TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: استقالة وزير الداخلية

العمود الثامن: استقالة وزير الداخلية

نشر في: 3 يناير, 2022: 11:16 م

 علي حسين

رأيت فيما يرى النائم أن وزير الداخلية عثمان الغانمي قدم استقالته بعد مشاهدته بالعين المجردة لضحايا جريمة "جبلة"، وتستمر الأحلام التي تقول إن مجلس الوزراء قرر الاستغناء عن خدمات جميع الضباط "الدمج" الذين عينتهم الأحزاب وتسلموا مناصب أمنية كبيرة.

سيقول البعض، يارجل ماذا تريد؟، لقد تم اعتقال الجهة التي ارتكبت الجريمة، وأصدر القضاء بياناً صارماً، وقادة الأجهزة الأمنية جميعهم يستنكرون ما جرى، ولكن ياسادة دعوني أسأل: هل تكفي بيانات الاستنكار؟، ماذا عن مسؤولية وزارة الداخلية التي سمحت لضابط برتبة نقيب أن يستخدم أسلحة ثقيلة في خلاف عائلي؟، كيف استطاع ضابط برتبة بسيطة أن يحرك القوات الأمنية؟، وكيف تجولت هذه القوات بحرية؟

قبل أسابيع كنت أعيد قراءة كتاب الدكتور مصطفى حجازي "الإنسان المهدور" وفيه يخبرنا المؤلف أن هذا النوع من البشر يعيش تحت ضغط القهر والاستبداد.. وهو إنسان لا يُعترف بطاقاته ولا كفاءته.. وليس من حقه أن يقرر مصيره.. لا تعترف السلطة أصلا بوجوده.. تقتله، تعذبه، تسجنه.. تزور إرادته.. تلغي وجوده لا يهم.. فماذا يعني أن تقتل إنساناً من قبل قوات "أمنية"؟.. هذا أمر طبيعي في بلد لا تهتزضمائر مسؤوليه لمقتل 800 شاب في تظاهرات تشرين.

أيها القارئ العزيز، أنا وأنت مواطنان في بلد يستقوي عليه ساسته وإخوانهم ورفاقهم، ، وأنا كمواطن لا أملك سوى هذه المساحة الصغيرة أبث من خلالها شجوني، أمنّي النفس بمسؤول من المؤمنين على شاكلة وزير الصحة الأردني الذي تقدم باستقالته قبل اشهر بعد وفاة ستة أشخاص في مستشفى بسبب انقطاع الأوكسجين لمدة ساعة. وربما كنا نضحك على بعضنا حين نتوهم أن الوزير عثمان الغانمي سيقدم استقالته بعد أن أكلت نيران القوات الامنية " 20 " مواطنا جريمتهم الوحيدة أنهم اختلفوا مع السيد النقيب .

ربما يسخر البعض من وزير قدم استقالته لمجرد موت 7 أشخاص في الوقت الذي خاض فيه زعماؤنا "الملهمون" حروبهم الطائفية من كلّ نوع ولون، وفي كلّ اتجاه، ، احتلوا المؤسسات الحكوميّة، أبادوا مدنيّة الدولة، طاردوا الكفاءات، وضعونا على سلّم البؤس، أدخلونا موسوعة غينيس في عدد الشهداء والمهجّرين. وبعد كل موجة خراب نجدهم يجلسون ويتضاحكون ويقررون التقاط صورة فوتوغرافية، لكي يطمئن الشعب أنْ لاسبيل أمامه سوى الإذعان لصوت "الزعماء الملهمين" .

ايها القارئ العزيز ، فنحن في كلّ مرة نتجرّع الحقيقة بمذاقها المرّ، وهي أنه لا شيء مهمّ في هذه البلاد سوى سلامة كراسي المسؤولين .

لو سألتَ أيَّ مواطن عراقي عن موقف استقالة وزير لمجرد وفاة سبعة مرضى بالكورونا ، فقد يموت قهراً أو ضحكاً! لأنه لا يستطيع أن يقول لاصغر مدير دائرة ، يسرق وينهب ، قدم استقالتك.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram