ذي قار / حسين العامل
كشفت مديرية تربية ذي قار يوم أمس، عن برنامج لمعالجة تسرب الطلبة من مقاعد الدراسة، وفيما اشارت الى تطبيق مفردات البرنامج على 22 مدرسة في مناطق متفرقة من المحافظة، عزا مكتب مفوضية حقوق الانسان اسباب التسرب الى عوامل اقتصادية وادارية وتهميش دروس التربية الرياضية والفنية وتحول المدارس الى بيئة طاردة.
ويقدر مكتب مفوضية حقوق الانسان في ذي قار ومنظمات مجتمعية معدلات تسرب التلاميذ والطلبة من مقاعد الدراسة في ذي قار بنسب تتراوح ما بين 5 الى 10 بالمئة فيما تشير مصادر رسمية الى نسبة 2 بالمئة.
وعن خطة مديرية تربية ذي قار للحد من ارتفاع معدلات التسرب يقول مدير قسم تربية الناصرية عماد الابراهيمي لـ(المدى) انه "تم تشكيل لجنة وزارية بالتعاون مع منظمة برتش كانسل البريطانية لتبني برنامج لمعالجة الحد من التسرب ورفع معدلات التحاق الطلبة في المدارس"، مبينا ان "اللجنة في محافظة ذي قار تضم عددا من ممثلي الدوائر الحكومية متمثلة بتربية ذي قار والشرطة المجتمعية والرياضة والشباب والصحة ناهيك عن منظمات مجتمعية وشخصيات اجتماعية مؤثرة في محيطها الاجتماعي".
مبينا ان "اللجنة اختارت في بداية عملها عينة من المدارس تتكون من 22 مدرسة لتطبيق مفردات البرنامج المعتمد في هذا المجال"، واردف ان "تطبيق البرنامج في المدارس المذكورة اسفر عن اعادة 70 تلميذا متسربا الى مقاعد الدراسة حتى الان وان ذلك كان حافزا للتوسع بتطبيقه ليشمل مدارس اخرى"، لافتا الى ان "معدلات التسرب في قسم تربية الناصرية تشكل 2 بالمئة من اعداد طلبة المدارس". وينتظم نحو 700 ألف تلميذ وطالب في مدارس محافظة ذي قار البالغة 1169 بناية مدرسية، وما زالوا يكابدون وبصورة يومية من مشاكل جمة أبرزها اكتظاظ الصفوف الدراسية والدوام الثنائي أو الثلاثي ناهيك عن تقادم عمر الابنية وافتقارها لأساسيات نجاح العملية التربوية.
وعن ابرز فقرات برنامج الحد من التسرب قال مدير قسم تربية الناصرية ان "البرنامج المعتمد يتضمن اجراءات ومتابعات ميدانية وزيارات للمدارس واسر الطلبة المتسربين للوقوف على الاسباب التي دفعتهم لترك الدراسة والاستعانة بمنظمات مجتمعية ومختاري المناطق واصحاب رؤوس الاموال واشراكهم في عمل اللجنة لغرض تقديم المساعدة المادية والاجتماعية للأسر الفقيرة التي يضطر ابناؤها على ترك الدراسة بسبب العوز"، لافتا الى ان " العوز المادي والتنمر والخلافات الاسرية كانت من ابرز الاسباب".
واكد الابراهيمي ان "التسرب يشكل احد الاسباب الرئيسة لارتفاع معدلات الامية في المحافظة".
وكانت لجنة التربية والتعليم العالي في مجلس محافظة ذي قار حذرت في الـ(19 ايلول 2017) من ارتفاع معدلات تسرب الطلبة من مقاعد الدراسة وتفاقم مشكلة الأمّية على خلفية صدور قرار وزاري يقضي بتقليص حصة الطلبة من القرطاسية واقتصار توزيعها على الصفوف الثلاثة الأولى في المدارس الابتدائية، فيما عدت اللجنة القرار بأنه يشكل تهديداً لمكاسب التعليم المجاني وإلزامية التعليم.
ومن جانبه حذّر مدير مكتب مفوضية حقوق الانسان في ذي قار الحقوقي عبد الحسين داخل المشرفاوي من ارتفاع معدلات تسرب الطلبة والتلاميذ من مختلف المراحل الدراسية واوضح لـ(المدى) قائلا إن "مظاهر ارتفاع معدلات التسرب من مقاعد الدراسة في محافظة ذي قار باتت من أبرز المؤشرات السلبية التي تدعو الى القلق على حق المواطن بالتعليم ومستقبل الاجيال القادمة"، عازياً "أسباب التسرب الى جملة من العوامل ابرزها الاوضاع الاقتصادية وارتفاع معدلات الفقر الى اكثر من 45 بالمئة في المحافظة ناهيك عن تحول المدارس الى بيئة طاردة".
واوضح المشرفاوي ان "معدلات التسرب تتراوح ما بين 5 الى 10 بالمئة في مدارس المحافظة وان اشد ما يقلق هو تسرب تلاميذ المدارس الابتدائية"، مبينا ان "ذلك من شأنه ان يلحق ضررا كبيرا بمستقبل التلاميذ المتسربين".
وشدد مدير مكتب مفوضية حقوق الانسان على "ضرورة تخصيص منحة مالية لطلبة المدارس لغرض تشجيعهم على الدراسة ووفق ما اقره مجلس النواب في دوراته السابقة ولاسيما للاسر الفقيرة"، مؤكدا ان "العوز المادي وعدم قدرة الاسر الفقيرة على تحمل اعباء وتكاليف الدراسة يدفع بالكثير من الاسر الى التساهل مع مظاهر التسرب".
وبين ان "بعض الاسر الفقيرة والكبيرة العدد تضطر في كثير من الاحيان الى اجبار البعض من ابنائها على ترك الدراسة وابقاء البعض من اجل التخفيف من تكاليف الدراسة"، مشيرا الى ان "المتسربين من هذه الاسر يضطرون الى العمل لمساعدة اسرهم في تأمين المال اللازم لاستكمال دراسة اشقائهم وتوفير مستلزماتهم من القرطاسية والملابس وغيرها من المتطلبات الاخرى".
وكانت منظمات مجتمعية قد حذّرت في وقت سابق من مخاطر التفاوت الطبقي في التعليم عبر التضييق على الطلبة الفقراء والالتفاف على قانوني مجانية التعليم والزاميته، عازين ارتفاع معدلات تسرب الطلبة من المدارس الى زيادة معدلات الفقر في المحافظة.
وعن اثر البيئة المدرسية في ارتفاع معدلات التسرب قال مدير مكتب مفوضية حقوق الانسان إن "تدهور البنى التحتية واكتظاظ الصفوف الدراسية والدوام الثلاثي وافتقار المدارس للساحات والقاعات النظامية تجعل من المدارس بيئة طاردة"، مبينا ان ذلك من شأنه ان "يحول دون تنمية مواهب الطلبة ويحد من عطائهم نتيجة عدم ممارسة الطلبة للنشاطات اللاصفية كالتربية الرياضية والفنية والكشفية كون الدوام الثلاثي يقلص من الوقت المقرر للتدريس وهو ما يضطر إدارات المدارس الى التجاوز على دروس الرياضة والتربية الفنية لصالح الدروس العلمية والدروس الأخرى".
وأشار المشرفاوي الى أن "حرمان الطلبة من النشاطات اللاصفية والترفيهية جعلهم أقل رغبة بالدراسة وحرمهم من تنمية مواهبهم وبالتالي جعل من المدارس بيئة طاردة".
ويواجه قطاع التعليم في المحافظة جملة من التحديات من بينها نقص الأبنية المدرسية وتقادمها واكتظاظ الفصول والقاعات الدراسية ونقص الملاكات والاختصاصات التعليمية.
وكان المشاركون في ندوة إصلاح التعليم التي نظمتها الجماعة المطلبية في ذي قار يوم الاحد (7 تشرين الاول 2018) على حدائق جمعية الاقتصاديين، حَملوا الأحزاب السياسية المتنفذة مسؤولية انهيار التعليم وارتفاع معدلات الامية وإشاعة التخلف في المجتمع، فيما شددوا على أهمية اعتماد الكفاءة والخبرة في مجال إدارة التعليم بدلاً من الولاء الحزبي لشغل المناصب.