ذي قار / حسين العامل
اثار التهديد العشائري الذي تعرضت له ادارة مدرسة منار الهدى في قضاء كرمة بني سعيد (40 كم جنوب شرق الناصرية) استياء الاوساط التعليمية والمجتمعية اذ وصفته نقابة المعلمين بالاعتداء الآثم والسلوك الخطير الذي يقود المجتمع الى الهاوية، فيما وصفت ادارة الحكومة المحلية في القضاء المذكور الحادث بالمضخم اعلاميا.
ويأتي التهديد العشائري في الوقت الذي ما زال حقل الناصرية النفطي مغلقا منذ عدة ايام من قبل ابناء العشائر المطالبين بالتعيين.
وازاء ما تعرضت له ادارة المدرسة نظمت نقابة المعلمين والهيئات التعليمية في ذي قار يوم امس الثلاثاء (23 شباط 2022) وقفة احتجاجية امام قسم تربية قضاء سوق الشيوخ الذي تدخل المدرسة ضمن مؤسساته التعليمية، وقال نائب نقيب المعلمين في ذي قار حسن علي السعيدي لـ(المدى) ان "نقابة المعلمين نظمت وقفة احتجاجية لاستنكار الاعتداء الذي تعرضت له ادارة (مدرسة منار الهدى)"، مبينا ان "مديرية التربية قررت تعليق الدوام بالمدرسة المذكورة ووجهت قسم القانونية بتقديم شكوى الى المحاكم المختصة ضد المتورطين بالاعتداء".
وكانت نقابة المعلمين في ذي قار اصدرت بيان استنكار تابعته (المدى) وجاء فيه ان "نقابة المعلمين وكل الخيرين المحبين للعلم والتعلم والراغبين ببسط سلطة القانون والدولة تستنكر وتشجب الاعتداء الآثم الذي تعرضت له (مدرسة منار الهدى) في منطقة آل زياد بكرمة بني سعيد"، مبينة ان "مجموعة مسلحة خارجة عن القانون قامت بتهديد مدير المدرسة ومنعه من الدوام".
واضافت "وعندما تجاهل المدير هذا التهديد وقام بتأدية واجبه فوجئ بانتشار بعض الخارجين عن القانون حول المدرسة لمنعه من الخروج لعدم امتثاله لتنفيذ طلباتهم غير القانونية والمخالفة لجميع التعليمات"، مشيرة الى ان "إدارة المدرسة سبق وان تعرضت لضغوط وتهديدات متكررة وتم إخبار الجهات المختصة بها".
ودعت نقابة المعلمين "القضاء العراقي والقوات الأمنية وكل الخيرين والعشائر الأصيلة الى القيام بواجبهم تجاه الحد من الاعتداءات على صروح العلم والأسرة التربوية كون ذلك سلوك خطير يعصف بالمجتمع ويدفع به الى الهاوية"، مشددة على ان "تكون دوائر الدولة غير مسيرة من جهات أو أشخاص مهما كان نفوذهم".
وبدورها حذرت الاوساط التعليمية من تمادي الاشخاص والمجاميع المسلحة في التجاوز على الاسرة التعليمية والمؤسسات التربوية وقال الدكتور شهيد الغالبي لـ(المدى) ان "الاعتداءات المتكررة على الهيئات التدريسية والتعليمية مازالت مستمرة ومنذ عدة سنين وكنا نتوقع تفعيل قانون حماية المعلم للحد منها الا ان ذلك لم يتم"، مشددا "على ضرورة تفعيل القانون المذكور للحد من مظاهر العنف التي تستهدف المؤسسات التعليمية واداراتها".
واشار الغالبي الى ان "قانون حماية المعلم كان من جملة مطالب المعلمين التي اعلنوا عنها في تظاهراتهم ووقفاتهم وفعالياتهم المطلبية التي نظموها خلال الاعوام المنصرمة"، لافتا الى ان "التلكؤ في تنفيذه يجعل العملية التربوية تواجه المزيد من المخاطر والتحديات وتفاقم من حالة التردي التي تعيشها والناجمة عن تدهور البنى التحتية للمدارس والمؤسسات التعليمية".
ويهدف قانون حماية المعلمين والمدرسين والمشرفين والمرشدين التربويين رقم (٨) لسنة ٢٠١٨ الى حماية المعلمين والمدرسين من الاعتداءات والمطالبات العشائرية والابتزاز جراء قيامهم بأعمال الوظيفة الرسمية أو بسببها. وتنص المادة الرابعة منه على ان يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة واحدة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن مليوني دينار ولا تزيد على عشرة ملايين دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يعتدي على معلم أو مدرس أو مشرف أو مرشد تربوي أثناء تأديته لواجبات وظيفته أو بسببها، وان يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن اربع سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسة ملايين دينار ولا تزيد على عشرة ملايين دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يدعي بمطالبة عشائرية مخالفة للقانون ضد الشرائح المذكورة.
بالمقابل وفي حديث لـ(المدى) وصف مدير قضاء كرمة بني سعيد علي صالح الحلو الحادث الذي حصل في المدرسة المذكورة التي تقع ضمن الحدود الادارية للقضاء المذكور بالمضخم اعلاميا واوضح قائلا ان "مدير المدرسة حال تعرضه الى التهديد بادر بالاتصال هاتفيا بمركز الشرطة وضابط المركز بدوره وجه مفرزة قريبة من محل الحادث"، واضاف ان "المفرزة لم تعثر على اشخاص مسلحين قرب المدرسة ولم تلاحظ وجود تهديد جدي او اقتحام للمدرسة".
وبين ان "مدير المدرسة اقام دعوى قضائية ودونت اقواله قضائياً"، مبينا ان "ما حصل يعود لخلاف سابق بين مدير المدرسة واحدى الشخصيات الاجتماعية في المنطقة".
مبينا ان "الشخصية الاجتماعية سبق وان قدم شكوى للحكومة المحلية ضد مدير المدرسة وانها رفعتها بدورها الى مديرية التربية لكن للان لم تحسم بصورة نهائية".
واشار الحلو الى ان "نقل وقائع الحادث جرت بصورة مضخمة جدا من قبل مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام"، داعيا نقابة المعلمين ووسائل الاعلام الى التأكد من حقيقة ما حصل قبل الشروع بإصدار البيانات او التصريح للإعلام وتناقل الخبر.
وكانت نقابة المعلمين في ذي قار عقدت مطلع عام 2017 مؤتمراً حول الاعتداء المتكرر على الكوادر التربوية وسبل الحدّ منها تحت شعار (حماية المعلم واجب وطني وشرعي)، شارك فيه شيوخ ووجهاء العشائر، فيما دعا المشاركون فيه الى توفير بيئة آمنة تمكّن المعلم من إيصال رسالته الانسانية وتحدّ من المظاهر السلبية التي تستهدف العملية التربوية.