فاطمة جهاد
نظمت في اوائل كانون الأول/ديسمبر ٢٠٢١، شبكة صحفيون من أجل صحافة استقصائية عربية (اريج) ملتقاها السنوي الرابع عشر، في عمان الأردن، تحت عنوان الإعلام والمساءلة في عالم مضطرب. كان الملتقى فاعلا بشكل كبير على صعيد الصحافة والاعلام حيث حضر أكثر من ٢٠٠ صحفي وصحفية،
وشارك آلاف الصحفيين في فعاليات افتراضية عبر منصات الانترنيت. نوقشت على مدار ثلاثة أيام التحديات التي تواجه الإعلام والصحافة في العالم العربي والمنطقة، من ضمنها المسألة المناخية وشحة المياه وآثارهما على المجتمعات العربية على جانب كبير من فعاليات الملتقي. وفي واحدة من الجلسات تمت مناقشة موضوع التغير المناخي والنزاعات مع الصحافة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. أقامت الجلسة منظمة صحافة بلا حدود الهولندية والوكالة الفرنسية لتطوير الاعلام، وشارك فيها الصحفي المتخصص في شؤون البيئة وتغير المناخ، خالد سليمان من العراق، الصحفية المختصة، ايمان الفارس من الاردن، المهندس وزميل تشاثام هاوس ومؤسس مبادرة كاربون، كريم الجندي من مصر، والباحثة في شؤون الماء، فاطمة جهاد من العراق، وادارة الجلسة كانت لمقدمة البرامج من قناة فرنسا-٢٤ تاتيانا مسعد من لبنان.
خاض المشاركون والمشاركات والحضور في الجلسة مناقشات مطولة عن الآثار الناتجة عن تغير المناخ وشح المياه وعلاقتهما بالصراعات الداخلية والخارجية، تحديداً في البلدان العربية الواقعة في مصب الأنهار الدولية. وجاء ملتقى أريج بعد قمة المناخ العالميةCOP26) ) التي عقدت في مدينة غلاسكو بالمملكة المتحدة بداية شهر تشرين الثاني/نوفمبر (تشرين الثاني ٢٠٢١) لمواجهة تغير المناخ والمخاوف من توسع وازدياد آثاره على المجتمعات والأنظمة البيئية. وافضت مخرجات الجلسة الى عدة مؤشرات منها ان ازدياد الظواهر المناخية العنيفة جراء الاحتباس الحراري، أصبح واقعاً نعيش تأثيراته وتفاصيله الكبيرة بشتى بلدان العالم، فما يحصل من سيول وفيضانات في البرازيل الآن واسبانيا في الأشهر الماضية، وفي مدينة أربيل في اقليم كردستان العراق مؤخرا على وجه الخصوص، ليس إلا أحد أوجه الأزمات المتعاقبة الناتجة عن الاحتباس الحراري حيث تتنوع آثاره بين الجفاف والفيضانات والعواصف والتغير في الفصول المطرية، نزولاً إلى ذوبان الأنهار الجليدية في القطبين الشمالي والجنوبي. من شأن كل ذلك الحاق الكثير من الأضرار بالأرواح والاقتصاد والزراعة والصحة العامة كما حصل مؤخرا في مدينة اربيل اذ أدت الفيضانات الى مقتل ١١ شخصاً بينهم رضيع جرفته السيول تم العثور على جثته بعد أيام في مكان بعيد عن منزل والديه. وتُقّدر الأضرار الاقتصادية التي لحقت بالمواطنين وأملاكهم بأكثر من ٢٠ مليار دينار عراقي.
وسبقت هذه الفيضانات نشوب حرائق واسعة خلال فصل الصيف الماضي بجنوب حوض البحر المتوسط مثل لبنان، تركيا، الجزائر وبلدان أخرى في العالم. والحقت تلك الحرائق أضرارا جسيمة بالغابات الطبيعية في تلك الدول، وقبل ذلك في غابات الأمازون "رئة العالم"، وكذلك حرائق أستراليا التي لم يوقفها المطر، يضاف إلى كل هذا، ارتفاع درجات الحرارة كما حدث في غربي كندا حيث وصلت درجات الحرارة الى ٤٦,٩ خلال صيف ٢٠٢١ ما أدى الى وفاة عدد من مواطني تلك البلاد.
كل هذا ونحن لا نعلم بعد ما تعقب تغير المناخ من كوارث بيئية أخرى، وكما يقول المثل العراقي "الحبل على الجرار". وتُعد أزمة المياه من أبرز المشكلات الناتجة عن تغير المناخ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، اذ نلاحظ آثارها على سائر بلدان المنطقة مثل دول الخليج والعراق، سوريا، الاردن ومصر وبلدان المغرب. وقد أدى شح المياه الى حدوث نزاعات محلية وإقليمية دون إيجاد حلول لها. وعلى سبيل المثال الدول الواقعة على منابع نهري دجلة والفرات الدوليين "تركيا وإيران"، لا تأخذ مصالح العراق المائية في الحسبان وتستغل المياه وفق مصالحها فقط.
إن هذه الازمات تتطلب وبشكل عاجل مبادرات دولية وإقليمية من شأنها انشاء شراكة مياه مستدامة بدل الصراعات، ويمكن للصحافة والمنظمات الحكومية وغير الحكومية لعب دور مهم بغية ايجاد الحلول الناجعة لتلافي الأزمات القادمة. كلنا امل بانتظار قمم المناخ العالمية القادمةCOP27) ) في شرم الشيخ بمصر، والإمارات العربية COP28))، إذ نحن مطالبون بالمزيد من العمل لمواجهة تغير المناخ وآثاره على المجتمعات وموارد عيشها، وكلنا امل في الوصول الى بر الامان.
جميع التعليقات 1
Anonymous
الى متى نبقى نحاول معالجة الاعراض وننسى اونتناسى جذور المشكلة ... عفوًا جذور المشكلة لا احد يستطيع وضع حد لها (المجتمع الاستهلاكي غير المسؤول واقع حال) من المسؤول ؟؟