TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: قتلوا الاقتصاد وأحيوا اللصوصية

العمود الثامن: قتلوا الاقتصاد وأحيوا اللصوصية

نشر في: 19 فبراير, 2022: 11:34 م

 علي حسين

منذ أيام والجميع يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " علامة " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش ورزق، ثم جاء ماركس ورفيقه إنجلز ليعلنا أنهما سيحفران قبر آدم سميث ويعلنان سقوط أفكاره الرأسمالية.

ولأننا في بلاد علمت البشرية العد من الواحد إلى العشرة، فأننا اليوم نريد أن نعلن للرأسمالية، ومعها عدوتها الاشتراكية، أن الاقتصاد لا يعني تجارة ولاصناعة ولا زراعة. إنه حسب نظرية النائب السابق وصاحب مصرف الهدى، المتاجرة بالعملة والتي لولاها كما أخبرنا "حمد سميث" ذات يوم ، لما استطاعت الحكومة أن تدفع الرواتب للموظفين. إذا سألتني هل فهمت شيئاً من خبراء الاقتصاد البرلماني بدءاً من هيثم الجبوري ومروراً بمثنى السامرائي، سأقول لك إنني ما أزال أعاني في حلّ لغز كتاب ماركس رأس المال، لكنني في النهاية استطعت أن أدرك أنّ قيمة أيّة سلعة تساوي قيمة العمل الذي استغرقته، أما قيمة العمل الذي يقوم به أصحاب المشاريع الوهمية وصفقات الغرف المغلقة، فهو أن تربح ملايين الدولارات عن طريق الاحتيال فقط.

أنظر جنابك لما يحدث في هذه البلاد، حكومة وراء حكومة لم تبد أي منها حماسة لحل مشاكل الناس، ونجدها دائماً تبدي عجزاً وصمتاً عن الوصول إلى حلول لمشكلات عاجلة يعاني منها المواطن، ولا يبدو مثلاً أن هذه الحكومات المتتالية قد واجهت مشكلات الزراعة والصناعة بما تتطلبه من حلول عاجلة، سواء فى إعادة بناء المصانع التي هدمتها الحرب أو تشجيع القطاع الخاص على إقامة مشاريع صناعية وزراعية، وقبل أن تسألني لماذا لم تواجه هذه الحكومات المتتالية مشكلة غياب المنتوج المحلي والاعتماد على الاستيراد ؟ ، عليك أن تعرف عزيزي القارئ أن معظم أحزابنا تعمل بالتجارة ويهمها أن ينتعش الاستيراد وتذهب دولارات النفط إلى جيوب دول الجوار، وأن يظل الاقتصاد العراقي مرتبطاً ببورصة الكفاح والحارثية وبنوك مزاد العملة.

في كل مرة نسمع التعبيرات نفسها عن ثمار الزيادة في صادرات النفط، ولا ندري كيف يمكن إقناع الفقراء بأن ثمار رفع أسعار الدولار ستعود عليهم بالمدارس النظيفة والسكن اللائق، والقضاء على البطالة.. أيها السادة لو كانت هناك ثمار للإصلاح الاقتصادي، فيجب أن تبدأ هذه الثمار بملاحقة حيتان الفساد الذين يسيطرون على الاقتصاد ومفاصل الدولة، وأن الشعب سيصفق ويؤيد ، لو أخبره عن مافيات مزاد العملة، الناس تريد أن تسمع حقائق لا خطباً، تريد أن تطمئن على مستقبل أبنائها لا على مستقبل أعضاء البرلمان والحكومة، تريد سكناً محترماً وضماناً صحياً واجتماعياً ووظيفة مناسبة ومياهاً نظيفة.

تخيل جنابك أن بعض النواب يخافون على الاقتصاد العراقي في الوقت الذي مارسوا فيه نهباً منظماً لثروات العراق وجعلته بلداً يفرح عندما تمنحه اليابان قرضاً بمئة مليون دولار؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العراق إلى أين ؟؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

 علي حسين كان العراقي عصمت كتاني وهو يقف وسط قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، يشعرك بأنك ترى شيئا من تاريخ وخصائص العراق.. كان رجل الآفاق في الدبلوماسية وفي السياسة، حارساً لمصالح البلاد، وحين...
علي حسين

قناطر: بغداد؛ اشراقةُ كلِّ دجلةٍ وشمس

طالب عبد العزيز ما الذي نريده في بغداد؟ وما الذي نكرهه فيها؟ نحن القادمين اليها من الجنوب، لا نشبه أهلها إنما نشبه العرب المغرمين بها، لأنَّ بغداد لا تُكره، إذْ كلُّ ما فيها جميل...
طالب عبد العزيز

صوت العراق الخافت… أزمة دبلوماسية أم أزمة دولة؟

حسن الجنابي حصل انحسار وضعف في مؤسسات الدولة العراقية منذ التسعينات. وانكمشت مكانة العراق الدولية وتراجعت قدراته الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وانتهى الأمر بالاحتلال العسكري. اندفعت دول الإقليم لملء الفراغ في كواليس السياسة الدولية في...
حسن الجنابي

إدارة الاقتصاد العراقي: الحاجة الملحة لحكومة اقتصادية متخصصة

د. سهام يوسف بعد مصادقة المحكمة الأتحادية على نتائج الانتخابات الأخيرة، يقف العراق على أعتاب تشكيل حكومة جديدة. هذه الحكومة ستكون اختبارًا حقيقيًا لإصلاح الاقتصاد العراقي المتعثر، حيث تتوقف عليه قدرة البلاد على مواجهة...
سهام يوسف علي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram