TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: كوميديا الديمقراطية !!

العمود الثامن: كوميديا الديمقراطية !!

نشر في: 25 أكتوبر, 2021: 12:18 ص

 علي حسين

في مرات كثيرة لا نعرف ماذا نفعل حين أشاهد ما يصرح به البعض عن الديمقراطية التي يجب أن يُقدم لها العراقيون الطاعة والولاء، هل نضحك من العبث والكوميديا السوداء، أم نصمت من شدة الكآبة والحزن؟، ينسى البعض للأسف أن من العبث أن تبذل مجهوداً كي تحاول إقناع عاطل عن العمل،

بأن الديمقراطية الحالية غيرت مصائر الناس نحو الأحسن، ومن السذاجة أيضا أن تحاول ذلك مع أرملة تنتظر أن تلتفت إليها الدولة.. إن تقييم البسطاء وإحساسهم الفطري يظل أحد المعايير المهمة في الحكم على التجربة السياسية، خصوصاً عندما نتكلم عن الحكومات التي تعاقبت بعد عام 2003 ، حتى هذه اللحظة فإن كثيراً من العراقيين لا يزالون يحتفظون بصورة للراحل عبد الكريم قاسم معلقة على جدران بيوتهم، وسألت البعض لماذا تفضلونه؟ فكان ردهم بجملة واحدة "إنه كان واحداً من البسطاء"، سيقول البعض إن عبد الكريم قاسم أجهض الديمقراطية، وكانت ممارساته السياسية يشوبها الكثير من الارتجال، لكنه وبشهادة أعدائه وفّر للبسطاء من الناس الكثير من الأشياء المهمة، أبرزها سكن لائق، الحق في العلاج والتعليم، توزيع الأراضي على الفلاحين، الإصرار على دعم الصناعة الوطنية، إشاعة روح المواطنة .

بعد ثمانية عشر عاماً من التغيير أعتقد أن العراقيين مستعدون أن يسامحوا الطبقة السياسية على الكوارث التي مرت بهم خلال السنوات الماضية، إذا شعروا بأن هناك بصيصاً من الأمل يحمله الغد إليهم .. يستطيع الساسة ومريدوهم أن يقولوا ما يشاؤون عن نواياهم وخططهم المستقبلية وعن الخير الذي يخبئونه للعباد، لكن المواطن المسكين يريد أشياء ملموسة، هذا المواطن لن تسد الديمقراطية جوع أطفاله، هذا المواطن لن توفر له شعارات الانتخابات البراقة سكناً لائقاً ولا علاجاً صحياً في مستشفيات متطورة.. هذا المواطن لا يمكن الضحك عليه بشعار "القضاء على الفساد" وهو يرى أن الكهرباء وحدها نهبت من أمواله أكثر من ميزانية دولة مثل مصر، هذا المواطن الفقير الموجود في القرى والنواحي يريد طرقات نظيفة، يريد عملاً يوفر له الحد الأدنى من متطلبات الحياة، لا يريد أن يقضي الصيف في بيروت والشتاء في دبي، يريد فقط أن يأكل ويشرب ويلبس. يريد تعليماً ينمي معارفه ولا يحوله إلى طائفي و متطرف.

هذا المواطن البسيط لا تشغله كثيراً معارك السياسيين وخطبهم، هو يريد أن يعيش بقدر ممكن من الاستقرار، وأقل قدر ممكن من الخسائر. هذا المواطن العادي لا تفرق معه هل اكتمل نصاب مجلس النواب أم أنهم متخاصمون فيما بينهم، هذا المواطن لا يريد أن يدخل صراع الأحزاب من أجل إشاعة "الفضيلة والأخلاق الحميدة" .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram