TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > مسرح الرشيد صفعة أخرى لمثقفينا

مسرح الرشيد صفعة أخرى لمثقفينا

نشر في: 25 يناير, 2022: 11:10 م

 علاء المفرجي

ليس مسرح الرشيد حسب، المهدد بالازالة، هو وشواغله، فمن اجل (العيون) علينا ايضا ان نطمر شارع الرشيد بل ونهيل عليه التراب، وأن لانكتفي بجعله مكباً للنفايات كما هو الان، بل ننساه، وهو الذي لو كان بيد متحضرة لجعلت منه شاخص المدينة الاول،

بالحداث السياسية والثقافية فيه، بل والاماكن، والأزقة الخالدة فيه، هو (الشارع الضيق)كما وصفه جبرا ابراهيم جبرا، لكن ضيقه ينفتح على عوالم مدهشة . ونحيل كذلك مدينة المنصور الى أنقاض، وطبعا لاننسى التمثال في جانبها الغربي، الذي اتعب اللصوص والمحتجين على وجوده.. وتعالوا نشطب من ذاكرتنا قصيدة (بغداد يا قلعة الاسود)، التي خطها الشاعر محمود حسن اسماعيل، وترنمت بها أم كلثوم، أو أن نغير أسم مدينتنا بأي اسم أخر ، دار السلام مثلا، وإن كان أسم السلام يثير غضب البعض من هؤلاء!!.

تعالوا إذن ننسى مدينة اسمها بغداد، وننسى ما قاله حسنها الذي لم يكن في حساب نزار قباني ، أو كما راى احمد رامي "عبث الدهر في بساتينها الغناء".. ننسى نهوضها العنقائي، من قلب المأسات والكوارث التي مرت بها، ننسى خطوط خارطتها المقدسة، ننسى مؤسسها وبانيها.. لاننا ببساطة عرضة لفرمان اداري، من شاكلة الفرمان الذي أصدرته وزارة الاسكان.. لنشطب على كل تاريخنا، كدت كل أقول وجودنا، وطبعا كل ذلك من أجل (العيون).

مسرح الرشيد لم يكن مسرحا للعروض المسرحية حسب، كان هذا المسرح يوما ما، وقبل ان تناله القنابل الذكية الامريكية، ملتقى للمثقفين بكل إهتماماتهم، كات تعقد فيه اللقاءات الثقافية، والاتفاقات بين المثقفين، بل وتبادل المطبوعات سرا فيه، هو ايضا لقاء شباب المسرح والسينما.. كان فيه: يوسف العاني، واحمد فياض المفرجي، وطارق عبد الكريم، وحسب الله يحيى، وسعدون العبيدي، وحعفر السعدي، وبدري حسون فريد، وعبد الخالق المختار، وفيصل الياسري، ومحمد شكري جميل.. واخرون، تذكرهم يتطلب الكثير من المحبة.

مسرح الرشيد، شاهدنا فيه (ملك زمانه) و(الذي ظل في هذيانه يقظا)، و(مارا صاد)، و(الجنة تفتح ابوابها) و(لو) و(الف رحلة ورحلة).. وغيرها.. كانت دروسا لنا نحن الذي كنا في رحابها ننهل من المعرفة..

لم يكن مسرحا حسب.. كان جزءا حميما من ذكرياتنا، وأحلامنا.. وذكرى صداقات حفرت في أعمارنا ذكرى طيبة..

هكذا إذا، صار المثقفون وكل ما يمت لهم بصلة، هدفا سهل المنال، لفرمانات المسؤولين، فهم لم يتحسسوا مسدساتهم عند ذكرهم حسب، بل اصبحوا يتفنون في صنع أساليب كثيرة وملتوية في إذلالهم، فبالأمس (عطاء) وزارتهم المذل لهم، واليوم مهلة اسبوعين لمحو ذاكرتهم المتمثلة بأحد امكنتهم، مسرح الرشيد..

اتساءل هل سيبقى مثقفونا ينتظرون الصفعات، دون بادرة رد، على الأقل في وقفة إحتجاج.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

"دبلوماسية المناخ" ومسؤوليات العراق الدولية

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram