TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: رأس الشليلة !!

العمود الثامن: رأس الشليلة !!

نشر في: 2 مارس, 2022: 11:29 م

 علي حسين

لم تكن الفتاة السمراء البشرة التي ولدت في بغداد وعاشت طفولتها في الناصرية وصباها في الكوت، وشبابها في أروقة دار المعلمين العالية، ودرّست الأطفال في الأنبار تعلم أنها ستغيّر اسمها ذات يوم من فخرية عبد الكريم إلى "زينب"، وتقف إلى جانب فنان الشعب يوسف العاني في سعيد أفندي وخليل شوقي في النخلة والجيران لتروي حكايات العراقيين، وتنقل لنا صوراً عن نضال المرأة العراقية..

إسمحوا لي إذن في هذه الزاوية المتواضعة أن أتذكر اسماً تاه عنا، لكنه لن يتيه عن ذاكرة الوطن ، نتذكر زينب الفنانة والإنسانة والمناضلة.

بعد 24عاماً على رحيلها لا تزال الفنانة زينب علامة من علامات الزمن الجميل، وعَلماً من أعلام الوطنية في هذه البلاد التي لا تزال تعيش أحداث مسرحية يوسف العاني الشهيرة "راس الشليلة".

هل كانت زينب تعتقد يوماً أنّ أعلى سلطة قضائية في البلاد سوق تجيز تأديب الزوجة وضربها؟، وأن هذه البلاد بدلاً من أن تسير في طريق المعرفة والعمل أصر ساستها على أن يسيروا بها في طرق الطائفية والانتهازية؟، وهل كانت زينب وهي تقف شامخة على خشبة مسرح بغداد تروي حكايات الامل والمستقبل ، تتوقع أن العراقيين سينشغلون بعد عقود بحكايات عامر الكفيشي عن تحريم مصافحة المرأة، بينما تنسحب القيم الوطنية والثقافة إلى الوراء، مطاردة بتهمة الخروج على الأعراف الطائفية والعشائرية.

سيقول البعض ايها " الكويتب " مالك والنساء وقد حصلن اليوم على ربع مقاعد البرلمان .. ايها السادة في الشكل نبدو دولة حضارية متقدمة، النساء حصلن على نسبتهن في البرلمان، فيما الواقع يقول إننا ، في بلاد لا تحترم المساواة، ولا يرضى رجاله إلا بحق واحد هو السيطرة على كل شيء وأي شيء.

مشكلة الذين خاضوا حول السياسة هذه الأيام أنهم بلا ذاكرة وبحاجة إلى من يقرب لهم وقائع التاريخ، ومشكلتهم أنهم يخرجون غالباً بنتائج واحدة، وهي أن الحاضر أفضل بالنسبة للمرأة، وأكثر وعداً، وأكثر تقدماً. ولا أعرف كيف ينظرون إلى مثل هذه الظاهرة، خصوصاً أنهم لم يعرفوا التاريخ الذي يتحدثون عنه، صحيح أن المرأة لم تصل إلى البرلمان بهذه الكثافة، لكن نزيهة الدليمي كانت أول وزيرة عربية .

لا أعرف أوجهاً للمقارنة ولكنني أرى أن العراق الذي يتباهى قادته بأنه قاد عرس الديمقراطية في المنطقة، يحرم نصفه الجميل من حقه في أن يتولى مناصب وزارية وقضائية، وأن المحكمة الاتحادية تخلو من نون النسوة.

مرت زينب مثلها مثل نزيهة الدليمي ونازك الملائكة وعاتكة الخزرجي وصبيحة الشيخ داود مثل نسائم عذبة في عوالم المرأة والسياسة والفن والثقافة. ويوم نتذكر المرأة، كنا نتمنى أن تحتضن بغداد تمثالاً لفنانة الشعب زينب .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram