علاء المفرجي
-2-
نعود الى الفيلمين العراقيين عن الهجرة، وهما الفيلمان اللذان تنافسا على ترشيح الفيلم العراقي لجائزة الاوسكار كأفضل فيلم اجنبي، والتي ستقام مطلع العام القادم.
وتماثل موضوعي الافلام كانت بالمصادفة البحت.. لكنهما من زاوية النظر للموضوعات التي تختارها السينما العراقية، فهما لا يخرجان عن هذه المعادلة التي تتحكم بالسينما العراقية، فالسينما، أي سينما تتمثل الظواهر الكبير في حياة شعوبها، لتقدمها وبأساليب مختلفة للجمهور.. ويبدو أن ذلك هو ما يطبع أكثر الأفلام العراقية.
فيلم حيدر رشيد (اوربا) يروي قصّة شاب عراقي، يحاول دخول أوروبا سيراً على قدميه، عبر الحدود بين تركيا وبلغاريا. توقفهُ شرطة الحدود البلغارية، ويتعرّض لضربٍ مُبرح، ويُسرَقُ منه كلّ ما يحمله معه. يتمكّن من الفرار، فيجد نفسه تائهاً في غابة موحشة، على الحدود نفسها. هناك، يخوض رحلةً عسيرة للبقاء على قيد الحياة، محفوفة بالمخاطر، بسبب المطاردة المتواصلة له من أطرافٍ مختلفة، كـ»صائدي المهاجرين»، وهم مُسلّحون غير حكوميّين، ومواطنون لديهم أهداف سياسيّة مناهضة للأجانب.
للفيلم بنية روائية تجعله فيلم إثارة وغموض بوليسي، إلاّ أنّه يُركّز على الشخصية، وعلى الصعوبات والمخاطر التي تواجهها. واضحٌ أنّ كمال مُحاطٌ بأخطارٍ كثيرة، كأشخاصٍ كثيرين يعبرون الحدود في هذه الرحلة، على طريق البلقان.
سينمائياً هو فيلم إثارة وشحذٍ للوعي، حيث يُبرز الحقيقة المروّعة لما يواجهه مئات الآلاف من الأشخاص الذين يسافرون عبر طريق البلقان، وما يُحدق بهمعلى يد المهربين اللاإنسانيين والقوات الحكومية وغير الحكومية. كل ما يحدث في الفيلم يستند على ما حدث في الواقع فعلاً. وقد تعرّفنا عليه من خلال مصادرنا أو من خلال التعرّف الشخصي أثناء عمليات البحث والاستكشاف، كما أنّنا استندنا على الكثير من تقارير أبرز منظمات حقوق الإنسان. إلاّ أن الفيلم، أولاً، وقبل كل شيء قصة إنسانية عن كفاح من أجل البقاء على قيد الحياة في رحلة البحث عن حياة أفضل“.
أما الفيلم الثاني بعنوان (بلا وطن) للمخرج الكردي تورج اصلان فأنه ويروي فلم «بلا وطن»، قصة مغنية مع زوجها الممثل المسرحي، وهم يخوضان صراع الهجرة من كوردستان، بعد أن بدأت الأحوال في المنطقة تسوء رويداً رويداً، عقب اجتياح داعش، حيث سادت حالة من الفوضى وعدم الاستقرار، خاصةً وإنهما ينتظران طفلهما الأول، وتسعى بطلة الفلم إلى أن تنجب طفلها في مكانٍ آمن ليتلقى فيما بعد رعايةً وتعليماً جيداً.
وقوع انفجار خلال حفلٍ غنائي للمغنية «بطلة الفلم»، يزيد من تشجيعها على ترك المنطقة برمتها والتوجه إلى إحدى الدول الأوروبية.
ويتطرق الفلم من خلال تجسيد رحلة الهجرة غير الشرعية وطرق تهريب البشر، التي يتخذها المهربون عبر الحدود، ليظهر عدد من الشخوص الذين يمثلون المهاجرين من الكورد، حيث جاء كل مهاجرٍ منهم من مكان، وبطريقةً تختلف عن الآخر، وكلٌ يعاني من مشكلةٍ معينة.
ويسعى المهاجرون إلى قطع الحدود والوصول إلى تركيا، داخل خزانٍ لنقل الوقود لتظهر العديد من القصص الأخرى خلال الطريق، إلا أن ابطال الفلم «المغنية وزوجها» لا يتمكنان من تحقيق حلهما، ويولد طفلهما داخل ذلك الخزان.
الفلم يهدف من خلال تلك القصة إلى العديد من الإسقاطات السياسية والاجتماعية، عن سوء الأوضاع الذي يعصف بالمنطقة عقب حرب داعش.