علي حسين
لا يزال أحد أشهر فلاسفة العالم، لا نعرف كم كتاباً كُتب عنه، الرجل الذي أشعل معظم ثورات القرن العشرين، والذي لا تزال مؤلفاته تباع كأنها صدرت بالأمس، إلى أي مدى كان كارل ماركس فقيرا؟، نعرف جيداً أن بداياته كانت صعبة، حيث كان يعيش لأيام هو وزوجته وأبناؤه على أكل الخبز والبطاطا، في الغرفتين اللتين تشكلان المأوى الوحيد لهم، ومرة كتب لصديقة المقرب إنجلز بأنه لا يستطيع الخروج من البيت، حيث أنه "وبكل فرح" رهن معطفه ليسدد بعض الديون.
في مرات كثيرة اععود لكتاب المفكر الفرنسي جاك أتالي "ماركس إرادة العالم" ، حيث نراه يسعى لرد الاعتبار للألماني الذي مات معدماً، في هذا الكتاب يقرر مستشار الرئيس الفرنسي الراحل فرنسوا ميتيران الخوض في عالم الاشتراكية والدفاع عن حقوق ، وفي صفحات كثيرة من الكتاب يدور الحديث عن كتاب ماركس الشهير "رأس المال" وما يتعلق بهذا الكتاب من أحداث ومفارقات، وكيفية كتابته، تلك الكتابة التي سلبت الرجل جل حياته، ولم يشهد إلا طباعة المجلد الأول بعد عقدين من البحث والكتابة ووعود النشر، ثم نشر رفيقه إنجلز الأجزاء الثلاثة الأخرى.
أتذكر أنني كنت متلهفاً لقراءة كتاب رأس المال وحين حصلت على نسخة منه بترجمة السوري أنطوان حمصي لم أستطع قراءة الجزء الأول وحاولت أن أجد ضالتي في كتاب الفيلسوف البنيوي لوي ألتوسير" قراءة رأس المال" فوجدته، يقول "إن القراءة الحقيقية التي يمكنها أن تكشف عن رأس المال هي القراءة الفلسفية، فقد قُرِئ الكتاب من قبل علماء الاقتصاد والمؤرخين، ولكنه لم يُقرأ من قبل فلاسفة، يكشفون عن جوهره الحقيقي" وبما أنني لست من الفلاسفة فقد تصورت ان القراءة الجديدة لكتاب رأس المال التي قامت بها السيدة سهى النجار رئيسة هيئة الاستثمار وهي الهيئة التي اعادت اعمار العراق ونفذت المشاريع العملاقة في السكن والطرق والمستشفيات والمدارس حتى ان المواطن العراقي اصيب بالضجر وهو يقرأ كل يوم عن انجاز جديدة لهيئة الاستثمار عفوا اقصد " هيئة المولات " ، فالسيدة النجار وبلفتة فلسفية اكتشفت ان مشاكلنا تتلخص في الاشتراكية التي يجب ان تُطرد من ارض الرافدين .. لان هذه الملعونة واقصد " الاشتراكية " سرقت مئات المليارات ووزعتها على العراقيين ، بدلا من ان تستثمر بعدد جديد من "المولات".
لا أريد أن أدخل في جدل مع الفيلسوفة رئيسة هيئة الاستثمار ، حول موضوعات تخصّصَ بها المفكرون من أمثالها، لكن أريد أن أسأل سؤالا: هل تعتقد أن المواطن العراقي بلا ذاكرة ، وأن ما جرى من خراب خلال السنوات الماضية سببه المرحوم كارل ماركس واشتراكيته ، وان الساسة الذين تولوا زمام الامور حاولو ان يبنوا لنا مدن للمستقبل ، لكن ماذا نفعل وماركس يتأمر علينا !!.
جميع التعليقات 1
محمد حميد مجيد
رائع. نقدك اللاذع وتفكيك ما يحصل وما يقال يبدد أدخنة التضليل.