عمـار سـاطع
بينما كان الجميع يَحتفل بافتتاح الصرح الكروي الجديد بنادي الزوراء، زعيم الأندية العراقية تتويجاً بالألقاب، عبر تدشين الملعب الذي طال انتظاره طويلاً، قبل أن يرى النور بعد عقدٍ كاملٍ من الزمن في العمل به، فإن سؤالاً مُهمّاً تبادر الى الأذهان؟ ماذا عن أنديتنا الجماهيرية من تلك التي تمتلك قاعدة عريضة من المشجّعين والمؤازرين والمُحبّين، لكنها للأسف الشديد لم تتمكّن حتى الآن من بناءِ ملعبٍ يُمكِّنُ فِرَقِها من اللعب فيه؟!
وبقدر أفراح تلك الاصوات التي تعالت وابتهجت ووصل صداها من نهر دجلة في جانب الكرخ الى أبعد نقطة في رصافة بغداد، قبل يومين، حيث المشهد المُبهِر المُبسّط في ذلك الافتتاح الذي يكاد أن يكون فأل خير على أنديتنا، وبقدر امتزاجها بأحزان غياب نجوم اللعبة من الذين مثّلوا نادي الزوراء لسنوات طويلة وفقدناهم قبل أعوام، فإن ذلك كُلّه يُفترض أن يكون دافعاً لأنديتنا التي تمتلك تأريخاً وعُمقاً في مساحة اللعبة الشعبية الأولى عنّدنا، من أجل التفكير جلّياً لبناء صروح كروية لغدٍ أفضل!
نعم.. إن الجانب الأهم في افتتاح ملعب نادي الزوراء، مدرسة الكرة العراقية، يتمثّل بضرورة أن تقوم أندية تتبع المؤسّسات الحكومية أو التي تمتلك مالاً وفيراً الى بناء ملاعب تقترب من صرح الزوراء الجديد أو تضاهي ملاعب أخرى، من أجل أن يكون لها استقلاليّة واضحة وتُسجّل لنفسها سطراً للتاريخ على أنها حقّقت شيئاً مهمّاً لخدمة اسم النادي وشعاره ووفّقت في تحقيق الانجاز المتمثّل بكتابة نصوص العُمْر الفعليّة، بدلاً من البحث عن الانجازات والألقاب!
من المؤسِف حقّاً أن نصل الى مرحلة نطالب فيه مجالس إدارات أنديتنا الرياضيّة بالتفكير في وضع ستراتيجيّة لبناء ملعب أو رسم خُطط بعيدة المدى من أجل التأسيس لبناء ملعب كرة القدم نظامي يُبهر الحاضرين ويُقنِع القائمين ليكون ضمن أولويات البحث عن التأريخ الذي يجب أن يبدأ سواء اليوم أو غداً ليُثبت للجميع أن الإنجاز ليس إنجاز الانتصار، بل الإصرار والتحدّي عنواناً لإدارات الأندية في تحقيق الأهم وهو بناء الصروح والتباهي أمام الآخرين والتأسيس لِقاعدة رصينة، بدلاً من جلب محترفين ودفع الأموال أو تغيير المدرّبين وتسعيرهم بمبالغ عبر سماسرة ووسطاء همّهم بعيد كل البُعد عن الواقع الذي يُفترض أن يكون!
لقد أثار الخبير الكروي، الأكاديمي نزار أشرف، النجم الدولي الأسبق، أثار فينا جميعاً، أثناء تحليله الفني لمباراة الزوراء والديوانية، في افتتاح الملعب، الكثير من الشجون، ووضع يده على العلّة بطريقة ذكيّة، فهو تعامل أثناء حديثه مع ما يحدث من قصور إداري واضح من إدارات الأندية مع منشآتها ومقارها، في إشارة الى افتتاح ملعب الزوراء الذي يفترض أن نراه مع أندية عريقة وكبيرة مثل القوة الجوية والشرطة والطلبة، وغيرها من أندية كان تواجدها يمثّل عُمقاً من حيث التنافس مع أقوياء الأندية المعروفة، أو ربّما كانت مشاركتها تُعد بُعداً مميّزاً وكان حضورها مميّزاً بهويّتها وأسماء لاعبيها، ويعطي نكهة وحلاوة للمنافسات!
والسؤال الأهم.. هل يُعقل أن يبقى نادٍ مثل القوة الجوية، أعرق أندية العراق حيث تأسّس عام 1931 بملعبٍ يُحاكي تأريخاً قصيراً لا يصل الى درجات طموح انصار الصقور؟ وكذلك الحال ينسحب على نادي الشرطة الذي هدم ملعبه الذي بَنَتهُ سَواعد حَمْلَة د.عبد القادر زينل بطريقة (حُب الانتماء للقيثارة) قبل 32 عاماً، وبقي النادي من دون ملعبه (القفص) يتنقل من هذا الملعب الى ذاك، وكذلك الحال ينسحب على نادي الطلبة، فَمَلعبه الذي بُنيَ في زمن عبد السلام الكعود، ما يزال بعيد عن احتضان المباريات، ويظهر بشكلهِ غير الأنيق الذي يفترض أن يليق بالأنيق.
فعلاً.. البداية مع الزوراء، الذي انتظر عشرة أعوام تماماً بعد أن عَمَّرَ ملعبه بإرادة أبنائه، يتقدّمهم النجم الراحل أحمد راضي وبقية النوارس التي ثابرت من أجل إتمامه، قبل أن يتم هدمه لبناء الملعب الذي افتتح قبل يومين، ونجحت جهود المسؤولين متمّثلة بوزير الشباب والرياضة عدنان درجال في إكمال اللمسات الأخيرة التي من شأنها تظهره بهكذا صورة جميلة.
من هنا نُطالب الجهات المعنيّة بضرورة إيجاد صيغة أمثل وضوابط واضحة بهدف الدفع بعجلة بناء ملاعب على غرار ما تحقّق مع الزوراء، حتى ترفع بغداد الحبيبة وغيرها من مُدن محافظات البلاد، شعار (ثورة بناء الملاعب) لتكون عنواناً نفلح من خلالها تشييد الصروح الكروية والقلاع التابعة لكل نادٍ رياضي، شريطة الأولوية والأسبقية.