علي حسين
كتب صديق عزيز، ينبهني إلى انشغالي الأيام الماضية بالكتابة في مجال الفلسفة والرواية، وأضاف بمحبة وطنية أن القارئ بحاجة إلى من يكشف له زيف ما يجري داخل أروقة السياسة العراقية وفضح الذين يتحكمون بمصائر البلاد والعباد، فهذا أفضل وأبقى من كتابات عن دوستويفسكي أو متجهم الوجه شوبنهاور. أنا آسف ياسيدي العزيز، فأنا وأنت نعرف أن ما نكتبه ونقوله يعيشه الناس كل يوم، يشعرون به ويتألمون منه، وربما لو أُتيحت لهم فرصة التعبير لقالوا أكثر مما نقوله ونكتبه .
ربما يقول البعض: ان السياسة في العراق مادة دسمة للكتابة، ولكن ياسادة ياكرام، سوف يظل الفارق كبيراً في الحجم بين ما نكتبه، وبين سخرية السيد أياد علاوي من الديمقراطية العراقية التي ظل يصرخ فيها بوجوهنا ليل نهار. فالسيد علاوي اكتشف أن الانتخابات غير مجدية، وأن الأموال التي صرفت عليها والناس التي خرجت لتنتخب كانت مجرد بروفة لإعادة عرض فيلم "البرلمان العراقي" ، ولهذا اوجد لنا السيد علاوي حلاً لمشكلة الديمقراطية العراقية بأن توزع كراسي البرلمان بين جميع الأطراف، وأن نؤمن بأن في الديمقراطية العراقية لا توجد قوى سياسية فائزة وأخرى خاسرة، فالكل يجب أن يتمتع بـ"الكعكة العراقية".
وأنا أستمع لتصريح أياد علاوي سألت نفسي: من هو أياد علاوي؟، وما هو التيار السياسي الذي يمثله؟، فنحن في حيرة هل هو رئيس لحزب ليبرالي أم هو قائد للرأسمالية الوطنية أم أنه يمثل الفقراء، أم لعله قائد يساري؟ وأغلب الظن أن علاوي يستمتع بدور " المنظّر" بدلاً من دور "المشارك" في صنع الأحداث.. أعرف حجم الأزمة التي يمر بها السيد أياد علاوي بعد أن خسرت قائمته ولم تستطع الحفاظ على مقاعدها التي حصلت عليها في الدورة السابقة، ولكني كمواطن كنت أتمنى، رغم أن التمني بضاعة المفلسن من أمثالي، بأن يكون السيد علاوي أكثر صراحة ويضع النقاط على الحروف ويعلن للناس: لماذا خسرت كتلته في الانتخابات؟، لأن الناس تعشق ثقافة الصراحة والوضوح، وتكره الساسة الذين يمارسون ثقافة الخديعة. بالتأكيد أنا لا أستطيع إجباره على اتخاذ الموقف الصحيح وليس أمامي سوى أن أرفع يدي بالدعاء على أميركا التي ألغت مفهوم المعارضة من قواميس الانتخابات العراقية.
كان المفكر الراحل، علي شريعتي، يقول "إن الكاتب الذي يتجرّد من مجتمعه، هو الخطر الأكبر على هذا المجتمع، حتى إنْ صعد على عرش المفكرين بالعالم، ليبقى مجتمعه على الانحطاط نفسه، ولو جاء أبو ذر الغفاري بدلاً من آلاف من أمثال الكتّاب الذين لا لزوم لهم، لتخلّصت مجتمعاتنا من التخلف وأنظمتها الدكتاتورىة الحاكمة".
أتمنى ألّا أكون في خانة هؤلاء الكتّاب، رغم انني مصرٌّ على أن أواصل العيش في حارة " كل مين إيدو إلو! " مع الاعتذار للقدير دريد لحام