TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: الساعدي حصتي !!!

العمود الثامن: الساعدي حصتي !!!

نشر في: 22 نوفمبر, 2021: 11:13 م

 علي حسين

عندما دخل الجنرال ديغول باريس منتصرا بعد الحرب العالمية الثانية، كان من بين أوائل التوقعات أن يذهب الى قصر فرساي ليحيي الجماهير التي وقفت طوابير تهتف باسمه، لكنه غير مسار طريقه ليتوقف أمام تمثالين، الأول لكليمنصو الذي وقع وثيقة النصر في الحرب العالمية الأولى،

والثاني لنابليون الذي وقع على بنود هزيمته، وحين شاهد الحيرة على وجوه مرافقيه، بادرههم بالقول: "المستقبل للمنتصر، لكن علينا أن لاننسى دروس الهزيمة"، وكانت تلك بالنسبة لقادة الجيش مفاجأة، فهم كانوا يريدون أن يقولوا للجنرال إنهم خاضوا معارك التحرير من أجل نسيان الماضي، لكن الجنرال كان يعرف جيداً أن الحروب مثلما تخلق الزهو والانتصار فهي أيضا تبعث على الأسى والموت، ذات يوم يدخل في جدال مع رئيس زرائه جورج بومبيدو حول متطلبات المستقبل، فيقول له: لا تنس أن بناء الأوطان أصعب من حروب التحرير.

منذ سنوات تكررت ظاهرة لا وجود لها إلا في هذه البلاد المغرقة بالخطابات والشعارات، تتلخص في محاولة البعض أن يهين الجيش ويطمس دوره في معارك التحرير، وفي كل مرة تغيب صورة الجندي العراقي فيما يصر البعض على أن يجعل من الجيش الرقم الثاني في المعركة.

عندما كنا ننتقد أداء الأجهزة الأمنية ونطالب بالحفاظ على قيمة الجيش والقوات الأمنية، فهذا لأننا نريد جيشاً وطنياً يكون للعراق والعراقيين جميعاً بعيداً عن الانتماءات الحزبية، لا جيشاً يدافع عن فشل الغراوي ويهتف باسم كنبر، ويأخذ التحية لقادة فاشلين من الذين ظلوا يهزجون بشعارات دعم القوات الأمنية طالما هي تتركهم يفعلون في البلاد ما يشاؤون.. كنا ننتقد الجيش لأننا ندرك جيداً خطورة أن يتورط في لعبة السياسة، فيصير طرفاً في معارك يمكن أن تحل بلغة الحوار لا بلغة الحروب.

اليوم وغداً سنرفع شعار "حافظوا على الجيش العراقي من أذناب الفاشلين، ومن السياسيين الفاشلين الذين يحلمون أن تكون هذه القوات داعماً لهم للسيطرة على مؤسسات الدولة، حافظوا على الجيش من الذين يتخيلون أنه حل لمشاكلهم".

اليوم من حقنا أن نطالب بأن يكون للجيش الدور المحوري في في هذه البلاد، وأن لا نسمح بأن يخرج علينا شخص يطالب بالقصاص من الجيش ويصرخ "الساعدي من حصتي"، ويقصد عبد الوهاب الساعدي، في مثل هذه اللحظات علينا جميعاً أن ندرك، أن بناء البلدان لا يتم بتهديم مؤسسات الدولة، ولا بسيطرة مجموعة على مقدرات الوطن.

بعد خروجه من الرئاسه ذهب ديغول إلى قرية في الجنوب كي يكون بعيداً عن السياسة هناك يكتب علمتني تجربتي في ميدان الحروب، أن الانتصار ليس أرقاماً بعدد القتلى، بل هو ذكريات عن الرجال الذين يصرون على أن يجعلوا من هذه الحرب عنواناً لحياة جديدة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram