TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: عفيفة ممنوعة من الغناء!!

العمود الثامن: عفيفة ممنوعة من الغناء!!

نشر في: 21 ديسمبر, 2021: 12:02 ص

 علي حسين

وضعتُ هذا العنوان وأنا أتوقع أنّ البعض من القرّاء الأعزّاء سيقولون، لماذا يارجل تعتقد أن مشكلتنا في منع الغناء؟ ألا تحسّ بالمسؤولية؟، لماذا أنت معدوم الضمير؟، تنسى أن البلاد تمر بأزمة كبيرة، وأن أحبابنا في دول الجوار قطعوا الماء عن مدننا؟، بالتأكيد لم أكن أنوي الكتابة في هذا الموضوع لو لا أن هذا الشهر يتضمن مناسبة نسيها الجميع وهي مرور 100 عام على ميلاد المطربة التي سحرت العراقيين عفيفة إسكندر.

شغلت عفيفة إسكندر الأوساط الفنية والثقافية في بغداد، لسنوات طويلة، فهذه المرأة المسيحية التي دخلت الإذاعة العراقية عام 1937 أصبح اسمها بين ليلة وضحاها على كل لسان، جاءت هذه البنت من أربيل الى بغداد، صبية تحلم بعالم من الشهرة والأضواء، كان عالم بغداد جميلاً ومختلطاً وملوناً، ففي هذه المدينة، تحمل الشوارع المضاءة أسماء شعراء وعلماء ، وفيها أنشأ تاجر مسيحي أشهر المحال "حسو إخوان" وافتتح مسيحي آخر أشهر ستوديو للصور "أرشاك"، وفي هذا الشارع ينشئ مسيحي آخر أشهر فندق "دجلة بلاس". في البيت الذي سكنته عفيفة إسكندر في كرادة مريم كان المذياع يصدح بأغنيات سليمة مراد ومنيرة الهوزوز وزهور حسين ومحمد القبانجي، وكانت تمضي أكثر الوقت، من أجل أن تسمع ما تحب.

الإذاعة نفسها، "إذاعة بغداد"، كانت على بعد خطوات من البيت ، وسوف تغامر ذات يوم، بالذهاب صوب الإذاعة، وتطلب من فؤاد جميل مدير الإذاعة آنذاك أن تغني، ولكن من سيلحن لها الأغنية؟ لم يكن غير اليهودي العراقي صالح الكويتي الذي كانت أصوات المطربات تنتظر عند عتبة بيته. يصغي صالح الكويتي إلى البنت المسيحية الجميلة الملامح، الفارعة الطول ويقول لها،: "عفيفة" سوف تكونين الاغنية الجديدة في هذه الإذاعة".

لم تكن تدرك عفيفة اسكندر أنها سوف تصبح ذات يوم نجمة بغداد المشعة، ومع أغنياتها المفرحة التي تشدو بها سوف يتغير جوهر الأغنية العراقية، وسوف يأتي إليها الملحنون والشعراء الذين كانت تحلم أن تلتقيهم يوماً ليسألوها: عفيفة هل تقبلين أن تغني لنا؟، ولتصبح امرأة أخرى من قوم عيسى تأسر القلوب والأسماع.

غفلت مؤسساتنا الفنية عن استذكار مئوية عفيفة إسكندر، ربما تناست أو خافت لأن البعض أعلن أن الغناء في العراق هو تخريب للأخلاق، فأعلن رفضه لإقامة أي مهرجان غنائي في محافظات العراق.. لماذا ياسيدي؟ لأن الغناء منافٍ للآداب العامة، ويتعارض، -الغناء طبعاً، وليس السرقة أو تهجير الأبرياء- مع قيم الشعب العراقي .

نستذكر الماضي ، لأن الحاضر الذي تعيشه مدننا ، محزن في ظل سياسيين ومسؤولين يريدون ان يجلبوا الهم والغم ويمنعوا عفيفة اسكندر من الغناء

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العراق إلى أين ؟؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

 علي حسين دائما ما يطرح على جنابي الضعيف سؤال : هل هو مع النظام السياسي الجديد، أم جنابك تحن الى الماضي ؟ ودائما ما اجد نفسي اردد : أنا مع العراقيين بجميع اطيافهم...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان البحر الاحمر فسيفساء تتجاور فيها التجارب

 علاء المفرجي في دورته الخامسة، يتخذ مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي شعار «في حب السينما» منهجًا له، في سعيه لإبراز هذا الشغف الكبير والقيمة العليا التي تعكسها كل تفصيلة وكل خطوة من خطواته...
علاء المفرجي

لمناسبة يومها العالمي.. اللغة العربية.. جمال وبلاغة وبيان

د. قاسم حسين صالح مفارقة تنفرد بها الأمة العربية، هي ان الأدب العربي بدأ بالشعر أولا ثم النثر، وبه اختلفت عن الأمم التي عاصرتها: اليونانية، الفارسية، الرومانية، الهندية، والصينية.. ما يعني ان الشعر كان...
د.قاسم حسين صالح

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

جورج منصور في عالمٍ يتسارع فيه كلُّ شيء، ويكاد الإنسان أن ينسى نفسه تحت وطأة الضجيج الرقمي والركض اليومي، يظلُّ (معرض العراق الدولي للكتاب)، بنسخته السادسة، واحداً من آخر القلاع التي تذكّرنا بأن المعرفة...
جورج منصور
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram