علي حسين
الحمد لله اكتشفنا، ولو مؤخراً، أن جميع أحزابنا تريد أن تشارك في السلطة وفي نفس الوقت تمارس دورها كمعارضة!! . خلال الأشهر الماضية قرأنا وسمعنا معلقات شعرية وأناشيد ترفض المحاصصة، واكتشفنا أن مشكلة البلاد هم المواطنون، الذين يريدون لهذه البلاد أن تغادر ديمقراطية عالية نصيف، وأن هذه الجماهير "الناكرة للجميل" لا تستطيع العيش من دون أن تشاهد "سيارة" خميس الخنجر.
بعد أشهر سيصبح عمر النظام "الديمقراطي" تسعة عشر عاماً، وفي كل عام نسمع المسؤولين والسياسيين يرددون نفس الخطاب: " فلتسقط المحاصصة"، لكن لم يجرؤ سياسي عراقي على أن يرفض هذه المحاصصة، بأن يقول لزملائه تعالوا ننتخب رئيساً للبرلمان من المسيحيين، أو دعونا من خرافة "ما ننطيها" ولنختار وزراء من خارج الكتل السياسية، لم يبق أحد إلا وخاض حربه من أجل المنافع، وباسم الدفاع عن المكوّن انقسموا إلى جبهات وأحزاب تتقاتل وتتنافس فيما بينها، وأنا أكتب هذه السطور، أود أن أذكّر القارئ العزيز بالأيام التي هبّت فيها رياح الإصلاح على برلماننا "العتيد"، وما تبعها من خطابات وأهازيج انتهت إلى اتفاقات، توهم خلالها المواطن البسيط بأن الأمور قد حسمت لصالحه، وأن المحاصصة تحولت إلى أشياء من الماضي..
الذين يقلبون صفحات التاريخ، لا يريدون أن يلتفتوا للحاضر قليلاً. في بلد يمتلك ثروات هائلة، يكتب عراقي على الفيسبوك مثل هذه الجملة المؤلمة والمضحكة: "أفضل احتفال بمؤية العراق ، هو اليوم الذي يتم فيه إصلاح الكهرباء، وليصبح اليوم الوطني ونحتفل به!" في الوقت الذي شاركت فيه جميع القوى السياسية بسرقة أموال الكهرباء لأكثر من ثمانية عشر عاماً.
وبدلاً من "مزاد المناصب " الذي نصبه أحمد الجبوري هذه الايام ، كان المطلوب سهلاً جداً، أن نضع المسؤول المناسب في المكان المناسب، وبدلاً من أن يضحك علينا حسين الشهرستاني وينضم بين إلى قائمة أغنياء الكرة الأرضية، كان هناك مهندس عراقي اسمه فاروق القاسم يعيش في النرويج ساهم في اكتشاف النفط في أحد أكبر حقول النفط في بحر الشمال، هذا المهندس توهم بعد 2003 أنه يمكن أن يقدم شيئاً لبلاده العراق، ويخبرنا أنه فاوض حكومة بغداد بشأن خطة متكاملة لتطوير صناعة الطاقة، المسؤولون، قالوا له ننصحك بأن تعود إلى النرويج، الجهات السياسية التي وقفت ضد مشروع فاروق القاسم قررت في لحظة تاريخية مهمة أن عبقرية حسين الشهرستاني أبقى وأنفع للعراقيين، وأن الغاز الإيراني يوثق الصلات التاريخية بين الشعبين، وأن الحصول على الكهرباء بالعملة الصعبة فرض وواجب .
ولأننا نعيش في عص الشعرات الزائفة "! فإن عدم الكفاءة والاستسهال والدوافع الشخصية تضع المسؤول في منصبه لأنه يحمل وصفة سحرية خلاصتها انه مقرب من أحد رؤساء الكتل السياسية.