علي الياسري
يعتقد الممثل بن افليك في حوار لمجلة فرايتي ان العالم بات مكان قاسي وقبيح، وأنه يشعر بالكثير من الرضا لمساهمته في حقن العالم بهذا الفيلم. حقيقة كلام افليك تشير الى اختلاف الزمن كثيرا للحد الذي فقدت فيه العوائل والمجتمع اواصر تواصل مهمة
كانت تبدأ من ألفة المكان ورواده وتمر على التكافل الاسري معنويا وماديا ولا تنتهي بالتواصل العاطفي والثقافي لتُسهل من تعقيدات العيش وتبني ارواح حقيقية تمتاز بسمتها البشرية قبل اي عالم مادي افتراضي كونته تقنيات وخوازميات جعلت فيه التواصل لعبة مموهة بالبعاد والانفصال عن شعور اصيل مضت معه الانسانية لقرون عديدة وهي تحمل اسرار الوجود تتناقلها الاجيال بلمسات حضارية دون ان تتجرا على تخريب جوهرها مثلما فعلت بنا تكنلوجيا الالفية الجديدة وذكاؤها الصناعي المستحوذ على حياتنا. يلعب افليك ببراعة دور الخال الوالد بغياب الاب المُتخلي عن مسؤولياته والام المضطربة نفسيا بسبب مشاكل الزواج لتصبح حانة ديكنز والتي تمثل ارث ادبي يحتفي بما كتبه تشارلز ديكنز وتمثل واحة ثقافة ستخلق من الصبي جونيور انسان مميز مستقبلا تؤثر فيه شخصية الخال تشارلي مالك الحانة بشكل كبير. الفيلم مبني على مذكرات الكاتب جي ار مورينغر ويدير فيه الاخراج جورج كلوني الذي ينجح في النصف الاول الى حد ما في تقديم الشخصيات وخطوط الحكاية بشكل يتسم بروح الكوميديا المعتمدة على دراما الموقف وطبيعة الشخوص لكنه بدل البناء على ذلك والتعمق في شكل الحقبة وطبيعة السلوك ينحدر الى شيء من الميلودراما السطحية والتي لا تغني الحكاية ولا تثمر عن نسيج درامي اصيل في النصف الثاني من الفيلم. خيبة كان يمكن تجنبها بالارتكان على البداية الصحيحة غير انه وكاتب السيناريو ذهبا للبناء على الشخصية الرئيسية وتركوا شخصيات العائلة والاصدقاء ورواد البار وتلك الحوارات والقفشات تمضي دون الامساك بوهجها لمواصلة جذوة روح تنتج عملا اصليا يقارن بين السلوك الادمي في الازمان قبل بضعة عقود بمواجهة حقيقة صعود التوحش والانحدار السلوكي والاخلاقي والصخب والازدراء لكل ما هو انساني بعالمنا الحالي.