علاء المفرجي
لم يكن فيلم كلينت ايستوود (masho cry) مخرجا، وممثلا، اغنية طائر التم له، فهو ما زال (ماتشو) السينما، ماتشو التي تعني في المكسيكية القوي مفتول العضلات.. وهكذا هو أيستوود وهو بعمر 91 عامل ما زال يعطي ويمتعنا بسحر فن السينما.. ولعله الممثل الوحيد في السينما الذي استمر يواصل عطاؤه في مثل هذا العمر.. درس يقدمه ايستوود لحبي السينما إضافة لدروسه في الخراج والتمثيل على مدى أكثر من ستة عقود.
يجسد كلينت إيستوود في الفيلم شخصية مايك ميلو، وهو نجم مسابقات رعاة البقر في تكساس، إنتهت مسيرته بعد إصابة شديدة في الظهر، وبدأ يقضي وقته في تربية الخيول وتدريبها. وبعد أن فقد وظيفته في عام 1979، قام رئيسه السابق هوارد بولك، بتكليفه بمهمة للسفر إلى المكسيك واستعادة ابنه رافائيل “رافو” بولك، الذي يعيش مع والدته ليتا، والتي جعلته يدخل عالم الجريمة.
أيستود بعد التسعين يصول ويجول في محراب السينما، ليقول انا هنا ومازال الوقت مبكرا لتقدم لكم اغنية التم، فالخيال مازال متقدا والوعي يعمل بسلاسة، فقط ان جسده لم يعد يحتمل عبء تسعين ربيعا، إلا بحركة بطيئة وبلسان يلفظ الكلمات وكأنها الهمس..
وكان ايستوود في فيلمه هذا يحكي بإيماء الجسد، والمشاعر الأنسانية، حكايته مع السينما، بل قصة حبه الصغيرة معها، لنجدها تتجلى في تلك الرقصة الجميلة مع مارتا (ناتاليا ترافين)، على ايقاع اغنية مكسيكية، وهو يتبادل معها الرقص محني الظهر، لتبدو صورة طريفة لهذا الحب.
كلينت ايستود حكاية غرام مع الكاميرا أمامها وخلفها، منذ مُسلسل الغرب الأَمريكيّ «روهايد»، وليس انتهاء ببكاء ماتشو، مروراً في ثُلاثيّة سِيرجيُو ليوني الشّهيرة «رّجُل بلا اسم»، وخِلالِ السّبعينيّات، والثّمانينيّات مثِّل العَدِيدُ مِن الأدوار الّتي اِتّخذ أغلبِها طابع أفلام الغرب الأمريكيّ، وأفلام الحركة، والإثارة بِصِفةٍ خاصّة، وفِي فتره التِّسعينيّات ومأ تَلاها قدّم عدداً من الأعمال، الّتي رشّحهُ لنيلِ العدِيد من الجوائِزِ. فَاز كلينت إيستوود بِجائِزتِي أُوسْكار عَام 1993 عن فِيلم «لَن أُسَامِح» كأفضل مُخرِج وأفضل فِيلم، وفَاز كذلِك في عَام 2005 بِجائِزتِي أوسكار عن فِيلم «مَليون دولار ياعَزِيزتي» كأفضل مُخرِج وأفضل فِيلم. ورشح ست مرات لهذ الجائزة، مثلما فاز بالغولدن غلوب ثلاث مرات مقابل اثنتى عشر ترشيحا لها بين افضل مخرج، وأفضل ممثل، وأفضل موسيقى، وأفضل اغنية.
يُعتبر كلِينت إيستُوود مِن المُمثّلُين والمُخرِجِين الأكثرُ احتراماً وشُهرة فِي صِناعة السِّينما، قدّم أكثر مِن 68 فيلماً ومسلسلاً تلفزيونياً إلى الآن عبِر مسِيرته الفنِّيّة. أخرجَ إيستوود مُعظَم أفلامه، ابتداءً مِن العَام 1971، كما أَنتجتها شركة مالباسو التي يُدِيرُها ويملِكُها. وأنتجتِ شركة وارنر بروس أحدٌ أكبر شركات الأفلام فِي العالم 40 فيلماً منها. وقد حققت تلك الأعمال مجموع إيرادات اجتازتِ 2274417129 دولار أَمريكيّ. وفِي إِحدَى حفلات التكريمٍ قيل له: “خِلال تِلكَ المسِيرةٌ، كُـنت تمتلك القُدرةُ دائمًا على إِسعادٌ الجماهِير، فِي جمِيع أنحاءٌ العالم”.
امتعنا في مراهقتنا بأفلام السباغيتي مع سيرجيو ليوني بمصاحبة عبقري موسيقى التصوير اينو موريكوني، مثلما أمتعنا ونحن كبار بأفلام مثل (فتاة المليون دولار) و(نهر غامض) و(السلطة المطلقة).. وغيرها.
في طفولتنا كنا نتلذذ بشرب الماء على طريقته في (ما أجل حفنة من الدولارات)، ونحاكي جرأته وشجاعته.. ومع انتاجه الجديد نردد: انها ليست اغنية التم له لأنه ببساطة لايزال أسمه ماتشو.