TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: الحاج .. مسيحي !!

العمود الثامن: الحاج .. مسيحي !!

نشر في: 27 ديسمبر, 2021: 11:22 م

 علي حسين

ربما الصدفة هي التي قادت خطوات الشاب الأرمني إلى عالم التصوير وهو يتذكر أن والده كان يمتلك كاميرا بوكس، حاول الصبي مرات عديدة أن يكتشف سر هذه الآلة العجيبة. حين قرر أمري سليم لوسيان أن يترك الموصل، كان الأرمن في بغداد يقطنون أحياءهم الخاصة "كمب الأرمن وكمب سارة"،

في عالم خاص بهم، يحرصون على أن يتم كل شيء بالإتقان، يزينون شارعي السعدون والرشيد بمحال تصوير أنيقة وصغيرة فتقف أمام أرشاك أو هاكوبيان أو آرام أوكاكا أو أمري سليم، تضع يدك على خدك وبعد يومين أو ثلاثة تتسلم صورة تفوق الأصل بكثير حتى تكاد لا تصدق هل أنت صاحب الصورة أم أنها لشخص آخر ، ، أما إذا دفعك غرورك إلى أن تذهب باتجاه المصور جان صاحب ستوديو بابل فأن صور المشاهير والحكام التي تملأ فاترينة المحل تدفعك لأن تتحسس جيوبك وأنت تحلم بأن يلعب القدر لعبته فتجد صورتك يوماً تتوسط هؤلاء الأعلام، ومع ازدهار الصحافة ازدهرت الصورة الفوتوغرافية أيضاً، وطبعاً كان الأرمن هناك لا ينافسهم أحد وكان في الطليعة من هؤلاء الحاج أمري سليم الذي سيصبح أشهر مصور وجوه في الصحافة العراقية، ومن بين الوجوه التي رسمها بعدسته صور الملك فيصل الثاني ونوري سعيد وحافظ الدروبي والقبانجي والصحفي بدر شاكر السياب لكن الأهم صور عفيفة إسكندر ولميعة توفيق وسليمة مراد وزهور حسين وأحلام وهبي ووحيدة خليل وهيفاء حسين حيث ارتبط هذا المصور المتورد الخدود بعلاقة مودة مع كل مطربات بغداد ويتذكر كيف استطاع أن يعقد صفقة تسمح له بأن يلتقط الصور لمطرباته المفضلات مجاناً مقابل أن يدخل الحفلات الغنائية بدون تذكرة دخول وكيف أن هذه الصفقة ساعدته في الحصول على أموال لا بأس بها آنذاك حيث طبع كميات من صور مغنياته ليوزعها على بعض بائعي الصحف المتجولين فكنت تسمع البائع ينادي: " إقرأ البلاد الباشا يقدم استقالته، شوف آخر صورة لسليمة باشا". لقد استطاع أمري أن يلتقط صور هؤلاء المغنيات ويجسدها كأغنية من أغاني الفرح العراقي، ضاجة وصاخبة مرة، لتجعل من هذا الفنان أصدق المصورين وأملأهم بالحب، طارت شهرة أمري سليم عندما اختاره عبد الكريم قاسم لأن يرافقه في جولاته ليوثق أحاديثه مع الناس، فقد كان الزعيم الراحل يدرك جيداً أن عدسة أمري ستنقل بصدق أحاسيس الناس ومشاعرهم وهم يتحدثون أو ينصتون لزعيمهم المحبوب.

أمري سليم، الأرمني، الذي أجمع البغداديون على مناداته بلقب حاج تؤكد سيرته أن المسيحيين لم يكونوا جسماً غريباً في العراق وأن لهم في كل ذرة من أرضه لمسة وذكرى. قبل أن تظهر جماعات تحذر من احتفالهم بأعياد الميلاد لأنها "حرامس".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram