TOP

جريدة المدى > سينما > في قاموس السينما اشياء رهيبة يقولها السينمائي ديفيد تومسون

في قاموس السينما اشياء رهيبة يقولها السينمائي ديفيد تومسون

نشر في: 6 أكتوبر, 2021: 10:38 م

ترجمة / المدى

تنتشر المتتالية الأخيرة من ملحمة أيبل غينس الصامتة « نابليون « ( 1927 ) في شيءٍ ما يُدعى بالمشهد المفرط Poly vision : لوح ثلاثي من الشاشات حيث يعرض اللوح المركزي الحدث action الرئيس، بينما يجري الحدث التكميلي و المتزامن معه على اللوحين الجانبيين.

و يمكن لهذه الأداة أن تعطي شعوراً بأنها مسرحية أكثر من كونها سينمائية، خاصةً إذا كنتَ محظوظاً بما فيه الكفاية لأن تكون لديك أوركسترا سمفونية حية تعزف على طول ذلك. و مع هذا لا يمكنني أن أفكر بمعيِّرة أفضل للحساسية نُحضرها معنا لمشاهدة الأفلام : ترشيح filtering الحدث من خلال السيل الذي لا ينقطع من الصور التي تغمر أدمعتنا، كما يقول الناقد و الروائي لويس بَيارد في مقاله هذا.

هناك، بكلمات أخرى، حديث متواصل بين ما يبدو على تلك الشاشة و ما كان على الشاشات التي أتت قبلها ــ و ليس هناك من تلميذ سينما أدرك غايته من ذلك الحديث أفضل من ديفيد تومسون . و في الواقع، فإن أحد مباهج عمله الكبير، ( قاموس السيرة الجديد للفيلم السينمائي The New Biographical Dictionary of Film )، يكمن في الكيفية التي يحافظ بها على سريان الحديث ــ من خلال تعددية قصصه و إعادة تقييم آرائه. ( فهو ينقح و يوسّع المجلد، الذي نُشر أصلاً عام 1975، كل عشر سنوات ).

و كان كتابه عام 2004، ( المعادلة التامّة The Whole Equation )، ينشد إعطاءنا تاريخ هوليود في 400 صفحة. و يهدف الآن، و هو يدخل في عقده الثامن، حتى إلى ما هو أعلى مع كتاب ( الشاشة الكبيرة ) الذي يعدُنا بما لا يقل عن “ قصة الأفلام السينمائية “. و أكثر من هذا، كما يقول لنا تومسون، إنه يحشد “ نظرية الشاشات “ الكاملة، التي تشمل كل شيء “ من مويبرِج إلى فيسبوك “، مفترضاً “ إمكانية أننا بنظرنا لنرى، يمكن أن نفهم “.

و يعرف تومسون على الدوام كيف يُبقي العجلات تدور، و ( الشاشة الكبيرة ) تتألق، من صفحة إلى صفحة، بملاحظاته الحسنة المألوفة. و هناك كالعادة أقواله المأثورة المثيرة : “ نادراً ما تخسر السينما أو تتخلص من وحوشها “؛ “ إن انغماسات مجنونة قليلة أو ميزانيات مبعثرة تؤذي أميركا بقدر ما تفعل تلك التي في الفنون “.

هنا، يكون تومسون في أحسن أحواله : يحمل جواهره بمفرده للنور و يجد أوجهاً غير منظورة. فإذا لم تشاهد، لنقل، فيلم “ بودو أُنقذ من الغرق “ أو “ رجل هرب “ أو “ هيروشيما حبي Hiroshima mon amour “ أو “ الشروق “ أو “ ميتروبوليس “، فإن كتاب ( الشاشة الكبيرة ) سيجعلك تودّ ذلك. و حتى إذا كنت شاهدتها، فإنك يمكن أن تود العودة إليها، لأن الفيلم لا يعود نفسه تماماً حالما يُرى من خلال عدسة تومسون المدققة.

و في الحقيقة، فإن هذا المزاج التحليلي الرائع، المقترن بميل تومسون إلى القرارات الغريبة و الإسهاب البلاغي، هو الذي يجعله غير متناسب هكذا مع البنية المَسحية ــ التاريخية لكتاب ( الشاشة الكبيرة ). و كونه محجوزاً في مباراة حتى الموت عبر الزمن، فإنه إما أن يتوانى ( و هو يقبّل خاتماً بعد خاتم على أصابع هيشكوك ) أو يُسرع ( جارياً وراء مخرجي الستينات و السبعينات الأوروبيين في صفحتين من صفحات الكتاب ). و حدود المجال تحول دون مناقشته ستايجِت رَي أو أندرَي تاركوفسكي أو وونغ كاروَي. و ترغمه التزامات التسلسل الزمني إلى حالات ربط غريبة : الأسوَد noir بالموسيقي، و ماكس أوفَلس بروبرت بريسون.

و لا شيء من هذا كان سيهمّ لو أن تومسون سيكون قد عاش حتى وعدِه بتوفير ذلك الحقل الموحَّد « نظرية الشاشات «. لكنه هنا نجده يرمش و يترنح. فالحداثة ، بعد كل شيء، لا تنطوي على الكثير من الاهتمام بالنسبة له، و لهذا إذا كنتَ تبحث عن أفكاره بشأن أمور مثل الخيال الرقمي، أو إعادة التركيب الثلاثي الأبعاد أو حتى الأبطال الخارقين، فعليك أن تنتظر مجلداً آخر له.

أجل، إن لديه أشياء رهيبة يقولها عن فيسبوك Facebook، ذلك الوحش الذي فر من مختبر الدكتور مابيوس، كقوله : “ إن جوّ النفع و السخاء الفتي الذي يتّسم به لا يتفق و مقدار السهولة التي يمكن تحويله بها إلى نظام للرقابة و السيطرة “. و تجده يجلس مزموم الفم أمام سينما الفحش و اليوتيوب و أفلام جاكاس Jackass ( التي تصور أشخاصاً يؤدون حركات بهلوانية خطرة و مؤذية لهم ) و لا أهمية لما ينظر إليه، إنه محمول بشكل متواصل عبر الماضي : “ و إذا أضفتَ الأجزاء المحطمة التي يراها الشخص الشاب في يوم، تكون الفوضى شبيهة بالسنوات المبكرة جداً للأفلام، حين كان المشاهد يرى أشياء كثيرة سندعوها لاحقاً أفلاماً قصيرة، أو مقاطع فيديو clips، أو أقراصاً “. فلم تكن أفلاماً كاملة، بل حطاماً من انفجار في الثقافة، حيث الواقع متناثر حيثما نظرنا. إنها الضربة التي صنعت التكعيبية cubism، و البندقية الآلية، و صدمة القذائف “. ( و هي، في الأصل، الاضطراب النفسي المتولد لدى بعض الجنود عادة بفعل انفجار القنابل في الحرب ــ م ).

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

فيلم (أنورا).. ذروةُ مُهَمَّشي سينما بيكر

ترشيح كورالي فارجيت لجائزة الغولدن غلوب عن فيلمها (المادة ): -النساء معتادات على الابتسام، وفي دواخلهن قصص مختلفة !

تجربة في المشاهدة .. يحيى عياش.. المهندس

مقالات ذات صلة

فيلم (أنورا).. ذروةُ مُهَمَّشي سينما بيكر
سينما

فيلم (أنورا).. ذروةُ مُهَمَّشي سينما بيكر

علي الياسريمنذ بداياته لَفَتَ المخرج الامريكي المستقل شون بيكر الانظار لوقائع افلامه بتلك اللمسة الزمنية المُتعلقة بالراهن الحياتي. اعتماده المضارع المستمر لاستعراض شخصياته التي تعيش لحظتها الانية ومن دون استرجاعات او تنبؤات جعله يقدم...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram