خاص/ المدى
بشكل شبه يومي، تعلن السلطات الأمنية والصحية في البلاد، عن حالة أو محاولة انتحار، في مدينة ما لشخص ما، وعادة ما تكون الحالة مسجلة بين صفوف فئة الشباب ذكورا وإناثاً على حد سواء، أمر عزاه مختصون وناشطون في مجال حقوق الإنسان، إلى البطالة وسوء المعيشة وظروف عائلية وأخرى تتعلق بانتشار المخدرات.
وبلغت حالات الانتحار المسجلة رسمياً لدى وزارة الداخلية، خلال العام الماضي 772 شخصاً، بارتفاع أكثر من 100 حالة عن العام 2020 الذي سجل فيه 663 شخصا.
حالات جديدة
ورصدت وكالة (المدى) حالات الانتحار في البلاد، منذ مطلع العام الجاري، أي خلال الشهرين كانون الثاني وشباط، 43 حالة أو محاولة انتحار.
وبلغة الأرقام فإن المحافظات الجنوبية، وبالأخص محافظة ذي قار، هي الأكثر تسجيلا لحالات الانتحار والأعلى نسبة على مستوى البلاد.
ولعل أبرز حوادث الانتحار خلال العام 2022، تعود لمنتسبين أمنيين، حيث أقدم مفوض في الفوج الثاني التابع لطوارئ بغداد، على الانتحار بإطلاق رصاصة من مسدس (ميكاروف) روسي 8.30 في منطقة الرضوانية جنوبي العاصمة، إضافة إلى انتحار مفوض في شعبة استخبارات الكرادة، بإطلاق النار على نفسه مستخدما سلاحه الشخصي.
ووسط ظروف غامضة، أقدمت ابنة مقدم في وزارة الداخلية، تبلغ من العمر 21 عاماً على الانتحار، بواسطة إطلاق النار على نفسها من سلاح والدها ضمن منطقة العبيدي شرقي العاصمة بغداد.
ومن بين حوادث الانتحار الغريبة، تلك التي تتعلق بطالب إعدادية، في مقتبل العمر، من منطقة بغداد الجديدة شرقي العاصمة، الذي انتحر بواسطة سكب مادة البنزين عليه ومن ثم إضرام النار بنفسه دون أي مبرر أو دافع مسبق.
دوافع الانتحار
والانتحار هو المسار الأخير في نعش الصحة النفسية والعقلية، ويأتي في الدرجة الخامسة والأخيرة في تصنيف خطورة الأمراض النفسية، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.
وعن الانتحار، تجد الباحثة الاجتماعية نادية جعفر محسن، أن "الانتحار في العراق، يأخذ جوانب عدة منها سياسية واقتصادية واجتماعية".
وأوضحت محسن، خلال حديثها لـ(المدى)، أن "الجانب الاجتماعي هو الأكثر تأثيراً على الفرد العراقي، والذي يعد سبباً رئيساً تقف خلفه حالات ومحاولات الانتحار في البلاد"، لافتة إلى أن "الجانب الاقتصادي يأتي في المستوى الثاني، ويتمثل بالحرمان، فالتفاوت في المستوى الاقتصادي بالبلاد بعد عام 2003، وتردي المستوى المعيشي للطبقة المتوسطة والفقيرة تسبب أيضاً بارتفاع معدلات الانتحار في البلاد".
وأشارت الباحثة الاجتماعية، إلى أن "الجانب السياسي يأتي في المرتبة الثالثة، كأحد الأسباب المؤدية إلى الانتحار"، مؤكدة في الوقت نفسه، إحالة جرائم قتل بدوافع سياسية لأغراض تصفية الحسابات والخصوم، إلا أنها ترمى في خانة الانتحار كغطاء يخلي ساحة القاتل من الملاحقة القانونية والقضائية".
في المقابل، اعتبر الخبير في مجال حقوق الانسان فاضل الغراوي، ان "ظاهرة الانتحار في العراق، اخذت بالتزايد من سنة لأخرى"، لافتاً إلى أن "أسبابها ودوافعها باتت شبه واضحة ولا حاجة لذكرها".
وأشار الغراوي خلال حديثه لـ(المدى)، إلى أن "ظاهرة الانتحار باتت تستهدف شرائح مختلفة من المجتمع، لكن فئة الشباب من كلا الجنسين ماتزال الأكثر إقبالاً على الانتحار"، مؤشراً في الوقت نفسه، الى ان "الاستخدام السيئ لوسائل الاتصال والمواقع الاجتماعية، أحد أبرز الأسباب التي تساعد على زيادة حالات الانتحار".