TOP

جريدة المدى > عام > مسألة الشكل وما يتعلق بها من توازنات بصرية في أعمال الفنان ديفيد تيشاوت

مسألة الشكل وما يتعلق بها من توازنات بصرية في أعمال الفنان ديفيد تيشاوت

نشر في: 2 يناير, 2022: 11:19 م

ضحى عبدالرؤوف المل

يُدرك الفنان الأمريكي"ديفيد تيشاوت" (David Teachout) القيم الفنية بفضول معرفي كبير، وبارتجال إدراكي ذي اتساع وعمق جمالي يتصف بتجريد تعبيري عفوي.

ورثه من رؤية حياتية تقترن بمسألة الشكل، وما يتعلق بها من توازنات بصرية ضمن أكثر الأشكال التجريدية ، القابلة للخضوع لمعايير جمالية تنسجم مع ما هو مثالي من الجاذبية الملفتة للنظر، في لوحات تتناسب فيها البصمات الفنية الخاضعة لنماذج يبتكرها. لتكون بمثابة اختبارات بصرية حساسة من حيث التناغم والتضاد، والهارمونية بين اركان اللوحة بكاملها ، بما في ذلك الانغماس العميق في التجاذبات اللونية ما بين البارد والحار او الاساسي والمركب. ليفتح جدلية تشكيلية بين تشوهات الشكل واكتماله ، وبمعالجات تتحاور معها النظريات التي يشحنها بهندسيات ذات متطلبات تحتاج لقوى اللون، ومغناطيسته او تجاذباته حيث تستمر الحركة بصريا، وكأنه يبحث عن الفراغات بين التكاثر او الكم والفراغ ، وبتبسيط بين لأحجام السابحة في فضاءات لوحة تهتم لتمثيل الامتيازات الجمالية، وضمن تسطيح الأشكال المندمجة مع اللون او المادة الضوئية التي تتغلغل وتتتحول الى غموض ذي عمق تصويري بعيداً عن التجريد المباشر او الإيحاء الخفي ذات الطبيعة التشكيلية المظللة بتعقيدات تعطي رؤية للون الذي يُشكل جسيمات تتمدد وتمتلك مساحات فنية . فهل الجسيمات الساكنة والمتحركة في لوحات الفنان” ديفيد تيشاوت “ هي نوع من الاحساس الفني التشكيلي بهندسيات الكون والبحث عن الاختلافات فيه ؟ أم أن تجربته التجريدية تشمل الكثير من الحداثة التي يطورها بما يخص المناظر الطبيعية وما تشكله ذراتها من توازنات حركية يحتويها كل شكل ؟

يقوم الفنان” ديفيد تيشاوت” بربط تقنياته بمفهوم الأوزان البصرية، وميزان الاحجام والأشكال، والقدرة على توضيح جماليات ذات متغيرات هي أنظمة قياسية تنتج عن التوازن المعتمد على الكم والفراغ، والمستقر والمتحرك، وبين التوازن الثابت والحركة المستقيمة ذات الصلة بالأنظمة الكونية المحيرة في وجودياتها، وضمن العديد من النظريات التي تبدأ من فوق لتحت أو من الفضاء الى الأرض، والمعتمد على نظريات الطيران والهبوط. وتغيرات الأشكال بينهما، فالشبكيات البصرية هي برمجيات بصرية تشكيلية يمكن تحديثها متى شاء، وضمن فكرة مسألة الشكل وتوازناته بين الجاذبية والسكون، وبين الحركة والمادة او الجماد او حتى خلق تناقضات على الأسطح. ليوحي بالعمق او ليجعل البصر يشعر بالعمق والثقل المادي، وبالتالي هو يحاول البحث عن فضاءات مختلفة على الأرض نفسها بحيث يجعلها مفتوحة على رؤى جمالية لا يشعر بها الا من استطاع خرق المخيلة او الخروج من المكان المادي الى الأثيري، وبأسلوب هندسي هو تجريد ملموس لطبيعة تعبيرية تضمن خلق العديد من الأشكال بواسطة الواقع الحقيقي لفيزئيات الألوان أو الطبيعة الوجودية المتكونة من المادة، والأخرى الأثيرية التي تتشكل ضمن الفراغات . فهل المقاييس الإبداعية في لوحاته هي معادلة بين البساطة والتعقيد او بين المستوى الابتكاري وقيمة الأشياء الحسية ؟

لا يمكن الا أن نتعمق بتجربة الفنان الأميركي” دايفيد تيشاوت” التجريدية، وبعمق بصري يؤدي الى مزيد من الإكتشافات ذات الإتجاهات الفنية المختلفة ، “فهذا الفنان الذي أنهى خدمته كطيار في الجيش الأميركي سنة 1950 والذي كانت أهم مهامه التدريبية إتقان إلقاء القنابل الذرية من الطائرات الحربية ,عاد الى وطنه الأم, تحديداً الى كارولاينا الشمالية ، وذلك لينهي دراسته التي نال فيها شهادة الباكالوريوس في هندسة المناظر الطبيعية، والتي إكتشف من خلالها حبه وإدراكه للشغف الفني النائم منذ أيام الطفولة. وإثر هذا الإكتشاف وخلال مزاولته مهنة التدريس قرر تيشاوت التخلي عن عمله ومهنته في هندسة الديكور للإنتقال الى مسقط رأسه في كاليفورنيا للتفرغ للفن والفن فقط. “ فلوحاته ناتجة عن عمليات فنية تشكيلية عقلانية رغم تأجيجه لعاطفة اللون . الا أنها تتصف بالإبداعية . اذ يتلاعب بحدود الشكل وتسلل الألوان، وبسمة هندسية في ابعادها التي تتطور تبعا للحركة ولفلسفته النابعة من أهمية الخط، والانفعالات المرتبطة به خصوصا العوامل الجمالية المتعلقة بواقع النظر إلى الأشياء عن بعد وفق تأملات خاصة تجعلنا نؤمن أن جمالية الخطوط تتضح من خلال الألوان ومعانيها، ضمن الطبقات الرقيقة والشفافة والأخرى المتناقضة مع السطوح والتوليف المتعدد النظريات من التجريد الهندسي وصولا الى التعبيري، وضمن ما هو مستقيم سابح في دائريات لمسها وتركها ضمن مفهوم لانهائي يميل الى التكاثر او اعادة الخلق او الأحرى التحديث او التجديد عند الكائنات كافة . الحاضرة والغائبة، وبالتالي هو يبحث عن معنى الحياة والموت من خلال ما يرسمه ويتركه ضمن نظريات الوجود الحركي لكل ما هو مادي ملموس او حسي اثيري. فهل يمكن تحدث نهج الفنان ديفيد تيشاوت من خلال المساحات المرتبطة بمفهوم الجاذبية على الأرض؟ أو أنه يفتح الوعي التشكيلي نحو مسألة نظرية الكم والفراغ بين الألوان والاشكال والشعور باليقظة عند الموت؟ وهو من رقي نسبي بين الدقة التقاط الاحساس بالاشياء وبين ترجمتها تشكيليا على ارض اللوحة ؟

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الأنواء الجوية: ارتفاع في درجات الحرارة الاسبوع الحالي

الكويت تنفي تدهور الحالة الصحية لسلمان الخالدي الذي تسلمته من العراق

ترامب: نريد 50% من ملكية تطبيق تيك توك

القوانين الجدلية على جدول أعمال البرلمان يوم غد الثلاثاء

هل أخطأ البرلمان بعدم حل نفسه مبكراً؟

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

هاتف الجنابي: لا أميل إلى النصوص الطلسمية والمنمقة المصطنعة الفارغة

كوجيتو مساءلة الطغاة

علم القصة: الذكاء السردي

موسيقى الاحد: 14 رسالة عن الموسيقى العربية

تصورات مغلوطة في علم السرد غير الطبيعي

مقالات ذات صلة

السماء ليست حدودًا: قصة هوارد هيوز وجان هارلو
عام

السماء ليست حدودًا: قصة هوارد هيوز وجان هارلو

علي بدرفي مدينة تتلألأ أنوارها كما لو أنها ترفض النوم، وفي زمن حيث كانت النجومية فيها تعني الخلود، ولدت واحدة من أغرب وأعنف قصص الحب التي عرفتها هوليوود. هناك، في المكاتب الفاخرة واستوديوهات السينما...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram