علي حسين
منذ 19 عاماً وهذه البلاد تتردّد في خطواتها، لأنّها ترى في العجلة الندامة، فماذا يعني إذا ما تأخرت مشاريع الكهرباء والصحة والتعليم، وارتفعت نسبة الفقر، وزاد عدد المشرّدين والمتسوّلين؟، المهمّ أن تترسّخ الديمقراطية التي تسمح للجميع ان يجلسوا على كراسي السلطة .
ماذا فعلت السرعة بنا؟، جعلتنا نتخلّى عن عقلية "تكنوقراطيّة" بوزن حمد الموسوي، وكان الرجل يأمل أن يجعل من العراق، ياباناً جديداً أو في أقل التقديرات بلاداً تنافس سنغافورة، ولكن ماذا نفعل مع الشعب الذي خذل عقلية اقتصادية استطاعت بفترة قياسية أن تلفلف مليارات الدولارات؟.
عندما بدأت الصين في الانتقال من المجتمع الزراعي إلى مجتمع صناعي متطور، لم تذهب باتجاه البنوك للحصول على أموال، بل كان باني الصين الحديثة دينغ شياو يقوم بزيارة سريّة إلى سنغافورة ليعرف بنفسه سرّ تطورها وكيف تحولت هذه الجزيرة من مستنقع فقير إلى قوة اقتصادية كبرى، وليقرر بعد عودته إلى بكين أن ينقل بلاده من زمن الخطابات والشعارات، إلى عصر "اليوان الصيني" الذي يُرعب الأسواق إذا ما مسّه سوء. أراد "دنغ كسياو بنغ" وهو يبني الصين الحديثة أن يفيد من تجربة دول مثل اليابان وسنغافورة وكوريا الجنوبية. سافر إلى طوكيو والمدن الأخرى، وزار الشركات الكبرى، وفي النهاية اكتشف أن التطور يعني مسؤولاً يحب وطنه وشعباً يحترم العمل .
في كل عام يملأ السياسيون حياتنا بالأكاذيب وبيانات التهريج، وفي خطابات مكررة يومية يحاولون أن يحولوا الأنظار عن المآسي التي ترتكب بحق هذا الشعب المطلوب منه أن يذهب كل أربع سنوات "صاغراً" لانتخاب من يمثله طائفياً، لا وطنياً. وبكل صلافة يتحول الكثير منهم إلى محللين اقتصاديين وخبراء في شؤون الطاقة الذرية، وأحيانا فقهاء في لباس المرأة ومكياجها.
التاريخ بالتأكيد لا يصنعه شخص واحد، وهذه الجملة أتمنى أن يتعلمها جميع الذين يقفون على منصات الخطابة هذه الأيام، يتحدثون عن النزاهة وبناء الدولة، وعن الفرص الضائعة، وكأن الناس هي التي ضيعت هذه الفرص، وهي التي تقاسمت المليارات التي نهبت في وضح النهار.
في كتاب "قصة موجزة عن المستقبل" يروي لنا المفكر الفرنسي "جاك اتالي"، ألذ حكايات السنين المقبلة، والمستقبل الذي ينتظر بلداناً مثل الصين والهند والبرازيل وكوريا الجنوبية، ولم ينس أن يضع معها سنغافورة وفيتنام. يقول أتالي: "هناك دول اختارت أن تحجز لها مكاناً في الصفوف الأولى من عربة المستقبل"… فيما نحن اخترنا أن نتحول إلى بلاد لـ"الممنوعات".
في كل الأحوال، وبرغم الحالة التي ينتهي فيها عام 2021 بكل مشاهده الدرامية ، ومعارك ابطال الفيلم العراقي ، أقول لكم: كل عام وأنتم على عتبة أيام أفضل لا تشاهدون فيها الكثير من الوجوة التي حولت حياة الناس الى مهازل .
جميع التعليقات 2
Anonymous
الله يسمع منك!
مهند البياتي
عاد الوعي لبعض العراقيين، الذين رفضوا اعطاء اصواتهم للحكيم والعبادي وعلاوي والعامري والخزعلي، نأمل ان يغير قسم من المستقلين النمط الطائفي الذي ساد برلماناتنا السابقة، والمسيرة تبدأ بخطوه واحده الى الامام