TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > نافـذة من موسـكو..حول خلفيات تنامي نشاط أنصار داعش في سوريا والعراق

نافـذة من موسـكو..حول خلفيات تنامي نشاط أنصار داعش في سوريا والعراق

نشر في: 6 فبراير, 2022: 11:21 م

 د. فالح الحمـراني

يشاطر التقرير الذي نشره معهد الشرق الأوسط في موسكو، آراء منظمات دولية بأهمية إعادة نظر السلطات العراقية والسورية في مسالة رد الاعتبار للمقاتلين السابقين الذي انفصلوا عن داعش الإرهابية وأعلنوا توبتهم،

وأولئك الذي أمضوا فترات حكمهم، ويعربون عن الرغبة بالعودة إلى مناطقهم والالتحاق بعوائلهم للعيش كمواطنين بسلام. وان يجري العمل رسميا على دمجهم في المجتمع وتوفير الفرص لهم، وبخلافه فان داعش ستستغل أوضاعهم الصعبة وتجندهم من جديد لأعمالها الإرهابية الشريرة. ويبقى الموضوع بطبيعة الحال حساس، ويتطلب عملا مهنيا ودؤوبا من مؤسسات الدولة المختصة، لفرز أصحاب النوايا الحسنة، الذين استيقظت ضمائرهم، من اولئك الذين يتعطشون لمواصل سفك الدماء وممارسة اللصوصية والجرائم البشعة، أولئك الذين « ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى ابصارهم ولهم عذاب عظيم».

لقد أثار الهجوم على سجن في مدينة الحسكة السورية*، والتمرد الذي أعقبه، ومحاولة هروب المئات من مقاتلي داعش، قلق الخبراء في المنطقة، خاصة في سوريا والعراق. تذكرنا تفاصيل الهجوم وتكتيكات العمليات بحوادث سابقة مماثلة وقعت في العراق خلال هجوم تنظيم داعش على السجون العراقية عام 2014 ، والذي أعقبه إطلاق سراح آلاف التكفيريين المتورطين بالإرهاب وتوسيع قدرة تنظيم داعش. والسيطرة على مدن شمال وغرب العراق. شن أنصار داعش في عشية 20 كانون الثاني 2022، ما يعتبر أكبر هجوم منذ الإعلان الرسمي عن الانتصار على التنظيم. وكان هدف الهجوم سجنا واقع جنوب مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا. وهذه هي المرة الأولى التي تتعرض فيها السجون التي يحتجز فيها مقاتلو داعش للهجوم من الخارج، نظرا لان الازمات السابقة اقتصر حالات التمرد والعصيان على داخل أماكن الاحتجاز. بين عامي 2020 و2021، تم الإبلاغ عن 11 حالة من هذا القبيل. وتذكرنا أحداث الهجوم الأخير بالهجوم الذي نُفِّذ على سجون عراقية كان يُحتجز فيها مقاتلو تنظيم داعش في صيف 2014.

وتقدر التقارير الرسمية الصادرة عن منظمات ووكالات أممية عدد مقاتلي داعش النشطين حالياً في سوريا والعراق بحوالي 10.000 شخص، بينما تزعم قوات سوريا الديمقراطية أن في السجون الخاضعة لسيطرتها في مناطق نفوذها، يوجد حوالي 12000 شخصا تقريبا من 50 جنسية. في غضون ذلك، لا تزال عائلات مقاتلي داعش تعيش بالمنطقة في مخيمات مكتظة، وأكبرها مخيم الهول في شمال شرق سوريا، بالقرب من الحدود مع العراق. وبين الحين والآخر، يهرب أفراد العائلات الجهادية من هناك ويذهبون إلى العراق عبر الحدود المليئة بالثغرات. في هذا السياق، يحذر خبراء دوليون من أن هذه المعسكرات كانت لفترة طويلة أرضاً خصبة لنمو التطرف. أطلقت تصريحات قادة التنظيم الإرهابي تصريحات في عام 2019 ما وصفوتها بخطة “الخلافة الثانية” ، أي مرحلة العمل، على نمط “كر وفر” باستخدام مناطق صحراوية نائية تمتد بين سوريا والعراق من أجل الانسحاب، وحتى جبال حمرين شمال شرقي العراق. وبالتوازي مع الأحداث الأخيرة في الحسكة، هاجم أنصار داعش فجر 21 كانون الثاني مقر الجيش العراقي في منطقة العظيم بمحافظة ديالى، وأسفر الهجوم عن مقتل 11 جندياً، أحدهم ملازم أول. وأشارت السلطات العراقية إلى أن مقاتلي داعش استغلوا “التضاريس الوعرة ودرجات الحرارة المنخفضة لشن هجوم ثم تراجعوا إلى محافظة صلاح الدين”. وهذا في الواقع يعني التنسيق بين الخلايا السورية والعراقية لتنظيم داعش. والقواعد الخلفية لهم هي معسكرات اعتقال، حيث تعيش نساء وأطفال مقاتلي داعش، والتي أصبحت في الواقع أرضاً خصبة للجيل الثاني من الإرهابيين، لأن حكومتي العراق وسوريا والإدارة الذاتية في المنطقة الكردية في سوريا. لم يعملوا بشكل صحيح في البحث عن حلول ناجعة لهذه المشكلة. نعم، لا يمكنهم فعل أي شيء هناك، بالنظر إلى أن العديد من الأطراف الدولية قد تجاهلت عمدا هذا الملف، وتركت هذه القضية لتقدير بعض الإدارات المحلية والعسكرية والقبلية لإنفاذ القانون التي لا تملك الموارد المالية ولا لديها رغبة كبيرة للقيام بعمل ما. وتسلط التقارير الواردة من “هيومن رايتس ووتش” الضوء على جزء من المشكلة، حيث جاء في تقرير صدر في أواخر عام 2021 أن “العشرات من العرب السنة الذين قضوا أحكاما بالسجن أو تمت تبرئتهم في إقليم كردستان العراق بسبب علاقاتهم مع داعش معرضون لخطر إعادة اعتقالهم. “أو يتعرضون لأعمال انتقامية إذا حاولوا لم شمل عائلاتهم في المناطق التي تسيطر عليها بغداد”. كان بعض الرجال صبية لا تتجاوز أعمارهم 14 عامًا عندما اعتقلتهم قوات الأمن الكردية. هؤلاء الرجال عالقون الآن في معسكر شمال العراق، بعد إطلاق سراحهم من السجن بين عامي 2018 و 2020. ولا تسمح لهم قوات الأمن بمغادرة المخيم للعيش في مكان آخر في إقليم كردستان وهم يخشون على حياتهم إذا عادوا إلى ديارهم “. على نطاق أوسع، وكانت العادات القبلية التي انتشرت على نطاق واسع في مناطق النزاع التي تحررت من سيطرة التنظيم الإرهابي، حيث اضطهدت عائلات مقاتلي داعش من قبل القبائل التي طالبتهم بمغادرة قراهم، وكانت منازلهم مقفرة. وجرفت أراضيهم الزراعية بالجرافات لمنعهم من العودة. وأصبح من الصعب تحقيق مصالحة عامة بين العائلات التي أصبحت تعرف بعائلات أنصار داعش وأهالي ضحايا التنظيم الإرهابي الذين يطالبون بالانتقام لمقتل أقاربهم ولا يريدون التنازل عن حقوقهم والتعايش مرة أخرى مع عائلات القتلة.

وعلى الرغم من قتامة الوضع الحرج الذي لا تزال مناطق النزاع تجد نفسها فيه، فقد ظهرت بعض المبادرات المشجعة هنا وهناك، على سبيل المثال، ما فعله الشيخ أحمد المهيري عندما خاطب وسائل الإعلام قائلاً: “الكلام عما حدث يتطلب شجاعة لأنه يؤلم كثيراً، لكن يجب أن نغفر ولا ندع الغضب يؤثر على حياتنا”. ا تعرض أحمد المهيري لمأساة شخصية كبيرة حيث قتل أنصار داعش والده وأعمامه الأربعة ودمروا منازلهم وألحقوا أضرارا بأراضيهم في مدينة الحويجة بمحافظة كركوك شمال العاصمة بغداد. وعلى الرغم من ذلك، استقبل الشيخ الشاب عائلات مقاتلي داعش في قريته، حتى أنه فتح لهم دار ضيافة بعد ترميمه لاستيعاب أرامل وأطفال مقاتلي داعش. لكن هذه الحلول الفردية والمؤقتة لا تقدم حلاً شاملاً للمشكلة، مما يعني أن حوادث مثل اقتحام سجن حسك ستستمر على المدى المتوسط.

اعتمدت المادة على مواد نشرها معهد الشرق الأوسط في موسكو

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram