علاء المفرجي
مرة أخرى اوجه دعوة لعشاق السينما من صناع، مخرجين وممثلين .. لاقتراح قدمته قبل أكثر من عشرة اعوام، مقترح ليس من الصعوبة تنفيذه، لأنه ببساطة عن بغداد عن تاريخها وأحداثها وما مرت به.. بل هو ليس إلا تحية لها، للمدينة التي ما زلنا نتهجى اسمها..
وهي ممنوعة من الصرف، فقط للذيم عشقوها، فلهؤلاء الحق في التصرف باسمها، وصورتها. وها أعيد اليكم ما اقترحت قبل اعوام عشرة، وإن كانت الظروف تعيق تنفيذ المقترح في تلك الفترة فهي لعمري الان قد ذلل بعض هذه العوائق.
فللسينما تجربة في ذلك، ولنا ان نستفيد منها، خاصة وأنها بغدادنا.
مدن، تحرر مبدعو السينما من هيمنتها، فخلدوها قصائد بصرية، أو أيقونة للحب وللتذكر.. مدن خضعت لموشور مخرجين، فتشظت صوراً وحالات جديدة.. مدن أصابت شهرة فنية واسعة بفضل السينما.. روما، نيويورك، باريس، ومدن أخرى.
في فيلم (نيويورك أحبك، أسهم احد عشر مخرجا في بورتريهات لهذه المدينة من زوايا متعددة ورؤى إخراجية مختلفة، كانت لكل مخرج مدينته التي يعشق، يقدمها بالطريقة التي يحب، وبالنتيجة التي يرغب.. كذلك فيلم (باريس أحبك) الذي تناوب على إخراجه ثمانية عشر مخرجاً قدموا لنا باريس مدينة النور، وأخرى مدينة مترو الإنفاق، وأيضا مدينة الحب والإلهام الفني.. وفي الدورة الأخيرة لمهرجان دبي السينمائي سنحت لنا فرصة مشاهدة اسطنبول برؤية سبعة مخرجين متوسطين (من حوض المتوسط) في إشارة إلى انفتاح تركيا على هذا العالم ، كان ذلك من خلال فيلم (لا تنسيني اسطنبول).وعلى الخطى نفسها يجتمع عشرة مخرجين أفغان على حب مدينتهم بفيلم يحمل عنوان (كابول أحبك).. المدينة التي شهدت على مدى ثلاثة عقود حروباً ومآسي اجتماعية واقتصادية مدمرة.مثل هذه الأفلام بالتعددية الإخراجية واختلاف المعالجة وتنوع الرؤية، تعيد إنتاج المدينة، واختزالها بذاتية الصانع المبدع، بفكرة أو شاخص، أو حدث يشير إليها لا لغيرها.. أفلام تجمعها الفكرة والمكان وتفرقها أساليب الطرح. أكثر من ثلاث حروب كارثية تخللتها، وثلاث حروب مدمرة، وحصار أنهك الناس، وكل ما تجلى عن ذلك من مأساة اجتماعية واقتصادية، هو ما يرسم ملامح مدينة اسمها بغداد.. والتي تستحق من سينمائيينا أن يلقوا عليها تحية حب ، أسوة بالمدن التي ذكرنا.. المدون الضاربة جذورها في عمق التاريخ وحدها التي تستحق أن نحتفي بها ونقيم لها أعراساً .. بغداد لم تتفحصها بعد كاميراتكم لتلمس مواضع جروحها وتبلسمها .. مدينة تسحق أن توثقوا بعضا من أوجاعها. أصدقائي السينمائيين: قتيبة الجنابي، قاسم عبد، عدي رشيد، ملاك، مشتت، زهراو، بشير الماجد، العلاق، لؤي، جعفر عبد الحميد، مناف، هاشم.، أحمد ياسين، علي ثامر، حيدر رشيد، .. ندعوكم لتسهموا وبإمكاناتكم المتواضعة بعيداً عن وصاية، مثلما عودتمونا وأنتم تعتلون منصات الفوز في المهرجانات الدولية، بأفلام يصنعها عشقكم لهذا الفن لا غير، أفلام تحكي عن بغداد المكان، التفاصيل، الذكريات، الشواخص والرموز.. اختاروا انتم زوايا التصوير شرط أن تقدموا للمكان البطولة.أفلام تلتقي في ثيمة واحدة تحاول أن تخط ملامح للمدينة وتقيم علاقة معها.. أفكار تستدعي مدينة ذات عمق تاريخي وتقاليد راسخة تحاول أن تعيد إليها بعضاً من القها الذي خفت...ألا يمكن لمؤسسة ثقافية بوزن وزارة الثقافة أن تقتنص هذه الفكرة لتزين بها برنامج "بغداد عاصمة للثقافة"؟! خاصة وأن مثل هكذا مشروع لن يستنزف مالاً كثيراً .. الأمر ليس أكثر من استقطاب مخرجين شباب ليلتقطوا وبطريقتهم الخاصة صورة لمدينتهم الرائعة بغداد.. بغداد التي نحب.