TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > معالي الكلمة: تجربة المنتخب ( باء )!

معالي الكلمة: تجربة المنتخب ( باء )!

نشر في: 3 نوفمبر, 2021: 11:09 م

 عمـار سـاطع

من بين أفضل التجارب التي شهدها تأريخ كرة القدم العراقية، والذي يمتد لنحو 73 عاماً، كانت تجربة تشكيل منتخب رديف للمنتخب الوطني، وقد عُرِفَ في حينها بالمنتخب (باء).. في تجربة ربما كانت فريدة من نوعها وأتت بنتائج متميّزة صبّت في صالح مسيرة اللعبة!

قد تكون تلك التجربة إنموذجاً باهراً استعان فيها اتحاد كرة القدم بمستشارين وخبراء بغية إيجاد الطريقة الافضل لإنعاش واقع الحال والاستفادة من إمكانية اللاعبين من اولئك الذين لم ينالوا فرصتهم مع الجيل الذهبي، وربما كانت فرصة مثالية لتعويض توقف مسابقة الدوري الممتاز في تلك الحقبة من أجل الإعداد الأمثل والتركيز الأفرض للمنتخب بتصفيات كأس العالم والتي بلغها نجومنا في المكسيك عام 1986!

اتحاد كرة القدم العراقي ومنذ تأسيسه في الثامن من تشرين الأول عام 1948لم يخطوا خطوة واحدة باتجاه الارتقاء بعمل منتخباته الوطنية والتفكير بطريقة دعم مسابقاته المحلية والأهم من ذلك إيجاد أجيال تتعاقب وتُبقي على ذلك الازدهار الذي عاشته الكرة العراقية مثل تلك الحقبة، حُقبة ثمانينيات القرن الماضي، والتي اُعتُبِرَت القمّة الحقيقية التي هيمنت فيها منتخباتنا الوطنية على كل البطولات ووصلت الى العالمية على الصعيدين الأولمبي والمونديالي!

وحتى فترة العقد التسعيني من القرن الماضي، كانت مُكمّلة لما سبقتها من مدة زمنية مليئة بالنجاحات، بيد أنها كانت فترة استثنائية، برز فيها جيل ُمَميّز مع انه عاش في فترة الافتقار الى الدعم وقلّة المشاركات للظروف السياسية التي عاشها العراق وتأثرت فيها رياضتنا على العموم وكرة القدم على وجه التحديد، ودفع ثمنها نجوم اللعبة ومع ذلك كانت تلك الحقبة هي نهاية مشوار الجيل المظلوم من اللاعبين الموهوبين الذين تفوّقوا على أنفسهم قبل الأحوال التي لم تنل من نجوميتهم، لكنها نالت من حظوظهم في المستطيل الأخضر!

وللأمانة فإن عملية تأسيس المنتخب الرديف، لم تكن اجتهاداً شخصياً، بل كانت نتاج عوامل عديدة أفرزتها الظروف وأقرّها فقهاء اللعبة من خبراء وأكاديميين ومدرّبين، إذ تحوّلت فكرة إيجاد البدائل الى خلق منتخب هو نواة من أبرز لاعبي الدوري الممتاز، من غير لاعبي المنتخب الوطني الأول، مطعّمين بلاعبين من الاعمار الصغيرة أو المواهب التي اصبحت فيما بعد العمود الفقري للمنتخب الوطني، في توليفة ذهبية تكاد أن تكون إنموذجاً مهمّاً لصناعة منتخب يُعتمد عليه لأعوام، وهو ما حصل بالفعل!

لا أريد الحديث عن تاريخ فكرة تشكيل منتخب داعم للوطني، بأسم المنتخب الثاني، أو اتطرّق لما حققه في تلك المدة وكيف تم تشكيله، لكنني سأكتفي بالقول أن ذلك المنتخب حقق نتائج يُصعب تكرارها حتى مع المنتخب الوطني الأول في يومنا هذا والسبب هو نتائج التخطيط الصحيح لتشكيل المنتخب (باء) والبناء الستراتيجي بعيد المدى.. مثلما هو منحٌ لفرصة مهمة لجيلين من الشباب ونجوم الدوري من اولئك الذين لم ينالوا فرصتهم الحقيقية ولم يظهروا امكانياتهم مع المنتخب الوطني الذي تسلّط عليه الاضواء وينال نجومه الشهرة، مثلما ان تشكيلته تكون داعمة في كل الاحوال للمنتخب الوطني في نهاية الأمر، إذ سيكون البديل جاهزاً ويملك من التجربة الكثير ولديه اطلاع تام بكاريزما الحضور الدولي من مباريات أضف الى ذلك تهيئة اللاعبين لأي طارئ واعطائهم فرصة للعب قبل الولوج بمرحلة الوطني!

قد تكون لكثرة المشاركات والدعوات الخارجية في العقود الماضية والضغط الذي واجهه نجوم الجيل الذهبي السابق، من بين أهم وأبرز العوامل التي دفعت الاتحاد في حينها لتشكيل المنتخب (باء) لكنها في الحقيقة كانت تلك فرصة للاعبين أن يتنافسون فيما بينهم وتزداد حدّة التنافس بينهم فترتفع المستويات الفنية الى افضلها وتُمنح العدالة للجميع دون تمييز أو ميول، لكون الشعار الذي رُفِعَ في حينها كان (البقاء للأفضل)!

أتمنى من اتحاد كرة القدم الحالي أن يعي جيّداً أهمية تكرار تلك التجربة الفريدة من نوعها، كونها تجربة حققت المطلوب على أكمل وجه ودفعت العديد من الوجوه الكروية الفذة الى الواجهة بعد أن مرّت بحقول من التجارب المهمة، قبل وصولها الى قمة العطاء في تمثيل المنتخب الوطني.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram