طالب عبد العزيز
بتقديري فأنَّ مدينة البصرة هي أكثر المدن العراقية تلوثاً، وسكانها أكثر سكان العراق اصابات بالامراض، وشبكة الصرف الصحي فيها هي الاكثر تسمما، بسبب الاستخدام المهول للمنظفات والمعقمات من قبل ربات البيوت، وأنهارها تزيد من تلوث بيئتها كل يوم، إذ، كل ما يُلقى بنهري دجلة والفرات من الموصل الى القرنة من المخلفات،
ومياه التصريف إنما مصيره الترسب في شط العرب. الشط الذي لم يعد يحمل الكميات الهائلة من الماء الملوث الى البحر، بسبب الطمي المتكرر، وتوقف عمليات الكري، منذ أكثر من اربعين سنة، فضلا عن انجراف التربة اليه من جهتيه(التنومة والصالحية، وابي الخصيب والفاو) بسبب عمليات المد والجزر، وتكرار صعود المد الملحي الى أعاليه.
بعد كل استحمام لي في فندق الهوليدي إن، بالرياض في المملكة العربية السعودية، كنت ألاحظ نظافة الشاور، وخلوه من الصابون والشامبو، فالماء النقي، المصفّى والصالح للشرب لا يترك أثراً، يتولد لي شعور بالطمانينة، ثم أنني أتحسس جسمي، وشعري، نظيفاً فأجدني بلا عوالق من صابون أو شامبو، على خلاف ما أتحسسه في حمام البيت بالبصرة، فالصابونة تلصق بشعري ما أن يلامسها الماء، وتصعب حركتها عليه، هناك شيء من مادة لاصقة شمعية تجعل حركتها مستحيلة، فالماء المالح عدو لدود للصابون، لذا يعمد الناس هنا الى الاكثار من الشامبوات والمنظفات الكيمياوية الاخرى، الامر الذي ينتج عنه الكثير من امراض الحساسية والجلد بخاصة، أما منظر بقايا الصابون في الشاور والمغسلة فهو الاكثر قبحاً.
ربما لا تدري حكومتنا الفدرالية والمحلية بأنَّ الرياض، التي تسقى حدائقها وحيواناتها وانسانها بالماء المصفى والنقي والصالح للشرب، ولا تعاني من شح فيه، هي مدينة تقع على هضبة نجد، بارتفاع 600 متر، وتبعد عن البحر 950 كلم، ويقطنها أكثر من 10 مليون انسان، وهي من أكثر المدن نمواً في العالم اليوم، وانني أخجل من كل من يسألني عن حالنا بالبصرة، باعتبارها مدينة الـ 1000 نهر، وأنها غابة النخل الاكبر في العالم، وانها صدرت في يوم واحد من شهر ايلول الماضي ما قيمته 2.974.1 مليونان وتسعمائة واربعة وسبعون الف وواحد برميل من النفط(الارقام بحسب نشرة رسمية لشركة سومو) أخجل من كل مرة أدخل فيها الحمّام.
معلوم أنَّ أقرب نقطة لنهر دجلة عند التقائه في القرنة، شمال البصرة هي 75 كلم فقط، ولا تبعد ترعة البدعة بالناصرية أكثر من 180 كلم، والبصرة واقعة على البحر مباشرة عند الفاو 100 كلم عن مركزها، وهي ترتفع عن مستوى البحر بـ 2.4 متر لا أكثر، ولا يسكنها اكثر من ثلاثة مليون انسان، وصادراتها من النفط ليوم واحد تكفي لإنشاء أكبر محطة تحلية ماء فيها، فما الموضوع؟ ولماذا يتوقف كل حديث عن انشاء المحطات هذه، عقب كل انحسار للمد الملحي؟ وماذا يعني انشاء المزيد من الضواحي الجديدة والشوارع والمباني دونما تفكير جاد بشبكة متقدمة للصرف الصحي، ومحطة كبيرة لتصفية وتحلية الماء؟
جميع التعليقات 1
عراقي مهاجر من زمان
لانهم لايستحمون مثلك بالماء المالح. وهم لايستحون منك ومن ماءك المالح.