TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: حريق في ثياب الوطن

العمود الثامن: حريق في ثياب الوطن

نشر في: 2 نوفمبر, 2021: 11:39 م

 علي حسين

في كلّ صباح ومع الانشغال بالبحث عن سطر من كتاب، أقدّمه للذين يتابعون "جنابي" وهم ينتظرون ماذا في جعبتي للمساء، وأعرف أنّ العديد من القراء الأعزاء يريدون مني أن أترك الحديث عن معركة الحلبوسي والخنجر، وغياب سليم الجبوري الذي لم يترك لنا أثراً سوى مذكراته التي يريدها أن تكون شاهداً على مرحلة ازدهار الخراب في العراق، والتحليلات اللوجستية التي يتحفنا بها بين الحين والآخر باقر جبر الزبيدي، والسبب كما يقول الزبيدي، لأنه خبير في نوايا البشر.

ولأننا في حديث عن الزعامات الكبيرة، اسمحوا لي أن أعيد عليكم حكاية المرحوم جوزيف بروز تيتو، الميكانيكي الذي أصبح واحداً من أهم شخصيات القرن العشرين. والرجل الذي تجرأ على الاختلاف مع ستالين يوم قال له: لماذا تريد جيشاً يوغسلافياً قوياً؟ نحن جيشك. ليجيب تيتو: شيئان لا يمكن استيرادهما، الوطنية والجيش. وأصر على أن يقيم دولة من كبريات دول أوروبا الشرقية. واكتشف في وقت مبكر أن الصراع بين أمريكا والدول الاشتراكية سيضع بلاده في مشكلة، فأخرجها من الحرب الباردة بين موسكو وواشنطن. ثم أقام لها مكانة أولى بين دول عدم الانحياز، أما نحن فلا نزال نعتبر الانحياز إنجازاً عظيماً ونرفع شعار "أنصر جارك على أخيك في الوطن"، إذ كيف تجد مبرراً لقتل أبناء وطنك، وأنت تشعر بأنك حققت انتصاراً على أعداء خارجين على إرادة "ولي النعمة"؟ أحاول هنا أن أسير خلف حكايات الثأر ، لأكتشف من خلالها كمّاً كبيراً من الأكاذيب التي تؤسس لتعاسة الناس اليومية من خلال خطابات وشعارات وفضائيات تصر على ان ما يجري دفاعاً عن أمن الوطن والمواطن.

دائماً ما أطرح على "جنابكم" هذا اللغز المحير: متى نطمئن على مستقبل هذه البلاد؟ متى يشعر الناس بأنهم شركاء في هذا الوطن وليسوا تابعين؟ متى يغادر سؤال الخوف على مصير البلاد أذهان أبناء هذا الوطن؟ الجواب طبعاً ليس عند أحد، لأننا نعيش في ظل ساسة ومسؤولين يرفضون وجود هذا الوطن معافى وصحيح البدن والنفس.. نواب وساسة يتقاضون رواتبهم من مواطن يعتبرونه مجرد مقيم يسعون إلى قيادته إلى هوة سحيقة.

منذ أيام اكتشف ساستنا الأشاوس أنهم يهيمون حباً بالعراق، ونجدهم يرتدون مسوح الإصلاح والشراكة الوطنية، ليتذكروا بعد ثمانية عشر عاماً من اللعب على الحبال وتقاسم الكعكة أن المحاصصة خادشة للحياء وصادمة للمجتمع والروح الوطنية!!.

كنت أتذكر مع عدد من الأصدقاء فيلسوف التنوير الألماني إيمانويل كانط، الذي كان يقول إن الفضيلة تزيد قيمتها كلما كلفتنا الكثير، دون أن تعود علينا بالمكاسب. ونحن في بلاد كلفنا ساسته الكثير من الدماء والاموال دون ان يعودوا علينا بمكسب واحد !!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. عدي باش

    الصراعات بين الأحزاب ليست صراعات من أجل تحقيق غايات موضوعية ، بل هي غالباً

  2. Anonymous

    لإحكام السيطرة على توزيع المناصب الفيلسوف الألماني ماكس فيبر

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العراق إلى أين ؟؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

 علي حسين دائما ما يطرح على جنابي الضعيف سؤال : هل هو مع النظام السياسي الجديد، أم جنابك تحن الى الماضي ؟ ودائما ما اجد نفسي اردد : أنا مع العراقيين بجميع اطيافهم...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان البحر الاحمر فسيفساء تتجاور فيها التجارب

 علاء المفرجي في دورته الخامسة، يتخذ مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي شعار «في حب السينما» منهجًا له، في سعيه لإبراز هذا الشغف الكبير والقيمة العليا التي تعكسها كل تفصيلة وكل خطوة من خطواته...
علاء المفرجي

لمناسبة يومها العالمي.. اللغة العربية.. جمال وبلاغة وبيان

د. قاسم حسين صالح مفارقة تنفرد بها الأمة العربية، هي ان الأدب العربي بدأ بالشعر أولا ثم النثر، وبه اختلفت عن الأمم التي عاصرتها: اليونانية، الفارسية، الرومانية، الهندية، والصينية.. ما يعني ان الشعر كان...
د.قاسم حسين صالح

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

جورج منصور في عالمٍ يتسارع فيه كلُّ شيء، ويكاد الإنسان أن ينسى نفسه تحت وطأة الضجيج الرقمي والركض اليومي، يظلُّ (معرض العراق الدولي للكتاب)، بنسخته السادسة، واحداً من آخر القلاع التي تذكّرنا بأن المعرفة...
جورج منصور
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram