TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: بمناسبة اعياد الميلاد

قناطر: بمناسبة اعياد الميلاد

نشر في: 26 ديسمبر, 2021: 11:10 م

 طالب عبد العزيز

من جميل ما يفعله غالبية العراقيين المسلمين بمناسبة أعياد ميلاد السيد المسيح أنهم يتقدمون بالتهئنة، والتمنيات الطيبة، لأشقائهم في الوطن المسيحيين والارمن ، وبمختلف طوائهم، أو من بقي منهم، وهناك من يقولها بقلب صادق ينشد الطمأنينة والسلام للجميع، وهناك من يقولها كتسيقط فرض، أو يقولها غير مؤمن بحقهم في العيش معه، أقصد من المنتمين للاحزاب الدينية المتشددة، التي تتسيد المشهد السياسي العراقي اليوم.

سيأتي من يقول بأنهم كانوا لنا اخوة، وامضينا السنوات الطوال معهم، وهم جيراننا وشركاؤنا في الوطن والعمل والسكن المدرسة.. وليس بيننا ما يمنع من وجودهم بسلام فنقول: نعم، كان ذلك قائماً بالفعل، ذات يوم، يوم كانت السلطة غير دينية، وكانت النصوص القاتلة ما تزال في مخابئها، غير مستلة، أما أوضاع البلاد اليوم، حيث تزعم كل طائفة وكل حزب بل وكل فرد بانه وحزبه أو طائفته وحدهم الذين يمتلكون الحقيقة، وكل من خالفهم يمتلك نصفها، أو لا يمتلك منها شيئاً، فأمر المسيحيين وسواهم من الطوائف سيكون مربكاً، وكل واحد بينهم عرضة للطرد والملاحقة والسطو إن لم يكن الموت.

شخصياً، أفعلها وأكتب بوستات تهنئة بالمناسبة، أو اتصل بالتلفون مع بعض الاصدقاء من المسيحيين، في الداخل والخارج، لكنني، غير مقتنع بما أفعله، ذلك لأنني، كفرد لا أملك عشيرة مسلحة، أو ربما كنت علمانياَ، أو مسلماَ، وقد أكون منتمياً لطائفة مرفوضة في محيطها، فلا اشعر بالامن، واستشعر الخطر في كل حديث أؤمن به، وأدافع عنه، ورقبتي رقيقة، طيعة أمام سكين أيّ من هؤلاء، الذين يمسكون بالسلطة، ويمتلكون العدد الاكبر من البنادق. أولئك الذين يدعون امتلاك حقيقة الخلق، والخالق، والدين، وبيدهم مفاتيح الجنة، فأنا مكشوف أمامهم، لا أساوي في وجدانهم سعر الطلقة التي تخترقني.

في البلاد التي تتغول الاحزاب والطوائف فيها على الدولة، وتصبح عاجزة عن حماية نفسها لا يطمع الانسان فيها بحياة آمنة، فهذا شان مستحيل، إنما يتركز اهتمامه على الهجرة، والبحث عن مكان لتمضية ما تبقى من العمر، في محيط يحترم الانسان فيه الانسان، ويجتهد المسؤول الحكومي في تأمين حاجاته، والسعي لجعله آمنا، غير منقوص الشعور في المواطنة. الحديث عن عودة الاشقاء المسيحيين والصابئة المندائيين والاقليات الاخرى يتطلب سؤالاً جوهرياً هو من بيننا الآمن الحقيقي، الضامن لحياته؟ وهل تمكن الفرقاء الذين تقاسموا السلطة طوال عقدين من الزمان من حماية أنفسهم من بعضهم؟

اليوم، وبعد أكثر من شهرين على إعلان نتائج الانتخابات، وفوز بعضها من بامكانه رسم صورة الوطن القادمة؟ وهل ستظل البنادق مركونة في مشاجبها أم ستخرج ملعلعة؟ في وطن كل ما فيها غامض، وكل من فيه متربص بآخره، وكل من يمسك بمقود السلطة لا يريد مغادرته، وكل متسيد لا يفرط بالفرصة، التي أتيحت له ستتضاءل فيه فرص الحياة، والعيش الامن، ولا يشعر المواطن فيها بوجوده خارج حدود الموت والرصاص الطائش.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: في محبة فيروز

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram