عمـار سـاطع
ساختصر ما أريد أن أذكره عن خيبة الأمل والانهيار المُدوّي والأسى الكبير لخروج "عملاق العرب" من كأس العرب لكرة القدم المقامة في الملاعب القطرية من دور المجموعات، بما اختصره اللاعب بشار رسن، تعقيباً عن خسارتنا أمام قطر بقوله "هذه هي امكانياتنا"!
فعلاً يا بشار.. صدقت فيما قُلته، صدقت لأنك أحد شواهد التراجع الخطير الذي اصاب كرتنا في الآونة الاخيرة والتي اُبتلينا بها من دون أن يكون هناك أي مراجعة للذات وتقييم للواقع وفهم للحسبة، فما ذكرته كان الصواب بعينهِ، إذ اننا كُنا عاجزين ومتخبّطين ومشتّتين فيما اصابنا ولم نواجهه، لِنَتجاوزه، برغم ما نملكه من عقول وامكانيات واسلحة مؤثرة!
للأسف لا يمكننا تقبّل مبدأ الاستسلام بهكذا شكل أو هكذا طريقة، مثلما لا يمكننا الرضوخ لعوامل تلاعبت بِنا، بسبب أخطاء حصدنا خيبتها جرّاء الاجتهادات الشخصيّة والانفرادات والتزمت باتخاذ قرارات مصيرية، متجاوزين لغة الحوار وطلب الاستشارة، قبل أن نحصد ثمن الأخطاء باهضاً، وباهضاً جداً!
سيناريو خروج منتخبنا الوطني من دور المجموعات بمحصلة قدرها نقطتين من ثلاث مباريات، تمنحنا قوّة في تشخيص الأخطاء التي حصلت وتنتقد بأمانة صحفية ما جرى، وهكذا باسلوب ملؤه الوعي والحرص، بعيداً عن التسقيط والإساءة والتجاوز والذي اصبح ديدناً عند لغة الأغلبية!
أقول.. ان اتحاد الكرة يتحمّل وزرَ الأخطاء التي حصلت، نتيجة تراكم الأخطاء السابقة والتي تغاضى بشكل أو بآخر عن إيجاد الحلول المناسبة في معالجتها جذريّاً أو إيجاد الصيغة الأمثل في رأب تصدّعاتها، وبدلاً من إنهاء الجدل في الكثير من القضايا المهمّة، راح يتخذ قرارات ترقيعيّة ليس لها أي تأثير على حال المنتخب!
وحينما كُنا نؤشّر أن هناك خلل يتعلّق بموضوع فنّي بحت وتحديداً عند مدرّب المنتخب مثلاً، كانت المعالجات تأتي لترتبط عند الجانب الإداري وتتمحور بقضايا لا يمكن ان يتقبّلها أي عاقل فاهم فيما يحصل من تغيير!
وللأمانة فإن العلة الحقيقية كانت بتحوّل قائمة المنتخب الوطني الى حقل تجارب، وكأن التجريب أصبح السمة الواقعية للاعبي المنتخب، فلا تشكيلة محدّدة من لاعبين ولا ثبات واضح في أسلوب اللعب ولا انسجام فعلي بين خطوط الفريق ولا ترابط حقيقي بين اللاعبين أنفسهم!
وحينما كُنا نقول أن المشكلة الفنية في الأداء هي في غياب الهداف، أو اللاعب الذي يمكنه إنهاء الهجمات بالشكل الصحيح على مرمى المنافس، فإن الداء كان يصل الى غياب الألمام عند لاعبينا بمجرّد عبور الكرة منتصف ساحة الفريق الخصم، وكانت المعضلة تظهر بمحاولة لاعبينا التخلّص من الكرة بأي شكل لأنهم يفتقرون الى التكتيك الصحيح ببناء الهجمة المنسّقة!
وحتى نظهر الحقيقة كاملة.. فإن الضبابية كان عنواناً ملازماً للاهداف التي كان يفترض وضعها بعين الاعتبار لكون الأجهزة الفنيّة اعتمدت على الاندفاع والبناء النفسي أكثر من أي وقت مضى في كل المواجهات التي خاضها عناصر منتخبنا وكان من الواضح أن الفريق يلعب وفقاً لاساليب أكل عليها الدهر وشرب!
أما القضيّة الفعليّة التي كشفتها مباريات المنتخب وتكرّرت في أغلب المواجهات، فكانت في انهيار مستوى اللياقة البدنية عند الكثير من اللاعبين في مشهد اضحى مألوفاً أضف الى ذلك للتركيز في الدقائق الأخيرة، وهو ما يعني أن المشكلة كانت مرتبطة بالأصل بأمور تتعلّق بعدم توزيع المجهودات بالشكل الصحيح على زمن المباراة!
"هذه هي امكانياتنا".. فعلاً عنوان يختصر الكثير من مشكلة تتعلّق بترنّح عملاق العرب في الدوحة.. والمحصّلة هدف من ركلة جزاء في ثلاث مباريات ونقطتان من تعادلين وخسارة مؤلمة ومُحزنة أمام قطر وهويّة مفقودة لأسود الرافدين وبصمة غير مفهومة لمدرّب لا يعلم ماذا يريد وواقعيّة ساذجة في المطالبة بالفوز واللعب بمهاجم واحد، وغياب النضوج الفكري لدى اللاعبين!
لا أريد أن أكون قاسياً أكثر، لكنّها الحقيقة التي تجرّعناه بمرارة ونحن نشاهد المنتخب وهو يعاني ولا يتمكّن من مجاراة منافسين كان يتفوّق عليهم بسهولة.. وكل ذلك يدفعنا للمطالبة بإجراء تقييم واقعي ومتجرّد بعيداً عن الشفافيّة والانحياز للوصول الى القيمة الفعليّة لِما أصاب المنتخب من هزّة غير قابلة للمزايدة!