TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: من صبيحة الشيخ داود إلى الاتحادية

العمود الثامن: من صبيحة الشيخ داود إلى الاتحادية

نشر في: 23 فبراير, 2022: 12:04 ص

 علي حسين

قبل أكثر من 90 عاماً قررت فتاة اسمها صبيحة الشيخ داود أن تصبح أول محامية في العراق، ولأنها ابنة رجل كات يتولى آنذاك وزارة الأوقاف وجدت من يطالبها أن تجلس في البيت، المفاجأة كانت مع الأب المتنور الذي لم تمنعه وظيفته الدينية من أن يقف في وجه الجميع معلناً :

إن ابنتي ستدخل الكلية ، ونحن نتذكر صبيحة الشيخ داود وحكايتها في اول الطريق هل كنا نتوقع يوماً أنه في هذه البلاد ستصدر أعلى محكمة قراراً يقول: لا جريمة إذا قرر الزوج أن يؤدب زوجته، ولم يشرح لنا القائمون على المحكمة الاتحادية نوع التأديب: هل هو باللكمات أم بالعصي أم مثلما يحدث اليوم من جرائم العنف ضد النساء؟.. فجميع هذه الأنواع متاحة للرجل قانوناً وشرعاً حسب تفسير المحكمة، التي وجدت أن المرأة بحاجة إلى تأديب! .

في هذا المناخ الفاشي ضد المرأة ، لم يعد عداد الانتهاكات ضد النساء يشغل أحدًا، كما أن منظر حرق فتاة او قتلها لا يهز وجدان الاحزاب المؤمنة التي يتصاعد خطابها الذي يرسخ مفهومًا متخلفا : لا يهم أن تقهر المراة وتستلب شخصيتها !! ، المهم أن تعيش التقاليد والاعراف .

اليوم ، الواقع يقول، إن حقوق المرأة مهدورة ليس فقط في الشارع والجامعات ودوائر الدولة وإنما في البيت والهدف أن تظل المرأة مواطنة من الدرجة الثانية ، وبامر اعلى سلطة قضائية في البلاد .

ولأنني أنتمي إلى بلاد يتعوذ فيها السياسي والمسؤول عندما يُذكر اسم المرأة أمامه. سأصدّع رؤوسكم مرة أخرى في موضوعة تجارب الشعوب، وأضع المقارنات والمفارقات بين ما جرى في بلاد الرافدين التي كانت أول بلد عربي يضع سيدة على كرسي الوزارة ، وأقصد نزيهة الدليمي، ويرفع من شأن النساء. في ذلك الحين كانت نزيهة الدليمي تؤكد في كل اجتماعات مجلس الوزراء، أن المساواة لا تعني فقط التعليم والحصول على فرص العمل، لكنها تغيير النظرة القاصرة التي ينظرها المجتمع إلى المرأة، باعتبارها ناقصة عقل ودين.

سيقول البعض يا رجل تحتل المرأة في العراق منذ سنوات ربع مقاعد البرلمان، لكن ياسادة للأسف تتشكل الحكومات وتنحل من دون أن ينتبه أحد إلى أن المرأة يجب أن تكون ممثلة فيها. والمؤسف أنه عندما أعطيت حقها البرلماني، طلب منها الساسة أن تظل مجرد رقم على الهامش، ويتم إذلالها وحرقها وإهانتها، ونقرأ في الأخبار أن أحزاباً وتكتلات سياسية عدة لا تزال تعارض قانون العنف الأسري.

ويعذرني القراء الأعزاء أن أقول إنني أشعر كعراقي بالإهانة، حين اقرأ قرار المحكمة الاتحادية حول تاديب الزوجة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram