TOP

جريدة المدى > اخبار وتقارير > تحقيق: قتلة الصحفيين في الموصل أفلتوا من العقاب والنقابة متهمة

تحقيق: قتلة الصحفيين في الموصل أفلتوا من العقاب والنقابة متهمة

نشر في: 16 سبتمبر, 2021: 10:34 م

متابعة/المدى

ذكر تحقيق استقصائي بالقتل والتجاوزات التي طالت الصحفيين في محافظة نينوى، وسجل التحقيق افلات القتلة افرادا وجماعات من الملاحقة القانونية بينما اتهم نقابة الصحفيين بتضييع حقوق الضحايا.

وأشار التحقيق الذي أعده الصحفي دلوفان برواري وفريق نينوى الاستقصائي، بدعم من مركز الخليج لحقوق الإنسان في إطار مشروع التحقيق في الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى أن "العديد من الصحفيين وصلوا إلى مرحلة كتابة وصاياهم بسبب العمل الذي كانوا يقومون به وسط سيل من المخاطر الكبرى والمفخخات التي كانت تملأ الشوارع".

وتروي والدة الصحافية الشابة سروة عبدالوهاب أحداث مقتلها في الرابع من حزيران 2008 وسط مدينة الموصل، حين التحقت بـ"قافلة" الصحفيين المقتولين في نينوى والتي تضم نحو 80 اسما قيدت أغلبية جرائم قتلهم وخطفهم ضد مجهولين، وبقيت ملفاتهم مركونة حتى بعد أن استردت المدينة حريتها في العام 2017 وخرجت من قبضة الجماعات التكفيرية.

وتقول الأم المكلومة "قاومناهم لأكثر من ربع ساعة لكنّ أحدا لم ينجدنا… في النهاية لم يتمكنوا من دفعها داخل السيارة، فأطلقوا وابلا من النار عليها فسقطت بين يدي.. تركتني وتركت هذا العالم الموحش لتخلف نارا في روحي لن تنطفئ إلى آخر يوم في عمري".

وعندما فرضت الجماعات الارهابية وجودها في الموصل بدأت باصدار قرارات تكفير تعلق في الاماكن العامة تشمل العاملين في عدد من المهن وفي مقدمتها كانت الصحافة.

وقد افتتحت تلك الجماعات حقبة الموت باغتيال أحمد شوكت الصحافي في تشرين الاول 2003 ثم توالى سقوط الصحفيين. وفي ايلول 2005 قتلت الصحفي في صحيفة “السفير” العراقية فراس المعاضيدي (36 سنة).

وتقول بان العبيدي التي لم يكن قد مضى على زواجها بالمعاضيدي سوى عشرين يوما “حولوا المنطقة لدقائق إلى جبهة قتال وكأنهم يحاربون جيشا مدججا وليس مجرد صحفي لا يملك إلا قلمه… لم يكن لديهم أي سبب سوى أنه صحفي كتب كلمات لم تعجبهم، فأصدروا فتوى بقتله".

وتشير العبيدي التي شكلت بعد مقتل زوجها جمعية للدفاع عن حقوق الصحافيين إلى أن الكثير من الصحافيين قتلوا بناء على فتاوى إعدام صدرت تباعا من جماعات مسلحة، فقتل من قتل وتخفى البقية أو هربوا إلى خارج المدينة.

وتضيف "القتلة كانوا يتحركون فيها وينفذون عمليات التصفية بوجوه مكشوفة لا تخاف من ملاحقة قانونية أو عشائرية".

وقبل مقتل المعاضيدي بيومين، عثرت القوات الأمنية على جثة زميلته في صحيفة "السفير" هند إسماعيل (28 عاما) في أطراف المدينة مصابة برصاصة بندقية ناحية القلب، وقد أحدث الأمر فزعا جماعيا بين الصحفيات اللواتي قطعت معظمهن يومها علاقتهن بالمهنة أو توارين عن الأنظار تماما في مدينة أضحت مسرحا كبيرا للقتل.

وقيدت الجهات الأمنية جميع عمليات القتل تلك ضد مجهولين وأغلقت ملفاتها رغم أن القتلة في العديد من الوقائع كانوا معروفين، وحتى بعد أن فقدت الجماعات المسلحة قوتها في المحافظة وخسرت حواضنها نتيجة سياسات القتل الممنهج والتي ختمها تنظيم "داعش" بعمليات إبادة، لم تتحرك أي جهة لإعادة فتح تلك الملفات.

كما لم يحصل ذوو الكثير من الضحايا على مستحقات "شهداء الصحافة"، بسبب قوانين وتعليمات متعارضة ونتيجة تقصير الأجهزة الأمنية وإهمال نقابة الصحفيين وتفضيل عائلات بعض الصحفيين الصمت خوفا من الاستهداف في ظل غياب الحماية.

وصنف العراق بعد نيسان 2003 ولنحو عقد من الزمن كأخطر بلد على الصحفيين في العالم، حيث قتل 490 صحافيا على أيدي جهات متعددة (مجاميع تكفيرية، ميليشيات ضمن الدولة، أجهزة أمنية وجيش، وقوات الاحتلال الأميركية)، بحسب إحصائيات لمنظمات دولية.

ويتحدث الصحفي علي عمر (45 عاما) عن مهنته التي يصفها بـ"مهنة الموت"، قائلا "لا أعرف كيف كنا نعمل وسط سيل المخاطر الكبرى. فالمفخخات كانت تملأ الشوارع وعليك أن تتواجد قرب مواقع الحدث، وكانت فتاوى القتل تلاحقنا وقوائم المطلوبة رؤوسهم تتوالى. مجرد البقاء في المدينة كانت مخاطرة كبرى… ورفاقنا كانوا يتساقطون، لم نكن نعرف متى يحين الدور علينا وتخترق الرصاصات أجسادنا".

وبدت عمليات قتل الصحفيين مفضلة لدى الجماعات المسلحة لما تحظى به من تغطيات إعلامية واسعة وهو ما كانت تبحث عنه، وكانت قوائم الصحفيين "المطلوبة رؤوسهم" تعلق على أبواب جوامع الموصل، ليتساقطوا بعدها واحدا بعد الآخر في وضح النهار أمام أنظار عناصر الأجهزة الأمنية.

ويقول الصحفي جمال البدراني "لم تكن الأجهزة الأمنية عاجزة عن حماية الصحفيين ممن ترد أسماؤهم في قوائم التصفية فحسب، بل حتى عن إلقاء القبض على المتهمين إن عرفوا، وتكتفي بتدوين معلومات بسيطة عن الواقعة".

ويضيف "لم تتحرّ حتى عن الأشخاص الذين كانوا يعلقون بأيديهم قوائم الموت وينشرون فتاوى التنظيمات في الجوامع. كان هناك استسهال لقتلهم أو تواطؤ على ذلك، لذلك كنا نخشى من حضور بعض اجتماعات الحكومة ومن تقارير مسؤوليها بقدر خشيتنا من الجماعات".

ويقول المحامي سلام الصواف الذي توكل في قضايا عدد من الصحفيين، إن معظم قضايا الاغتيال تلك لم يتم فيها أي بحث أو تحرٍ حقيقي، ولا حتى تعيين مكان الحادث أو سؤال ذوي الصحفيين عن تفاصيل الواقعة، وإذا ما كان الصحفي تعرض لتهديد من أشخاص محددين.

وتم التعامل مع الصحافيين الذين استهدفوا بنحو مباشر بسبب عملهم في كشف ونقل الحقائق، معاملة ضحايا الإرهاب، ليحرموا بذلك من الكثير من الحقوق والامتيازات القانونية.

ويُحمل العديد من أفراد عائلات “شهداء الصحافة” نقابة الصحفيين مسؤولية ذلك لأنها “لم تقم بواجبها فاضطروا إلى القبول بكونهم ضحايا إرهاب قتلوا بالصدفة نتيجة تفجير أو اشتباك مسلح".

وعمل الكثير من صحفيي نينوى وإعلامييها وعلى مدى سنوات طويلة دون أن يكونوا أعضاء في نقابة الصحفيين.

ويصف العديد منهم النقابة التي تضم أكثر من 20 ألف عضو، بأنها “هيكل تنظيمي بلا دور ولا أثر”، مشيرين إلى غيابها الذي يصفونه بالمخجل عن “ملف اغتيال الصحافيين وحقوق عائلاتهم".

ويتهم هؤلاء النقابة بمنح العضوية "على أساس المحسوبية ليستفيد منها أشخاص دخيلون".

ويقول الصحفي زياد السنجري إن "الكثير من الصحفيين لم يحصلوا على عضوية النقابة، في حين تم منحها لأشخاص لا يعملون فعليا في مجال الصحافة أو يعملون فنيين وسائقين أو حتى سعاة في المؤسسات الإعلامية".

ويشير السنجري الى أن النقابة في ذات الوقت منحت العضوية لجميع العاملين في المؤسسات الإعلامية التابعة لأحزاب السلطة أو الميليشيات.

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

مقالات ذات صلة

الصقور الاستخبارية تحرّر المختطفة إسلام وتفكك عصابة خطف من 15 متهمًا في بغداد

الصقور الاستخبارية تحرّر المختطفة إسلام وتفكك عصابة خطف من 15 متهمًا في بغداد

بغداد/المدى تمكّنت قوة الصقور الاستخبارية في بغداد، اليوم الخميس، من العثور على الفتاة إسلام بصحةٍ وسلامة، بعد اختطافها قبل نحو 72 ساعة من قضاء العزيزية. وذكر مصدر لـ(المدى) أنَّه "عُثر على إسلام داخل دار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram