المطلوب هيكلة المجالس وجعلها استشارية
واسط / جبار بچاي
اتهم مواطنون من محافظة واسط مجالس المحافظات بكونها "أداة" لتعطيل عمل السلطات التنفيذية وانها كانت تستنزف أموالاً طائلة من رواتب ونثريات وكم هائل من الموظفين والصرفيات الاخرى، واعتبروا حملة البناء والاعمار التي تشهدها المحافظة في الوقت الحاضر هي إحدى ثمار تعطيل مجلس المحافظة وإنهاء الضغط على المحافظ والتدخل في الشؤون الادارية والمالية والفنية.
وطالبوا أن تكون تلك المجالس استشارية تشاورية، تضم نخبة من المختصين في مختلف المجالات بعدد مناسب من ذوي الخبرة والاختصاص يكون دورهم تقديم النصح والارشاد والاستشارات المختلفة وليس بالضرورة أن يكون لهم دور رقابي لوجود عدة أجهزة رقابية تمارس الدور وحققت تلك الاجهزة نجاحاً جيداً بعملها في بعض الملفات على العكس من مجالس المحافظات التي كان دور أغلب أعضائها استفزازياً نفعياً.
يقول التدريسي المتقاعد يحي العتابي "الواقع يؤكد أن محافظة واسط تشهد حاليا حملة عمل جيدة وهناك إنجازات ميدانية على الأرض في تنفيذ العديد من المشاريع العمرانية والخدمية خاصة المشاريع البلدية وخدمات الماء والمجاري والطرق كذلك التربية ولأول مرة يجري تنفيذ تلك المشاريع بعيداً عن ضغط مجلس المحافظة والمجالس البلدية". وأضاف أن "القانون أكد أن مجالس المحافظات هي تشريعية رقابية مهامها إصدار التشريعات التي تخص المحافظة ومراقبة أداء السلطات التنفيذية لكن ما يؤسف له أن المجالس ذهبت الى أبعد من ذلك وأصبحت تريد أن تكون هي صاحبة القرار الأول والاخير وكل من يختلف معها من أعضاء السلطة التنفيذية كالمحافظ مثلا سرعان ما تلجأ لإقالته، وأحيانا تكون هذه الاقالة غير صحيحة".
ويرى الناشط المدني أحمد التميمي أن "مجالس المحافظات هي أداة لتعطيل العمل التنفيذي في المحافظات وليس العكس، وهي مجالس نفعية تتبنى ما يتواكب مع طموحاتها وإرادة أحزابها والكثير منها شرعنت الفساد عبر سلسلة من القرارات المحلية غير المنصفة فكان لها أن تتلقى سيلا من الاتهامات والمطالبة بحلها كما فعلت ثورة تشرين التي أوقفت عمل تلك المجالس من خلال ضغطها على البرلمان مما أتاح الفرصة أما المحافظين لتنفيذ المشاريع ربما وفق رؤية فنية وإدارية صحيحة".
وأضاف "هذا لا يعني إعفاء أي مسؤول تنفيذي من المراقبة والمتابعة بل لابد أن تكون هناك مراقبة من البرلمان أكثر دقة لمنع سطوة المزاجية السياسية". مشيراً الى أن "توجيه سهام الاتهام الى تلك المجالس ومنها مجلس واسط قد لا يشمل الجميع فهناك من يتحلى بالوطنية ويحرص على المصلحة العامة ولا يعمل وفق المزاج السياسي الضاغط على المحافظ حتى دون مبرر حقيقي لذلك الضغط". واستدرك أن "أصحاب هذا الوصف عددهم قليل وبالتالي ليس لهم تأثير في المجلس طالما تخضع قراراته للتصويت والمحاصصة".
ويؤكد علي الشمري، معلم في إحدى مدارس الكوت أن "أي منصف يرى اليوم محافظة واسط وتحديدا مدينة الكوت تشهد عملاً جيداً وتنفيذ مشاريع خدمية كتأهيل وتطوير بعض المناطق التي كانت محرومة وتعاني من نقص كبير في الخدمات".
وأضاف أن "القرار اليوم بيد المحافظين لهذا أجد أنهم تحرروا من سلطة مجالس المحافظات والمجالس البلدية التي الغيت وأخذ المحافظ يعتمد على فريق من المختصين في المحافظة ونوابه ومعاونيه ورؤساء الوحدات الادارية في رسم السياسات التي تتعلق بتنفيذ المشاريع ووضع الأولويات واقرار المشاريع في الاقضية والنواحي وفقا لمعايير الكثافة السكانية والحاجة الفعلية دون الاخذ بمنظور فرض هذا المشروع أو ذاك من قبل مجلس المحافظة أو من قبل عضو مؤثر في المجلس أو حزب له عدد كبير من أعضاء المجلس". ويؤكد الشمري "أهمية إيجاد آلية قانونية لتنظيم عمل المجالس لتكون استشارية تقدم النصح والارشاد والاستشارة الى الفريق الفني في المحافظة وتكون مجالس طوعية كي لا تتحمل الدولة تكاليف عالية لا مبرر حقيقي لإنفاقها".
من جانبه يقول السيد منير كمر، أحد الشخصيات الاجتماعية والتربوية المؤثرة في المجتمع الواسطي "في هذا الموضوع هناك اشكالية تصطدم مع الحق الدستوري الذي أوجد هذه المجالس وبنص قانوني والاخير يتطلب ما يقابله بالضد واعني لابد من قانون آخر لالغائه وهذا قد يتأخر بسبب الخلافات بين السياسيين".
وأضاف "اجد من الضروري جدا اعادة هيكلة مجالس المحافظات من حيث اعداد اعضائها وعدد موظفيها وآليات عملها وكذلك نوع وحجم الصلاحيات الممنوحة بحيث لا تشكل عبئاً اقتصادياً على ميزانية الدولة وتكون معرقلا خدمياً للمحافظات وبؤرة صراع سياسي معطلة".
وذكر أن "الغاء مجالس المحافظات نهائياً يعني تفرد السلطات التنفيذية في المحافظات وعلى رأسها المحافظين بالقرارات المحلية التي تتعلق بمصالح ابناء محافظاتهم".
ويعتقد كمر أن "بقاء القرارات بيد المحافظين في الوقت الحالي سواء كانت تتعلق بالجوانب الخدمية وطبيعة إقرار المشاريع وغيرها من القرارات الاخرى ومسك الصلاحيات بكلتا اليدين لا يغيب عنها مبدأ المزاج السياسي والشخصي والذي يتوافق بطبيعة الحال مع المزاج والسطوة السياسية التي توجهها في الغالب الاحزاب التي ينتمي لها المحافظون".
وسبق وأن صدر القانون (27) لسنة 2019، قانون التعديل الثاني لقانون انتخابات مجالس المحافظات والأقضية رقم (12) لسنة 2018، والذي أنهى عمل مجالس المحافظات غير المنتظمة في إقليم ومجالس الأقضية والنوحي التابعة لها، واستمرار المحافظ ونائبيه ورؤساء الوحدات الإدارية بممارسة المهام والصلاحيات المنصوص عليها في قانون المحافظات رقم (21) لسنة 2008.
لكنَّ المجالس طعنت بقرار البرلمان أمام المحكمة واعتبرته مخالفا للقانون والدستور واسس الديمقراطية في البلاد وجوبه الطعن بحملة انتقادات واسعة نظراً لسمعة المجالس السيئة واتهامها بالفساد والرشى وعرقلة عمل المحافظين وتنفيذ مشاريع البناء والإعمار في المحافظات بسبب الصراعات بين الأحزاب والكتل السياسية في تلك المجالس.
يذكر أن المحكمة الاتحادية أعلنت مطلع حزيران 2021، ان قانون التعديل الثاني لقانون انتخابات مجالس المحافظات والاقضية رقم ١٢ لسنة ٢٠١٨ المعدل الذي انهى استمرارية عمل مجالس المحافظات ينسجم مع الدستور، لكن استمرار عمل المجالس المنتخبة سواء، كانت مجالس وطنية او هيئات محلية بعد انتهاء دورتها الانتخابية يمثل خرقا لحق الشعب في التصويت والانتخاب والترشيح وتجاوزا لإرادة الناخب.