خاص/ المدى
في أول ردة فعل عنيفة على أزمة المياه في العراق التي مازالت غير متعمقة بعد، تجمهر العشرات من رجال العشائر في مدينة العمارة وتدخلوا بالقوة لتغيير مجرى المياه صوب مدينتهم بعد أن كان يذهب جميعه تجاه البصرة لدفع اللسان الملحي، مما تسبب بجفاف قاس لأهوار ميسان الشرقية والأراضي الزراعية المحاذية لها.
وقامت المجاميع العشائرية ومنهم من يحمل هراوات وعصي بفتح بوابات ناظم الكحلاء الواقع على نهر الكحلاء في مدينة العمارة وجسرها الرابط بين منطقتي العروبة وحي الحسين الجديد، واطلاق الماء تجاه قضاء الكحلاء عبر النهر. وقال ابو شاكر من أبناء مدينة العمارة واحد الحاضرين في التظاهرة لـ(المدى) إن "مجموعة من أبناء عشائر قضاء الكحلاء ومناطقها مثل بني هاشم والمعيل والعديل وابو خصاف نظموا هذه التظاهرة على ناظم الكحلاء لمطالبتهم الحكومة بإطلاق الحصة المائية المقررة لهم إثر تعرض أراضيهم الزراعية للجفاف والثروة السمكية للهلاك بسبب جفاف مساحات واسعة من الاهوار"، مبينا أن "المتجمهرين دخلوا إلى الناظم رغم وجود الحمايات وفتح البوابات للسماح للماء بالتدفق عبر النهر".
وزارة الموارد المائية وصفت ماحدث في ميسان ببيان اطلعت عليه (المدى)، بأنه "هجوم لمجموعة من الخارجين عن القانون على الناظم لحرمان محافظة البصرة من حصتها المائية وطالبت باتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم".
شرارة أولى لصراع على الماء
واعتبر متابعون ومهتمون بملف الجفاف والاهوار في ميسان ان "التظاهرة بمثابة شرارة أولى لغضب أبناء العشائر وفي حال عدم استماع الحكومة لنداء الأهالي ربما ستشهد مظاهرات آخرى وردات فعل أقسى". وبين المتابع لشؤون العشائر في ميسان سمير محمد لـ(المدى)، أن "الضرر الذي تعرض له أبناء العشائر الواقعة في شرقي وجنوبي المحافظة دفعهم للتوجه لمدينة العمارة لإيصال صوتهم كونهم يعلمون بأن ما تدفعه وزارة الموارد المائية من مياه تجاه البصرة لدفع اللسان الملحي يفوق الاحتياج وبالتالي لابد من موازنة التوزيع".
ورجح بأنه "ربما لا يكتفِ ابناء العشائر بهذه المظاهرة بل قد تتطور الى جولات أخرى خصوصا بعد جفاف مساحات واسعة جدا من الاهوار وعدم مقدرة القوات الامنية على مواجهة العشائر كون اغلبهم ينتمون إليها".
اتحاد الفلاحين حاضر
ولم تكن أحداث اليوم خالية من تمثيل اتحاد الفلاحين، حيث طالب رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية في ميسان كريم حطاب عبر بيان قرأه خلال التظاهرة بـ"توفير الحصة المائية لقضاء الكحلاء والنواحي التابعة له للاستعداد للموسم الزراعي الشتوي والمطالبة بصرف المبالغ والتعويضات للاعوام 2018 و2019 و2020 وتجهيز الفلاحين بالبذور والاسمدة للموسم الشتوي".
حل وسط: لا أفضلية لمحافظة على أخرى
الحل الوسط في توزيع المياه كان محور العديد من كتاب ومدوني المحافظة، لتجنب العديد من التشنجات التي حصلت فعلا، وقد تتكرر مستقبلا بسبب عدم الاستماع لمطالب ومناشدات الأهالي سواء من أبناء الاهوار او باقي المناطق.
الكاتب والمدون الميساني قاسم ابراهيم أكد خلال حديث لــ(المدى) ضرورة إيجاد "حل وسط لكل الاطراف المتضررة فلا توجد افضلية بين محافظتين لدفع الضرر، فبقعة ام نعاج ونهر البوخصاف ونهر الاعيوج والمعيل جميع هذه المناطق تعاني من الجفاف التام".
وأضاف أن "هنالك عشرات القرى الساكنة حول هذه الانهر بالاضافة لمصدر العيش الذي تتخذه تلك الجموع البشرية من هذه البقع المائية"، متسائلًا عن "سبب عدم وضع الحلول لمثل هكذا ازمات قبل تأزم الوضع وخروجه عن السيطرة؟". وبينما اعتبر أن "تصرف الاهالي وأبناء العشائر بهذه الصورة أمر مرفوض"، إلا أنه استدرك بأن "بعض المسؤولين في الحكومة العراقية لا يلتفتون لمعاناة الشعب الا بعد ادخاله في نفق الاحراج والمواقف الصعبة وحينها ستتحرك الحلول".