اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: من يسجن فولتير؟

العمود الثامن: من يسجن فولتير؟

نشر في: 22 ديسمبر, 2021: 11:39 م

 علي حسين

ما هي المسافة التي قطعها النظام الجديد في العراق وهو يدخل عامه التاسع عشر؟ ما هي نسب النمو والتطوّر والتقدم ومستويات الدخل؟ كم هو عدد المستشفيات والمدارس التي بنيت؟ ما مدى فاعلية نظام الضمان الاجتماعي والصحي الذي تحولت أمواله إلى جيوب المسؤولين؟ وهل هناك إحصاء حقيقي لنسبة البطالة؟ وما هي المشاريع التي اعتمدتها الحكومات المتعاقبة لتنمية قدرات هذا البلد الغني؟ والأهم ما مقدار الرفاهية الاجتماعية؟.

تقوم تجارب المؤسسات السياسية، الحقيقية وليست الفضائية، على نكران الذات والمشاركة الفاعلة في بناء البلاد وصدق المشاعر الإنسانية، فيما تقوم تجاربنا على الجروح التي يتركها الساسة في جسد الوطن. قبل أيام وأنا أتصفح كتاب الفيلسوف هربرت ماركيوز "الإنسان ذو البعد الواحد" أعادتني كلماته إلى تلك الأيام التي كان فيها هذا الفيلسوف وكتابه بمثابة إيقونة التحرر بالنسبة للشباب الأوروبي في ستينيات القرن الماضي، التمرد والمطالبة بالتغيير كان شعار الطلبة الفرنسيين الذين قادوا انتفاضة عام 1968، انتفاضة حالمة، رفعت شعار، رفض القمع، رفض الاحتواء. فيلسوف غذى بكتاباته أفكار جميع الغاضبين في أوروبا فرفعوا شعارات منددة بسيطرة المؤسسة السياسية والاجتماعية التي تقف حائلاً أمام حريتهم الشخصية، شعارات قال عنها سارتر: "يتدفق منها شيء مدهش، مزعزع يدين كل ما أدى إلى وصول مجتمعنا إلى ما وصل إليه من رداءة". في تلك الأيام كان ديغول محاطاً بالكاتب أندريه مالرو، ولكن في الخارج كان فيلسوف الوجودية يحارب ديغول ويسخر منه، مواجهة حادة بين عبقرية الفكر وعبقرية السياسة، كان فيها ديغول يحترم سارتر، وحين أصبح الأخير رمزاً يلهب مشاعر الطلبة ويقود أعنف التظاهرات، وحين امتلأت صحف فرنسا بصوره وهو يوزع المنشورات ضد نظام الحكم، طالب عدد من القادة الأمنيين والوزراء بسجنه، فرد عليهم ديغول بعبارته الشهيرة، "هل يمكن أن نضع فولتير في السجن".

في بلاد الرافدين التي تُريد أن تعلم العالم ديمقراطية محمود المشهداني يعيش المواطن في ظل ساسة مدججين بخطابات الرفض، يكرهون ثقافة الحوارمع الناس، يصرون على ان يعيش الشعب على الهامش.

منذ تسعة عشر عاماً والناس تسمع كلاماً وخطباً عن الرفاهية والاستقرار والحرية.. لكن في النهاية تجد أنفسها أمام سياسيين البعض منهم بلا خبرة ولا مقدرة والبعض الآخر من أنصار نظرية المؤامرة فتراه يردد كل يوم انه الامبريالية العالمية تغار. ولعل ما يحدث الآن لا يختلف كثيراً عن ألاعيب تجار الازمات، حيث يتم اخفاء سلعة ما حتى تصبح عزيزة وغالية، وهاهم سياسيونا يسعون لإخفاء الاستقرار والرفاهية والفرح عن بيوت الناس، كي يدفعوهم للرضوخ إلى منطق المسؤول " الآمر والناهي ".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

العمودالثامن: نائب ونائم !!

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

العمودالثامن: الكهوف المظلمة

 علي حسين درس العلامة جواد علي أخبار وأحداث ابن الأثير وحفظها واطّلع على معظم ما كتب عنها وكل ذلك في إعجاب شديد وحب صادق، وكان جواد علي ابن الكاظمية يعرف أن الموصلي "...
علي حسين

بيانات جديدة عن حالة الأمن الغذائي في الشرق الأوسط: ثلاثة بلدان في المنطقة تعاني من المجاعة بينها العراق

د. فالح الحمـراني أظهرت منطقة الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة معدلات عالية بارتفاع نسب المجاعة وسوء التغذية، فضلا عن أعراض مثيرة للقلق للغاية تتعلق بزيادة نسبة السكان الذين يعانون من السمنة. ويرجع هذا الاتجاه...
د. فالح الحمراني

نظرة في الميدان السياسي العراقي.. إلى أين يفضي؟

عصام الياسري أسفرت انتخابات مجالس المحافظات العراقية في ديسمبر كانون الأول 2023، عن مكاسب كبيرة للأحزاب الطائفية الماسكة منذ العام 2003 بالسلطة. وبضعة انتصارات طفيفة فقط للقوائم المناهضة للمؤسسة ولم تفز الأحزاب السياسية المعارضة...
عصام الياسري

التعديل والأهلية.. جدل الفقه الجعفري مع قانون الأحوال الشخصية في العراق

علي المدن مرة أخرى تفشل مساعي تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق بعد أن سبقتها محاولة أولى عام 2017 تقدم بها النائب حامد الخضري. وكما أعلنت تحفظي في المرة الأولى، وكتبت مقالين نشرتها في...
علي المدن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram