تلوث الانهار الثلاثة اليوم فأنها ستعاني من تلوث ثلاثين نهراً قادماً لهذه وتلك نهمس في اذن العيداني أن يتنبه لذلك وإلا سيكون قد قوض ما قام به، ونجح من خلاله.
جميع التعليقات 1
سامي العامري
شكرا جزيلا اخي الكاتب على هذه الملاحظات لمحافظتنا الحبيبه .ارجو مراسلتي على ايميلي: Alamirisami@gmail.com