علي حسين
منذ أيام والجميع يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " علامة " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش ورزق، ثم جاء ماركس ورفيقه إنجلز ليعلنا أنهما سيحفران قبر آدم سميث ويعلنان سقوط أفكاره الرأسمالية.
ولأننا في بلاد علمت البشرية العد من الواحد إلى العشرة، فأننا اليوم نريد أن نعلن للرأسمالية، ومعها عدوتها الاشتراكية، أن الاقتصاد لا يعني تجارة ولاصناعة ولا زراعة. إنه حسب نظرية النائب السابق وصاحب مصرف الهدى، المتاجرة بالعملة والتي لولاها كما أخبرنا "حمد سميث" ذات يوم ، لما استطاعت الحكومة أن تدفع الرواتب للموظفين. إذا سألتني هل فهمت شيئاً من خبراء الاقتصاد البرلماني بدءاً من هيثم الجبوري ومروراً بمثنى السامرائي، سأقول لك إنني ما أزال أعاني في حلّ لغز كتاب ماركس رأس المال، لكنني في النهاية استطعت أن أدرك أنّ قيمة أيّة سلعة تساوي قيمة العمل الذي استغرقته، أما قيمة العمل الذي يقوم به أصحاب المشاريع الوهمية وصفقات الغرف المغلقة، فهو أن تربح ملايين الدولارات عن طريق الاحتيال فقط.
أنظر جنابك لما يحدث في هذه البلاد، حكومة وراء حكومة لم تبد أي منها حماسة لحل مشاكل الناس، ونجدها دائماً تبدي عجزاً وصمتاً عن الوصول إلى حلول لمشكلات عاجلة يعاني منها المواطن، ولا يبدو مثلاً أن هذه الحكومات المتتالية قد واجهت مشكلات الزراعة والصناعة بما تتطلبه من حلول عاجلة، سواء فى إعادة بناء المصانع التي هدمتها الحرب أو تشجيع القطاع الخاص على إقامة مشاريع صناعية وزراعية، وقبل أن تسألني لماذا لم تواجه هذه الحكومات المتتالية مشكلة غياب المنتوج المحلي والاعتماد على الاستيراد ؟ ، عليك أن تعرف عزيزي القارئ أن معظم أحزابنا تعمل بالتجارة ويهمها أن ينتعش الاستيراد وتذهب دولارات النفط إلى جيوب دول الجوار، وأن يظل الاقتصاد العراقي مرتبطاً ببورصة الكفاح والحارثية وبنوك مزاد العملة.
في كل مرة نسمع التعبيرات نفسها عن ثمار الزيادة في صادرات النفط، ولا ندري كيف يمكن إقناع الفقراء بأن ثمار رفع أسعار الدولار ستعود عليهم بالمدارس النظيفة والسكن اللائق، والقضاء على البطالة.. أيها السادة لو كانت هناك ثمار للإصلاح الاقتصادي، فيجب أن تبدأ هذه الثمار بملاحقة حيتان الفساد الذين يسيطرون على الاقتصاد ومفاصل الدولة، وأن الشعب سيصفق ويؤيد ، لو أخبره عن مافيات مزاد العملة، الناس تريد أن تسمع حقائق لا خطباً، تريد أن تطمئن على مستقبل أبنائها لا على مستقبل أعضاء البرلمان والحكومة، تريد سكناً محترماً وضماناً صحياً واجتماعياً ووظيفة مناسبة ومياهاً نظيفة.
تخيل جنابك أن بعض النواب يخافون على الاقتصاد العراقي في الوقت الذي مارسوا فيه نهباً منظماً لثروات العراق وجعلته بلداً يفرح عندما تمنحه اليابان قرضاً بمئة مليون دولار؟