علي حسين
قبل فترة قرأت خبراً مثيراً حدث في البيرو، وهي بلاد عرفناها نحن الشغوفين بالكتب من خلال روايات مواطنها الشهير ماريو فارغاس يوسا، فقد اكتشفت وسائل الإعلام أن هناك مجرماً يعيش بينهم لا يمكن طلب الغفران له وعليه أن يقدم اعتذاره للشعب علناً، وقبل الاعتذار يقدم استقالته من منصبه لأن بقاءه يسيء لسمعة البلاد.
المجرم هو رئيس الوزراء وجريمته في عرفنا العراقي "مضحكة" فهناك شكاوى ضده تزعم أنه مارس العنف في أسرته، وهو متهم بضرب زوجته وابنته. أتمنى على جنابك الكريم أن لا تضحك من سذاجتي، فهل يعقل أن يقدم رئيس وزراء استقالته لأنه ضرب زوجته؟، ونحن نعيش في بلاد الرافدين ارتفعت فيها، بفضل حنكة سياسيينا نسبة العنف ضد النساء، فيما البرلمان "المؤمن" ظل يماطل في إقرار قانون العنف ضد المرأة، فالقانون حسب ما أخبرنا النائب السابق عمار طعمة يريد أن يخرب مجتماعتنا المسلمة.. ولم يخبرنا السيد عمار طعمة عن انتشار المخدرات وقذائف العشائر التي تريد الازدهار لهذه البلاد.
لو سألت أي مواطن عراقي عن موقف رئيس وزراء البيرو، فقد يموت من الضحك، فهل يعقل أن تتسبب "امرأة" باستقالة أحد "تيجان الرؤوس"؟ أما لو سألت أي مسؤول عراقي عن رأيه لسارع على الفور باتهام رئيس وزراء البيرو بأنه إما ساذج أو مجنون.
منذ سنوات ومدن العراق تعاني من سيطرة محافظين فاشلين، ولائهم لكتلهم السياسية وليس للمواطن، والأوامر تأتيهم من رؤساء الأحزاب، فلا مكان للحكومة في قواميسهم، حولوا المحافظات إلى مقاطعات تتقاسمها أحزاب السلطة، ولهذا غير مسموح زحزحة المحافظ عن كرسيه حتى تحولت المحافظة إلى وكر للعصابات، وسيطرت عليها العشائر بقذائفها.ولعل محافظة ميسان نموذح بسيط حيث قررت العصابات الخارجة على القانون ان تعبث بأمن الناس، وفي كل مرة يخرج علينا السيد المحافظ علي دواي معلنا ان القانون سيتم فرضه على الجميع، وفي كل مرة نكتشف أن كلمة الجميع لا تشمل العشائر التي قررت أن تستخدم الصواريخ، وغير مسموح الاقتراب من تجارالمخدرات الذين يفرضون قانونهم الخاص، فلا مكان لقاضٍ يريد أن يقلّب دفاتر هذه التجارة.. هل هناك شيء آخر؟ نعم، وضعت وزارة التخطيط في تقريرها الأخير عن نسبة الفقر في العراق، محافظة ميسان في مقدمة المحافظات الرائدة في هذا الانجاز وبامتياز .. وأنا اقرأ ما يجري في محافظة ميسان كنت أتوقع أن يخرج السيد المحافظ إلى أهالي المدينة يعتذر وذلك أضعف الإيمان، أما الاستقالة فأعتقد أن مثل هذه الأخبار مجرد فبركة إعلامية من قبل "بعض الأطراف المعادية"، فالمحافظ سيستمر في ارتداء بدلة العمل فيما نسبة البطالة بلغت بين الشباب أرقاما قياسية.