اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناديل: أرواحٌ مبتلاة بأصحابها

قناديل: أرواحٌ مبتلاة بأصحابها

نشر في: 23 أكتوبر, 2021: 11:56 م

 لطفية الدليمي

الكائن البشري صنيعة فريدة . عقله، عناصر رأسماله الرمزي ، لغته ، قدراته التكيفية المعقدة ،،، كلّ هذه - وسواها كثير - دلائل على قدرات بشرية مميزة؛ لكنْ ثمة خصيصة نوعية شديدة الغرابة أكثر من سواها يختص بها الكائن البشري – تلك هي معرفته بأنّه ذاهبٌ إلى العدم مهما تطاولت سنوات وجوده البيولوجي على الأرض .

هذه حقيقة مؤكدة يتعامل معها البشر وكأنها غير فاعلة في حياتهم؛ فتراهم يكدّون ويتعبون في تحصيل العلم والمعرفة والانغماس في تفاصيل الحياة لأبعد مدياتها المشتهاة حتى لكأنّ الموت يهابهم، ومن أجل ذلك يقالُ أحياناً، وفي استعارة لاتخفى مضامينها، أنّ الموت حالة كيفية، بمعنى أنك تموتُ عندما لاتختارُ أن يكون وجودك صانعاً للخير والجمال والمعرفة لنفسك ولسواك من البشر . ستفنى عندما تنكفئ على ذاتك وترى فيها مركزاً تتمحورُ حوله كل الموجودات الحية وغيرها، وستنتهي بعدها في حفرة مسمومة تتجرع فيها ماصنعه عقلك الموهوم وروحك التي لايطيب لها العيش إلا وسط مخاصمات لاتنتهي . كائن مثل هذا لايجيد سوى صناعة الأذى، ويكاد كلّ مافيه ينطق بكراهية مكشوفة للجميع. نعرفُ أنّ حياتنا الجحيمية - العراقية بخاصة - مكانٌ نموذجي لصناعة كائنات معطوبة العقل والروح والنفس؛ لكنّ عوامل الخير - متى مافُعّلت بطريقة حاسمة ولم تلتهمها نزعة الكراهية التي جُبِل عليها بعض البشر - لهي قادرة على عكس مفاعيل هذا العطب السقيم .

يمثلُ الفيسبوك نافذة – بين نوافذ عديدة – يمكن أن تستغلها بعض الكائنات المسكونة بالكراهية لبثّ سمومها المؤذية : ترى أحدهم يتناول منشوراً ثقافيا عاما فيحمّله غير مايحتمل من قراءات ملتوية ورؤية معطوبة لايراها سواه. لماذا يفعل هذا ؟ حتى يبيح لنفسه اتخاذ هذا المنشور وسيلة لشنّ هجوم عدواني غير مسوّغ . لو كان هذا الكائن يدركُ محدودية زمن وجوده لأدرك أنّ تبديد هذا الوقت الثمين في الهجوم على الآخرين فعلٌ عبثي لايؤذي الا شخصه المتهافت. كثيرة هي المنشورات الفيسبوكية التي لاتروق لنا، وأكثر منها هي الوقائع التي نشهدها في الحياة الحقيقية ولاتعجبنا أيضاً؛ فهل مطلوبٌ منّا أن نعلّق على كلّ هذه المنشورات والوقائع؟ يبدو السلوك المناسب أن نتفاعل مع ما يطيب لنا مع المنشورات أو الوقائع الحياتية التي تمس مشاعرنا، وأنّ نصرف النظر – ببساطة – عن كلّ مالايروق لنا . ليس أيٌّ منّا هو القطب الذي يدور البشر في أفلاكه أو ينتظرون نيل بركاته. قل كلمة جميلة أو اصرف النظر عما تراه ، هذه هي القاعدة المثلى في التعامل .

تجاهل المنشورات الفيسبوكية الطافحة بالكراهية هو ترياقها الأمثل والستراتيجية الصحيحة للتعامل مع مروّجيها . لكن ، يحصل أحياناً أن يمزج أصحابها السمّ بالعسل أو يخلطوا الحق بالباطل، وهنا لابدّ من التعليق على أصحابها والإشارة إلى هذه التفاصيل المسيئة. ليس من المروءة أو النزاهة في شيء أن نقرأ منشوراً يضجُّ بالأخاديع ثمّ نتجاوزه ونحنُ نعرف كمّ الاكاذيب فيه . من يفعل هذا يكون كمن ( لايفتح فمه لأجل الأخرس ) !

كتبت مقالتي هذه لتكون إعترافا بنزاهة ومروءة صديق فيسبوكي نبيل قرأ منشورا يخصني كتبه كائن موتور، ولم تحتمل روحه الطيبة السكوت مثلما يفعلُ كثيرون فآثر التعليق وبيان الحقائق التي يعرف ، ولم ينله من هذا الموقف إلا سوء الكلام .

ليس بوسعي سوى أن أقول لصديقي الطيب : مباركة أيامك ؛ إذ لن يدوم إلا العمل الصالح والكلِمُ الطيب الذي يحيي الأرواح ؛ أما لذلك الكائن الممتليء كراهية وحقداً فأقول : أرفق بنفسك وعلّمها طيّب الكلام وأنبله، وتذكّر أنّ كراهيتك سترتد إليك سوءً وفشلا مستديماً ، وتزيد اسوداد قلبك وتسلبك كل قيمة في الحياة ومابعد الحياة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

وزير الداخلية في الفلوجة للإشراف على نقل المسؤولية الأمنية من الدفاع

أسعار الصرف في بغداد.. سجلت ارتفاعا

إغلاق صالتين للقمار والقبض على ثلاثة متهمين في بغداد

التخطيط تعلن قرب إطلاق العمل بخطة التنمية 2024-2028

طقس العراق صحو مع ارتفاع بدرجات الحرارة خلال الأيام المقبلة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram