TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: بدلة المحافظ

العمود الثامن: بدلة المحافظ

نشر في: 8 فبراير, 2022: 12:15 ص

 علي حسين

قبل فترة قرأت خبراً مثيراً حدث في البيرو، وهي بلاد عرفناها نحن الشغوفين بالكتب من خلال روايات مواطنها الشهير ماريو فارغاس يوسا، فقد اكتشفت وسائل الإعلام أن هناك مجرماً يعيش بينهم لا يمكن طلب الغفران له وعليه أن يقدم اعتذاره للشعب علناً، وقبل الاعتذار يقدم استقالته من منصبه لأن بقاءه يسيء لسمعة البلاد.

المجرم هو رئيس الوزراء وجريمته في عرفنا العراقي "مضحكة" فهناك شكاوى ضده تزعم أنه مارس العنف في أسرته، وهو متهم بضرب زوجته وابنته. أتمنى على جنابك الكريم أن لا تضحك من سذاجتي، فهل يعقل أن يقدم رئيس وزراء استقالته لأنه ضرب زوجته؟، ونحن نعيش في بلاد الرافدين ارتفعت فيها، بفضل حنكة سياسيينا نسبة العنف ضد النساء، فيما البرلمان "المؤمن" ظل يماطل في إقرار قانون العنف ضد المرأة، فالقانون حسب ما أخبرنا النائب السابق عمار طعمة يريد أن يخرب مجتماعتنا المسلمة.. ولم يخبرنا السيد عمار طعمة عن انتشار المخدرات وقذائف العشائر التي تريد الازدهار لهذه البلاد.

لو سألت أي مواطن عراقي عن موقف رئيس وزراء البيرو، فقد يموت من الضحك، فهل يعقل أن تتسبب "امرأة" باستقالة أحد "تيجان الرؤوس"؟ أما لو سألت أي مسؤول عراقي عن رأيه لسارع على الفور باتهام رئيس وزراء البيرو بأنه إما ساذج أو مجنون.

منذ سنوات ومدن العراق تعاني من سيطرة محافظين فاشلين، ولائهم لكتلهم السياسية وليس للمواطن، والأوامر تأتيهم من رؤساء الأحزاب، فلا مكان للحكومة في قواميسهم، حولوا المحافظات إلى مقاطعات تتقاسمها أحزاب السلطة، ولهذا غير مسموح زحزحة المحافظ عن كرسيه حتى تحولت المحافظة إلى وكر للعصابات، وسيطرت عليها العشائر بقذائفها.ولعل محافظة ميسان نموذح بسيط حيث قررت العصابات الخارجة على القانون ان تعبث بأمن الناس، وفي كل مرة يخرج علينا السيد المحافظ علي دواي معلنا ان القانون سيتم فرضه على الجميع، وفي كل مرة نكتشف أن كلمة الجميع لا تشمل العشائر التي قررت أن تستخدم الصواريخ، وغير مسموح الاقتراب من تجارالمخدرات الذين يفرضون قانونهم الخاص، فلا مكان لقاضٍ يريد أن يقلّب دفاتر هذه التجارة.. هل هناك شيء آخر؟ نعم، وضعت وزارة التخطيط في تقريرها الأخير عن نسبة الفقر في العراق، محافظة ميسان في مقدمة المحافظات الرائدة في هذا الانجاز وبامتياز .. وأنا اقرأ ما يجري في محافظة ميسان كنت أتوقع أن يخرج السيد المحافظ إلى أهالي المدينة يعتذر وذلك أضعف الإيمان، أما الاستقالة فأعتقد أن مثل هذه الأخبار مجرد فبركة إعلامية من قبل "بعض الأطراف المعادية"، فالمحافظ سيستمر في ارتداء بدلة العمل فيما نسبة البطالة بلغت بين الشباب أرقاما قياسية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العراق إلى أين ؟؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

 علي حسين كان العراقي عصمت كتاني وهو يقف وسط قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، يشعرك بأنك ترى شيئا من تاريخ وخصائص العراق.. كان رجل الآفاق في الدبلوماسية وفي السياسة، حارساً لمصالح البلاد، وحين...
علي حسين

قناطر: بغداد؛ اشراقةُ كلِّ دجلةٍ وشمس

طالب عبد العزيز ما الذي نريده في بغداد؟ وما الذي نكرهه فيها؟ نحن القادمين اليها من الجنوب، لا نشبه أهلها إنما نشبه العرب المغرمين بها، لأنَّ بغداد لا تُكره، إذْ كلُّ ما فيها جميل...
طالب عبد العزيز

صوت العراق الخافت… أزمة دبلوماسية أم أزمة دولة؟

حسن الجنابي حصل انحسار وضعف في مؤسسات الدولة العراقية منذ التسعينات. وانكمشت مكانة العراق الدولية وتراجعت قدراته الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وانتهى الأمر بالاحتلال العسكري. اندفعت دول الإقليم لملء الفراغ في كواليس السياسة الدولية في...
حسن الجنابي

إدارة الاقتصاد العراقي: الحاجة الملحة لحكومة اقتصادية متخصصة

د. سهام يوسف بعد مصادقة المحكمة الأتحادية على نتائج الانتخابات الأخيرة، يقف العراق على أعتاب تشكيل حكومة جديدة. هذه الحكومة ستكون اختبارًا حقيقيًا لإصلاح الاقتصاد العراقي المتعثر، حيث تتوقف عليه قدرة البلاد على مواجهة...
سهام يوسف علي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram