ماس القيسي

تصدر اسم غائب طعمة فرمان مشهد الحدث الثقافي الذي اطل علينا على أرض معرض بغداد الدولي في الفترة ما بين الثامن والثامن عشر من شهر كانون الأول الجاري وهو معرض العراق الدولي للكتاب بدورته الثانية المنظم من قبل مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون،

فقد تم الاحتفاء بهذا الروائي الراحل في معرض الكتاب على كافة الاصعدة من خلال عنونة الحفل باسمه واقتباس روايته النخل والجيران لتكون شاهدا حيا على تجسيد التراث الثقافي المعبر عن كيان الأشقاء العرب توسطهم العراق، قلب الحضارة متمثلا برمزه النخلة الباسقة، إضافة إلى اقامة الندوات التي تناقش وتحلل وتفكك أدبيات اعماله وتجربته في المنفى، كذلك تم أحياء ذكراه فنيا بتقديم منحوتات برونزية تجسد هيئته وملامحه كنسخ قريبة إلى حد ما من الحقيقة جوائز تقديرية لبعض الشخصيات العامة من فنانين وادباء، مصممة ومنجزة بيد الفنان التشكيلي المختص بفن النحت حسنين جهاد الذي استضفناه في المدى ليتحدث لنا عن هذه التجربة، فكان لنا معه الحوار التالي.

 من هو حسنين جهاد؟

فنان تشكيلي عراقي مستقل من بغداد مواليد عام 1978، عضو نقابة الفنانين العراقيين 2001

وعضو جمعية التشكيليين العراقيين 2001، لدي مشاركات في معارض دائرة الفنون والمعارض الفنية، ولقد تلقيت ثقافة الطين في أولى لبناتي، عشقي للطين اذ جعلت من خامة الطين مصدر إلهامي منذ طفولتي وقد قضيت أيام دراستي الأولى مدخرا لمادة الطين والذي تعلمته كأولى خامات النحت وكذلك مخيلتي في نحت الأجسام والأشكال والتعرف على خصوصيتها في فضاء هذا الفن العظيم وهو فن النحت، وقد تتلمذت في معهد الفنون الجميلة على يد أمهر النحاتين العراقيين الكبار الذي افرزتهم بغداد بمشوارها التشكيلي العظيم، بعدها صقلت موهبتي العلمية في الدراسة في كلية الفنون الجميلة قسم الفنون التشكيلية حتى تخرجي 2005 وقد أنجزت العديد من الأعمال النحتية، منها مشاريع تخرجي كطالب ومنها ما هو تجريبي واكاديمي تبنى عليها المهارة والاحتراف في تخصص فن النحت.

 بماذا تعرف النحت؟ وما أهميته لدى الشعوب؟

أن فن النحت هو فن هويات الشعوب، فهو الفن التاريخي الوحيد الذي بقى محافظا على بيوغرافيا الشعوب وانمائها وأديانها، انه أكثر فن اعتمدته الحضارة الحديثة في معرفة ماضي وحاضر الشعوب عبر الأزمنة.

تعد أهمية النحت لدى الشعوب بمثابة المنبع الحضاري الذي تتسم به كل الشعوب والعصور، منها

العصور القديمة جسدت هويات النحت الذي يضم صور البطل التاريخي والرموز الدينية؛ ابوالهول في مصر؛ وكلكامش في العراق؛ وهرقل الروم؛ وبوذا في الهند.

كذلك تجسيد الميثولوجيا فقد جسد فن النحت عراقة الشعوب البدائية وشعوب قبل التاريخ وشعوب العالم عبر التاريخ يجسد كل الطقوس والاديان والظواهر التي يعتمدها العالم القديم بكل تفاصيله

اما العصور الحديثة فقد جسد فن النحت مضامين الفن والعمارة وكذلك مضامين الفكر والفن في النحت الاشتراكي ومضامين الفن للفن والنحت المعاصر والنحت البيئي والفن التجميعي.

 كيف بدأت مسيرتك مع النحت؟

كانت اللبنات الأولى عندما دخلت معهد الفنون الجميلة حيث درسنا المنحوتات الكلاسيكية القديمة الذي كان يعتمدها المعهد في التعليم المنهجي، البداية عندما قلدت احدى منحوتات النحات العالمي مايكل انجلو وقد برزت عندي حينها الجودة في الأتقان والدقة في اظهار المنحوتة، الأمر الذي جعل من موهبتي تقفز من ناحية التطور في التجربة والذي اثار اهتمام استاذتي الأفاضل الذين حفزوني أكثر ونمّو في داخلي حب الاصرار والاقتدار بهذا الفن، ومنهم المرحوم النحات علاء الحمداني والمرحوم النحات قاسم مرشد والفنانة المبدعة سميرة حبيب كما استفدت من براعة النحات الكبير سهيل الهنداوي، وعلى الرغم من نضوج موهبتي في بواكيرها ايام المعهد فقد تعلمت كثيرا من منحوتات النحات الرائد محمد غني حكمت الذي زرع في داخلي قوة التجربة وابداعها المطلق

 ماهي اهم اعمالك؟

مشروع تخرجي قائم منذ 2005 أرتفاع 2 متر، تماثيل نحتية لرموز الفن والأعلام في حديقة الرواد في شبكة الأعلام العراقي في بغداد منهم، ناظم الغزالي، وعريان السيد خلف، وزهور حسين، وفكتوريا نعمان، وزها حديد، وكامل الدباغ، إضافة الى تنفيذ جوائز دورات معرض العراق الدولي للكتاب والتي تنظمه مؤسسة المدى، دورة الشاعر مظفر النواب والشاعر بدر شاكر السياب

والكاتب غائب طعمه فرمان.

 ماذا تقول عن مشاركتك بمعرض العراق الدولي للكتاب؟

تعد مشاركتي في هذا المعرض أضافة تاريخية لي لما يختصه تاريخه الفني لي وانه سيجمع بيني وبين الجمهور ويربطني به ثقافيا، وعلى تماس واضح بوصفي النحات الوحيد الذي نحت نجوم هذه الجائزة، والذي ستضيف ارثها الثقافي في الجانب الفني المحترم.

اما نحت الأديب غائب طعمة فرمان يعد بمثابة تكريم لهذا الأديب لما لعبه من دور كبير في الثقافة العراقية في التاريخ المعاصر والذي كانت جائزته احدى منحوتاتي المهمة في هذا المعرض.

 برأيك ما هو الربط بين الأدب وفن النحت؟

قال الفيلسوف الوجودي جان بول سارتر: انا كتبت في الوجودية، وجاكو متى نحتها تلك المقولة التي تعزز قيم هذا الرابط الفكري والمعرفي.

 هل هناك صعوبة في تجسيد شكل الشخصيات بدقة؟

لا توجد صعوبة في نحت الشخصيات إنما هنالك مرونة ومطاولة في كسر الشكل، هي ضمن حدود الفنان في التجربة.

 هل انت مستعد للمشاركة في محافل ثقافية أخرى؟

نعم مستعد بالمشاركة بأي محفل ثقافي يفخر به اسم العراق.

- هل تخطط لإنجاز عمل يزين مدينة عراقية؟

نعم لقد خططت لذلك مرارا وتكرارا وصممت للعديد من المنحوتات المصغرة لتزيين ساحات وواجهات المدن ومستعد انا كنحات عراقي ان أقدم من منصتكم الكريمة اي مشروع فني يشترط التعبير والابداع في مجال الفن التشكيلي والعمارة المعاصرة.

 واخيرا كلمة لهواة النحت؟

أوجه للنحاتين الهواة ان ادعوهم للتجارب التي تعيد أحياء الفن النحتي العراقي التراثي بروح عالمية معاصرة، لنعيد من خلاله المزاوجة بين جيل الشباب وجيل الرواد، حيث أن العراق يمتلك أكبر نصب خزفي في العالم وهو نصب الشهيد حسب تصنيف اليونسكو.