د. فالح الحمـراني
مر ما يقرب من عامين منذ بداية جائحة فيروس كورونا ، لكن الأطباء ما زالوا يبحثون عن علاج فعال سواء للمرض نفسه اولعواقبه – ويظل غالبية المرضى لفترة طويلة يعانون من متلازمة (مجموعة الأعراض التي تميز المرض) ما بعد الإصابة ، التي تشمل على ضييق التنفس والضعف وتدهور وظائف الرئة، علاوة على تشوش الذاكرة وتخثـرات في الدم.
ولا توجد هنا حتى الآن حلول جاهزة، ولكن بعض التطورات في هذا المجال تسمح لنا بالتطلع إلى المستقبل بأمل. وتم تبادل الخبرات حول هذه القضية في المؤتمر الوطني الحادي والثلاثين لأمراض الجهاز التنفسي الذي انعقد في موسكو مؤخرا - وهو منتدى روسي بالكامل يجمع بين المتخصصين من مختلف المجالات الذين يقومون بتحديث معارفهم في مجال طب الجهاز التنفسي.
واعاد نائب مجلس الدوما نيكولاي بيتروف للأذهان مبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجديدة الداعية لتخصيص أكثر من 100 مليار روبل لبرنامج خاص لتطوير طب اعادة تأهيل المرضى الذين شفوا من الاصابة بفيروس كورونا. وتم تخصيص في مشروع الميزانية الفيدرالية للعام الحالي 9.2 مليار روبل لهذه الأغراض ، و10 مليار لعام 2022 - 10 مليار روبل. وهذا يشير إلى ان دراسة الموضوع حتى الآن غير كافية ولايزال اليوم من الصعب تحديد نوع إعادة تأهيل المرضى وكيف سيكون. وتراهن الدولة على المختصين كمجتمع مهني لتطوير تلك المعايير، وتلك المؤشرات الأساسية الضرورية في مكافحة عواقب وتداعيات عدوى فيروس كورونا، لوضع البرنامج اللازمة، وكيف سيتم تنفيذها وعلى أي أساس مادي.
وقالت إيرينا ديمكو، أخصائية أمراض الرئة، في مداختلها: "يجب إجراء إعادة التأهيل الطبي للمرضى الذين يعانون من متلازمة ما بعد الاصابة بفيروس كورونا على ثلاث مراحل". يجب أن تكون المرحلة الأولى من إعادة التأهيل الطبي في المستشفى. علاوة على ذلك، يجب أن تبدأ هذه المرحلة بالفعل في وحدات العناية المركزة والعناية المركزة ، إذا كان هناك مرضى. وهذه هي إعادة التأهيل الأساسي، والذي يجب أن يبدأ بالمرضى الموجودين في هذه الأقسام. كما يتم تنفيذ المرحلة الثانية في المستشفيات العامة في أقسام التأهيل الطبي إن وجدت. وهناك ، يتلقى المرضى مساعدة تركز على مشاكلهم الخاصة. ويتم تنفيذ المرحلة الثالثة من إعادة التأهيل الطبي في العيادة الخارجية أو في المستشفيات العامة ".
وقال فلاديمير أنطونوف، كبير أخصائيي أمراض الرئة المستقل بوزارة الصحة في منطقة تشيليابينسك، دكتوراه العلوم الطببية، "حتى الآن ، لا توجد حلول جاهزة سواء للمرحلة الحادة للمرض، اومرحلة لإعادة تأهيل مابعد العلاج". ووفقًا له، فإن متلازمة ما بعد المرض تمثل تحدياً جديداً لكل من أطباء الرئة او المختصين في الطب العام. والغالبية العظمى من المرضى يعانون من الضعف وضيق التنفس بعد المرض. وقد يستمر القصور الرئوي لفترة طويلة بعد الاستشفاء. وأشار الطبيب إلى أن عوامل الخطر لمتلازمة ما بعد الاصابة بمرض فيروس كورونا هي الشيخوخة وزيادة كتلة الجسم والجنس الأنثوي، وعدد كبير من الأعراض في فترة المرض الحادة. ونحن بحاجة إلى برامج إعادة تأهيل المرضى. وإعادة التأهيل هو فرع جديد لكل من البحث العلمي، وكذلك العثور على علاج فعال.
وتحدثت أخصائية أمراض الرئة، دكتوراه العلوم الطبية، غالينا إجناتوفا ، عن العمليات الكيميائية التي تحدث في جسم المرضى المصابين بـ COVID-19 والتي تسبب مضاعفات خطيرة. ووفقا لها ، فإن هؤلاء المرضى لديهم كمية متزايدة من حمض الهيالورونيك منخفض الوزن الجزيئي، والذي له خصائص التهابية. وأكدت الطبيبة "لذلك ، من وجهة نظرنا نحن أخصائيي أمراض الرئة، فإن إزالة حمض الهيالورونيك مهمة مهمة للمريض المصاب بـو COVID-19" إحدى الطرق الممكنة هي استخدام الهيالورونيداز".
وعرضت غالينا إجناتوفا في الكونغرس نتائج دراسة حول استخدام عقارجديد يسمى ال "Longidaza" في حزيران 2020 - نيسان 2021 ، شارك فيها 13 مركزا و 160 مريضا. "لقد قمنا بمراقبة هؤلاء المرضى في مستوصف العيادة الخارجية، وكانوا قد خرجوا من المستشفى بعد تعرضهم لـ COVID-19. . وفي اطار الدراسة منحنا "Longidaza" في موعد لا يتجاوز 21 يوما من لحظة تشخيص الإصابة بالمرض. وقالت البروفيسور "كان هؤلاء المرضى يعانون من اصابات رئوية معقدة".
"ما الذي حصلنا عليه؟ قالت غالينا إجناتوفا إن ديناميكيات التغيير النسبي في السعة الحيوية القسرية للرئتين لدى المرضى الذين تلقوا عقار "Longidase" ، كانت إيجابية وأكثر وضوحاً فيما يتعلق بـالتغيير النسبي في السعة الحيوية القسرية للرئتين مقارنة بالمجموعة التي لم يتم وصف العقارلها. وفي نهاية فترة المراقبة، في اليوم الـ 180 ، ظلت الاختلافات بين المجموعات بالنسبة للقيمة الأولية للقدرة الحيوية القسرية للرئتين. ووفقا لها، لاحظ الأطباء ديناميات إيجابية من حيث مؤشرات كضيق التنفس، واختبار المشي لمدة ست دقائق ، ومستوى تشبع الدم في الشعيرات الدموية. وقالت الطبيبة إن الدراسة "أظهرت أن العلاج باستخدام "Longidase" المحتوي على هيالورونيداز يمكن أن يحسن وظائف الرئة".
وشارك بول بوليكي، أخصائي المناعة في قسم الأمراض المعدية في كلية الطب بجامعة ستانفورد، بنتائج ابحاثة موضحا بان المحتوى المخاطي في رئتي المرضى المصابين بعدوى فيروس كورونا يحتوي على فائض من حمض الهيالورونيك مما يزيد من لزوجة البلغم ويزيد من الالتهاب، وان انزيم هيالورنديزا قادر على تدمير حمض الهيالورونيك، مما يسهل إفرازه. ويقلل علاج الهيالورونيداز من لزوجة البلغم، مما يساعد يساعد بشكل كبير المرضى الذين في حالة خطيرة، وقد يكون وتدمير حمض الهيالورونيك استراتيجية علاجية واعدة في مكافحة هذا المرض."
وفي بحوث اخرى تم الكشف عن ان خلايا COVID تدخل إلى الدماغ من خلال الأنف فتخلق مشاكل للذاكرة لدى مرضى فيروس كورونا. ولذلك يصاب بعض الأشخاص بضباب دماغي بعد التعافي من كوفيد. ويعتقد الباحثون أن الخلايا الفيروسية يمكن أن تدخل الدماغ عن طريق الأنف، نظرا لأن الجهاز المناعي لا يهاجم دائماً الخلايا العصبية، إذ إن الخلايا العصبية المصابة تتحرك بحرية في جميع أنحاء الجسم ، مما قد يتسبب في ضباب الدماغ. وقد تكون خلايا فيروس COVID التي تدخل الدماغ البشري عن طريق الأنف مسؤولة عن تضبب الإدراك المرتبط بـ "كوفيد طويل الأمد". ويعتقد عدد من الباحثين أن الفيروس يمكن أن يؤثر بشكل مباشر على الدماغ ، مما يتسبب في مشاكل إدراكية مختلفة مثل ضباب الدماغ ومشاكل الذاكرة.
وتعطي نتائج البحوث في هذا المجال مزيدا من المعلومات حول ما يسمى ب "COVID طويل الأمد" - وهو مرض غامض ظهر لدى الآلاف من الناجين من فيروس كورونا بعد بضعة أشهر من التعافي من العدوى. ويمتلك دماغ الإنسان حاجزا دمويا دماغيا طبيعيا يحميه من الفيروسات والأجسام الغريبة الأخرى. وأظهرت الأبحاث التي قدمها العلماء أن COVID يمكن أن يتجاوز هذا الحاجز عن طريق الدخول عن طريق الأنف.
ووجد باحثون في دراستهم أن قرود الريسوس المصابة بـ COVID أظهرت دليلاً على إصابة الخلايا العصبية في الدماغ بالفيروس. وكان من المرجح أن يتم تشخيص القرود الأكبر سناً أو مرضى السكري - وكلاهما من عوامل الخطر للمضاعفات المرتبطة بـ COVID - بالعدوى العصبية في الدماغ.
ويتردد جهاز المناعة في مهاجمة الخلايا العصبية لأنها أهم الخلايا في الجسم ، لذلك يمكن للخلايا العصبية المصابة أن تتحرك في جميع أنحاء الجسم بمقاومة قليلة. قد يكون هذا سببا لبعض المشكلات المعرفية المرتبطة بـ "COVID طويل الأمد" لأن الفيروس يبقى في الجهاز العصبي.