علاء المفرجي
في كتاب «روائيون عظام ورواياتهم» وهي بحوث أدبية قصيرة حول أعظم عشر روايات في العالم والرجال والنساء الذين كتبوها،
لسومرست موم وترجمة محمد حنانا، والصادر عن دار المدى، شرح موم بالتفصيل كيف جاء المشروع. في يوم من الأيام عندما كان في الولايات المتحدة، طلب منه محرر الكتاب الأحمر إعداد قائمة بأفضل 10 روايات في العالم، من وجهة نظره وهو ما فعله وفقًا لذلك، وأكثر من ذلك، أضاف أن القارئ الذكي سيحصل على متعة أكثر من قراءتها إذا تعلم فن القفز المفيد. وهنا يشير الى تجاوز المقاطع الطويلة المملة التي لا يؤثر حذفها على السياق العام.
تعتبر دراسات «موم» عن حياة وروائع عشرة روائيين عظماء أمثلة بارزة للنقد الأدبي في أفضل حالاته. حيث تتجلى هنا هنا بعض صيغ العظمة في هذا النوع، بالإضافة إلى العيوب والبدع التي تعوقه. فالكاتب خبير في الروايات، العشر روايات ومؤلفوها، هو بلا شك دليل فريد لا يقدر بثمن.
ضمت القائمة، «الحرب والسلام» لليو تولستوي، و»العجوز غوريو» لأنوريو دي بلزاك، و»توم جونز» هنري فيلدينغ، و»كبرياء وهوى» لجين اوستن، و»الأحمر والأسود» لستندال، و»مرتفعات ويذرينج» لأميل بونتي، و»مدام بوفاري» لغوستاف فلوبير، و»دافيد كوبرفيلد» لتشارلز ديكنز، و»الاخوة كارامازوف» لفيدور ديستوفسكي، و»موبي ديك» لهيرمن ملفيل.
وعن خلو القائمة من رائعة بروست (البحث عن الزمن الضائع) يقول سومرست موم: قد حصل تغيير واحد في قائمتي الأصلية، فقد كنت قد أنهيتها برواية مارسيل بورست (البحث عن الزمن الضائع)، ولكن لعدة أسباب حذفتها من السلسلة المقترحة، ولست نادما على ذلك، فرواية بروست هي الرواية الاعظم، في هذا القرن، لكنها طويلة جدا، وليس من الممكن، حتى مع الحذف المتطرف، اختصارها إلى حجم معقول.
والحديث حول أفضل عشر روايات في العالم، يرى سومرست موم أنها محض هراء. فليس ثمة افضل عشر روايات في العالم. بل هو يرى: ربما تكون هناك مئة رواية..
يرى سومرست موم هناك العديد من الأسباب التي تجعل رواية محدد أكثر جاذبية لشخص ما، حتى لو تمتع بحكم سليم، ينسب اليه جدارة بارزة. ربما يكون قد قرأها في زمن ما من حياته أو في ظروف كان فيها عرضة للتأثر بها، أو قد تكون ثيمتها أو خلفيتها تمتلك أكثر من أهمية عادية بالنسبة له بسبب ميله الخاص أو تداعياته الشخصية.
وباختياره لهذه الروايات، وجد سومرست موم عناصر عديدة يجب ان تتوفر في الرواية الجيدة، فهي كما يرى أن تتضمن ثيمة مهمة. «ليس فقط بالنسبة لحفنة من الأشخاص، سواء كانوا نقادا أو اساتذة، أو سائقي شاحنات، أو غاسلي صحون».. والعنصر الثاني كما يرى موم، هو أن تكون القصة متماسكة ومقنعة، وأن يكون لها بداية ووسط ونهاية، وأن تكون النهاية نتيجة طبيعية للبداية. وينبغي أن تكون سلسلة الأحداث محتملة الوقوع، وأن لا يكون هناك تطوير للثيمة فقط، بل ان تنمو من خلال القصة. وينبغي على الروائي أن يراعي الجانب الفردي للشخصيات التي أبتكرها، وأن تنبثق افعالها من شخصياتها.
وعن طول الروايات التي اختارها يقول سومرست موم: يبدو ان قراء الماضي كانوا أكثر صبرا من قراء اليوم،، فهناك بضع تسليات، وليهم الوقت الكافي لقراءة روايات طويلة تبدو لنا الان مفرطة في الطول. فربما لم تكن تزعجهم الاستطرادات والمقاطع الطويلة التي لا علاقة لها بالموضوع والتي تقاطع السرد.
وقد عمد موم الى حذف من هذه الروايات كل شيء باستثناء ما ترويه القصة التي اراد الكاتب سردها، والتي تعرض أفكاره المتعلقة بموضوعها، وتظهر بأمانة الشخصيات التي أبتكرها.