علي حسين
الجدل الدائر في أروقة الأحزاب والكتل السياسية ومن على شاشات الفضائيات حول "تزوير الانتخابات" ، كان يمكن أن يمر مرورا عاديا ، لولا أن البعض هدد بأنه سيزلزل الأرض من تحت أقدام الجميع، والجميع طبعاً على رأسهم المواطنون الذين خذلوا "سيادة" النائب ولم يصوتوا له لكي ينقلهم إلى عصر التقدم والرفاهية.
قبل أيام قرأنا في الأخبار أن رئيس وزراء اليابان يوشيهيدي سوجا قدم استقالته والسبب هو قراره بإقامة الألعاب الأولمبية في طوكيو والذي لم يلق رضاً من الشعب الياباني الذي اعتبر الأمر خطراً على المواطن الياباني بسبب انتشار فايروس كورونا.. لم يخرج المسكين "سوجا" على الصحفيين ليتوعد الشعب بالويل والثبور، ولا انتقد خصومه من السياسيين فقط قدم اعتذاره وذهب إلى بيته ليمارس حياته كأي مواطن عادي بلا جكسارات ولا أفواج حمايات وقصور في المنطقة الخضراء.
وعلى ذكر اليابان وعجائبها كنت قد انتهيت قبل مدة من قراءة كتاب ممتع بعنوان "العرب من وجهة نظر يابانية" كتبه البروفيسور "نوبواكي نوتوهارا" وهو باحث وأستاذ جامعي يدرس الأدب العربي في جامعة طوكيو وقام بجولات كثيرة في بلدان العرب ، اطلع على حالهم وأحوالهم.. السيد "نوتوهارا" يخبرنا أنهم في اليابان يعجزون عن فهم، كيف يمدح الكاتب السلطة أو أحد أفرادها؟، وهو يقول إن هذا الأمر غير موجود لديهم: "نحن نستغرب ظاهرة مديح الحاكم، كما نستغرب رفع صوره في أوضاع مختلفة كأنه نجم سينمائي. باختصار، نحن لا نفهم علاقة الكُـتّـاب العرب بحكوماتهم."
بعد أن خسرت اليابان الحرب عام 1945 قرّر الشعب المهزوم والجائع أن يعيد بناء المصانع والبيوت والشوارع، وكان شعاره "العمل حتى الموت"، اليوم الحكومة اليابانية تواجه مشكلة في إقناع المواطنين بأن يتوقفوا عن العمل أو أن يأخذوا إجازات.. يقول نوتوهارا إنه كثيراً ماواجه هذا السؤال في البلدان العربية: لقد ضربتكم الولايات المتحدة بالقنابل الذرية، فلماذا تتعاملون معها؟ ونجده يسخر من وجهة النظر التي يحملها بعض العرب وهم يطالبون الشعب الياباني بأن يمارس عداء عميقاً لأمريكا، السيد "نوتوهارا" يرى الأمر من وجهة نظره اخرى يقول فيها "إننا نحن اليابانيين علينا أن نعي أخطاءنا" ما هي هذه الأخطاء أيها البروفيسور الياباني؟ يجيب : أنها الاستعمار الذي مارسته اليابان على بعض الشعوب ، وأيضا القمع الذي كان يمارس في اليابان.. المشكلة كما يقول: ليس في أن كره أمريكا أم لا. المشكلة أن نعرف دورنا بصورة صحيحة ثم أن نمارس نقداً ذاتياً بلا مجاملة لأنفسنا، بعدها سنختار الطريق الذي يصحح الانحراف، ويمنع تكراره في المستقبل. فالمشاعر وحدها لا تصنع مستقبلاً.
لعل أبرز ما سجله في كتابه أن الدين أهم ما يتم تعليمه عند العرب، لكنه للأسف لا يستخدم في منع الفساد.. فالمسؤول فاسد جداً ومتدين جداً.
جميع التعليقات 1
محمد الموسوي
اعتبار الفاسد متدين امر محير فالفاسد يتظاهر بالتقوى وياخذ قشور الدين وحتى الدواعش يعتبرون متدينين ولم يكفرهم احد رغم وحشيتهم وجراءمهم واعتقد ان الفساد لا يقل خطورة عن الارهاب فكيف يمكن ان يكون الفاسد متدين