إياد الصالحي
لم تزل الكرة العراقية فقيرة، هل ثمّة شكّ في ذلك؟ قول يتكرّر في أغلب أحاديث كبار نجوم اللعبة من إداريين ولاعبين من دون أن يجد اتحاد كرة القدم أية آلية تقود الأندية المعنية بالتطوير الى تغيير سياسة التعاقدات الخارجية مع لاعبين من دول مختلفة استفادوا من أموالها ولم يقدّموا القيمة الفنية الحقيقية مقابل ذلك، فظلّت تراوح في أماكنها رهينة صفقات خائبة حامت حول بعضها شُبهات عدّة!
قضية الاحتراف في دوري الكرة العراقي لم تشهد أي إجراء جدّي يُغلق سجل النسخ الأربع والأربعين منه، ويفتتح أول نسخة تطبّق معايير الاحتراف بموجب لائحة إدارة شؤون الاحتراف الرياضي لكرة القدم التي ينبغي دعوة نخبة من المتخصّصين في القانون الرياضي ومن تضفي خبرتهم الرصانة المُحكمَة على مواد اللائحة من جميع الجوانب مثل: فترات التسجيل، والانتقال، ونظام التحكيم، وأوضاع اللاعبين، والشكاوى، وشروط الاحتراف، والتزامات النادي والمحترف، وحقوق المتعاقِد ما له وماعليه، وشروط الجزاء والإعارة، وتصنيف الأندية، والسقوف المالية، وأحكام مَن يحمل الجنسية غير العراقية، والإصابة، والرعاية التجارية، ومعايير قبول الوسطاء وغيرها من بنود اساسية تنظّم العمل الاحترافي وتدفع باللعبة الى الأمام وتخلّصها من الرتابة الفنية ومشاكل العقود وفوضى الاستعانة بلاعبين من دول لا تضيف أية إيجابية على مستوى المنافسات المحلية.
إن رئيس اتحاد الكرة عدنان درجال مطالب بتنفيذ إلتزامه أمام الجمهور بـ (تسخير كامل خبراتي بالعمل الإداري والمؤسّسي، وما اكتسبته من مخزون معرفي وفكر إحترافي) مثلما ورد في مقدّمة برنامجه عشية المؤتمر الانتخابي في الرابع عشر من أيلول 2021 الذي تضمّن تطبيق مبادئ الحوكمة وممارسة الإدارة الرشيدة وأتمتة الإجراءات واستخدام أحدث التقنيات الإدارية وتعزيز التكامل الاحترافي ضمن منظومة كرة قدم من لاعبين وحكام وإداريين وأندية، وهذا ما يحثّ رئيس الاتحاد على تهيئة مستلزمات النجاح من الآن وقبل بدء الموسم الخامس والأربعين 2022-2023.
درجال يعلم بشكل دقيق أن جميع صفقات أنديتنا كانت خائبة باستثناء لاعبين أو ثلاث، ولم تزل الانتقائية من دول أفريقية وعربية مستوى تصنيفها الدولي أقل من العراق هو الشغل الشاغل لوسطاء الأندية الذين نجحوا في اقناع الهيئات الإدارية على حساب القيمة التسويقية للاعب، في حين أن نادياً مثل الرائد السعودي أبرمَ قبل خمسة أيام عقده مع المهاجم البرتغالي ايدير لوبيز الذي منح بلده لقب يورو 2016 بهدف قاتل (د109) في شباك الحارس الفرنسي هوغو لوريس، بمبلغ مليون دولار في الموسم! بينما كبار الأندية في العراق لا تفكّر بنوعية اللاعبين بقدر إنجاز صفقات وسطاء يتمتّعون بعلاقات طيبة مع إداراتها لإضفاء التنوّع في التشكيلة من دون علامات تقييم لافتة!
للأسف معاناة كرتنا مع الاحتراف الداخلي أثرّت على موقفها الخارجي، فمُنذ أن قدَّم نادي ديربي كاونتي الإنكليزي (الذي أشهر إفلاسه قبل يومين بقيادة واين روني) عرضه للمهاجم الدولي السابق فلاح حسن بعد خوضه مباراة ودية في ملعب الشعب الدولي يوم الأربعاء السابع من كانون الأول عام 1977مع منتخب بغداد وأنتهت بالتعادل السلبي، ورُفض العرض من مسؤولي الرياضة آنذاك بذريعة عدم الاستغناء عن الكفاءات الوطنية، الى فشل عديد لاعبي الكرة في دوريات خليجية وإقليمية وأوروبية باستثناء تجربة يونس محمود مع دوري نجوم قطر (2004-2013) المميّزة، كل ذلك بحاجة الى دراسة واقعية كونها انعكاس لمستوى الكرة في الداخل وعجز أنديتنا حتى عن تطبيق صيغ الاحتراف البدائي أو تسويق لاعبيها الى الخارج، وعدم إدارتها ملف العقود وتهديدها قضائياً من 270 لاعباً ومدرباً يطالبونها بتسديد سبعة عشر مليار دينار قبيل إنتهاء شهر تشرين الأول المقبل.
هل ينجح عدنان درجال في تأسيس منظومة احتراف متكاملة خلال الموسم الحالي بالتعاون مع الأندية ذات العلاقة باستقطاب عناصر أجنبية متميّزة ترتقي بمستوى الدوري العراقي بدلاً من التهافت على لاعبين يؤدّون حضورهم بالقطعة، ولا تتجاوز قيمة كل لاعب 60 ألف دولار في الموسم عن مجموع مبارياته الـ(38)؟!